هناك أكثر من مليار شخص في العالم يعيشون على دخل يومي أقل من 1.25 دولار أميركي، وهو أعلى من خط الفقر المفترض الذي يستخدمه البنك الدولي لتقييم حالة الفقر في العالم. البنك الدولي يقول إنه يطمح لإنهاء "الفقر المدقع" بحلول عام 2030. لكن دراسة جديدة نشرتها مجلة الدراسات الاجتماعية الأميركية "جورنال أوف سوسيولوجي"، تؤكد أن الأرقام الحقيقية لعدد الفقراء في العالم قد تكون أكبر بكثير من تقديرات البنك الدولي، وتدعو إلى اعتماد تقديرات أدق وأكثر واقعية في المستقبل. تقول الدراسة الحديثة إن الأرقام التي يصدرها البنك الدولي يستخدمها المجتمع الدولي بشكل واسع ويعتمدها بشكل رسمي في تقييم حالة الفقر في العالم، وتلعب هذه الأرقام دوراً مهماً في وضع الاستراتيجيات الدولية لمحاربة الفقر وتقليص عدد الفقراء في العالم. لكن هناك كثير من الخبراء والمراقبين يقولون إن أرقام التقييمات التي يعمدها البنك الدولي خاطئة، لأن خط الفقر الذي يعتمد مبدأ "دولار في اليوم" اعتباطي وغير دقيق، وهو لا يستند بشكل كاف على أي مقاييس ومعايير تراعي الاحتياجات الرئيسة الحقيقية للإنسان. قام بإجراء الدراسة التي نشرتها مجلة "جورنال أوف سوسيولوجي"، باحثون من جامعة بريستول الأميركية في جزيرة فانواتو في المحيط الهادئ، وركزوا فيها على عدة عوامل تتعلق بمستوى حياة الإنسان، وأجروا تقييماً حول مدى تناسب دخل الفرد في هذه الجزيرة مع احتياجاته الأساسية مثل المأوى، والصرف الصحي، والماء، والمعلومات، والتغذية، والصحة، والتعليم. ويقول الباحثون إن هذه النظرة الواسعة تساعد على إعطاء صورة أوسع عن الفقر والحرمان وعدم المساواة بشكل عام. وتستنتج الدراسة التي نُشرت في 11 أبريل الجاري أن البنك الدولي يرسم صورة "وردية" لحالة الفقر في العالم، لأن خط الفقر الذي رسمه أقل بكثير من الواقع. تأتي نتائج هذه الدراسة الحديثة وسط جدل كبير حول مقياس "دولار في اليوم" المعتمد عالمياً لمراقبة التقدم الذي يتم إحرازه حسب معطيات "أهداف التطور الألفية" التي وضعتها الأممالمتحدة والتوجه المستقبلي لجدول أعمال ما بعد 2015. مقياس دولار واحد في اليوم تم رفعه إلى 1.25 دولار. تقول الدراسة إن حوالى 5% من الأطفال الذين يعيشون على جزيرة فانواتو يعانون من الفقر، بحسب مقياس (دولار واحد في اليوم). أما إذا تم تحديد خط فقر يعتمد على الاحتياجات الوطنية الأساسية من الغذاء فإن النسبة سوف ترتفع إلى 17%؛ أما الفقر المدقع، حيث يكون الناس محرومين من اثنين أو أكثر من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، فإن حوالى 16% من الأطفال في هذه الجزيرة يعانون منه. يقول الدكتور كريستوفر ديمينج، أحد الباحثين من كلية العلوم الجغرافية في جامعة بريستول، إن "النتائج التي توصلنا إليها تبين أن خط الفقر المعتمد حالياً في العالم، وهو دولار واحد في اليوم للفرد، لا يقيِّم بشكل دقيق مستويات الفقر العالمية. في إطار جزيرة فانواتو، تبين نتائجنا أن تقليل تقييم الفقر يصل إلى حوالى الثلث على الأقل بين السكان الذين تبلغ أعمارهم 17 سنة أو أقل". وتضيف الدراسة أن البنك الدولي لو أنه اعتمد على خط فقر يستند إلى الاحتياجات الأساسية، بدلاً من الخط الوهمي الحالي الذي يعتمد الناحية المالية فقط، فإن عدد الفقراء في العالم سوف يزداد بشكل كبير قد يصل إلى 30%. تُبين دراسة جامعة بريستول أهمية المعايير المعتمدة في قياس الفقر وأن مقاربات مختلفة يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على مستوى الفقر الذي يتم تحديده. ويدعو الباحثون البنك الدولي والمنظمات الدولية لاعتماد النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة في المستقبل لضمان تحليل أكثر دقة والحصول على صورة أكثر وضوحاً للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الدول النامية بشكل خاص.