نفى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، وجود أي منافسة بين فنيي الرواية والشعر، ذاهبا إلى أن الشعر تسجيل لحظة من الحياة، بينما الرواية مجموعة من المدن والمجتمعات بين دفتي كتاب. وأشار خوجة خلال افتتاحه مساء أول من أمس؛ فعاليات الدورة الخامسة من ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية تحت عنوان "الحركة النقدية السعودية حول الرواية" بمقر نادي الرياض الأدبي، إلى أننا الآن نعيش ما أطلق عليه بعض النقاد زمن الرواية، فالمبيعات التي تسجلها الرواية تفوق مبيعات دواوين الشعر، وأضاف في كلمته: ليس بغريب أن تزاحم الرواية الشعر، فالرواية ابنة المدينة وكل ما يعيش وينمو في المدينة المعولمة سيكون وقودا لحروف الرواية، يملؤها بالحروب وأشكال السلام، وبعراك المجتمعات فيما بينها، وصراع الطبقات الاجتماعية، ونحن بوصفنا مهتمين بالأدب والثقافة نرى ونراقب حجم الهجرات الكبيرة والعديدة من الريف إلى المدينة، فهل بوسعنا أن نقول إننا نراقب هجرة فنية من الشعر إلى الرواية ؟. وتطرق خوجة إلى مضمون الملتقى، متسائلا عن ماهية النقد، قائلا: لقي النقد الأدبي في الثقافة العربية عناية مبكرة بعد استقرار الشكل العام للقصيدة العربية ووضوح ماسمي بعمود الشعر، إلا أنه برغم ذلك قضى زمنا طويلا وهو يدور في فلك الانطباعية الخالصة، وأشار معاليه إلى أنه مع أننا نعيش في القرن الخامس عشر الهجري وقد ورثنا تراثا زاخرا بالعلم والأدب والثقافة، إلا أننا ما زلنا غير قادرين على التخلص من المفهوم السلبي لكلمة (نقد) لارتباطها لدينا بإظهار عيوب النص ونواقصه، ولم نستطع أن نعد النقد إنما هو سبر أغوار النصوص الأدبية واستجلاؤها، لبيان ما فيها من قيم جمالية ومعان عميقة، قد تكون خفيت على كثير من المتلقين، فالتبست عليها مهمة الناقد، هل هو يكتب لتسلية القارئ أم ليساعده على فهم العمل الفني وتذوقه ؟ وهل هو ينقض بكتاباته للنيل من الأديب أم ليساعده على الارتقاء بفنه في معارج الفن والفصاحة والبلاغة ؟ وهنأ خوجة "شخصية الملتقى هذا العام" الدكتورة سعاد المانع قائلا: أبارك لك هذا التكريم من نادي الرياض الأدبي، فدراستك عن سيفيات المتنبي مهدت الطريق لدراسات عديدة ليس في المملكة وحسب، بل وفي الوطن العربي، كما أن أنشطتكم العلمية والأدبية والثقافية والمنبرية، لدليل على هذه الروح المتحفزة للعطاء لوطنك وأمتك، فهنيئا لك بهذا التكريم شاكراً لنادي الرياض هذا التكريم، وأضاف: درج هذا النادي المبارك من خلال ملتقاه (ملتقى النقد الأدبي) على سنة حسنة، وهي تكريم شخصية من الشخصيات، وأحسب أن تكريم المرء في حياته، من دلائل المروءة والوفاء من قبل من يكرم، بل إنه سلوك حضاري أيضا، وينم عن صفات المكرم الفاضلة. من جهته، وصف رئيس مجلس إدارة نادي الرياض المشرف العام على الملتقى الدكتور عبدالله الحيدري في كلمته، الملتقى بأنه ينفرد من بين الملتقيات الأندية الأدبية جميعا بالتخصص في مجال النقد وتقويم الجهود النقدية السعودية وتحديد مسارها، وبيان أثرها إضافة إلى العناية بكل الدراسات النقدية العربية التي توجهت إلى النصوص الإبداعية السعودية. وأشار إلى أن الدورات الماضية صاحبتها طباعة كتب متخصصة في مجال النقد في المملكة، وأوضح بأن مجلس إدارة النادي في الدورة الحالية الخامسة أقر بتوصية من اللجنة التحضيرية تكريم الدكتورة سعاد بنت عبدالعزيز المانع بوصفها علمًا في النقد النسوي ورائدة نسوية معروفة في الحقلين النقدي والأدبي. وفيما ألقى الدكتور سحمي الهاجري كلمة المشاركين في الملتقى. عبرت الدكتورة سعاد المانع عن شكرها لوزير الثقافة والإعلام، ومنسوبي النادي الأدبي بالرياض، مشيرة إلى أن هذا التكريم لفتة كريمة نحو المرأة المثقفة في المملكة وما تؤديه من أدوار مختلفة متنوعة مستعرضة تاريخ تعليم المرأة في المملكة وحصولها على الشهادات العلمية منذ بداية تعليمها. عقب ذلك كرم خوجة الدكتورة سعاد المانع، وتسلم درعا تذكاريا قدمه الدكتور عبدالله الحيدري. ثم أدار رئيس اللجنة التحضيرية في الملتقى الدكتور صالح زيّاد الجلسة الأولى المخصّصة للشخصية المكرّمة شارك فيها كل من الدكتور صالح بن معيض الغامدي، والدكتورة هند المطيري والدكتورة منيرة المبدّل. وسلط الدكتور الغامدي في ورقته الضوء على أبرز ما ترجمته المانع في مجال الأدب والنقد، وما تُرجم لها إلى الإنجليزية مثل البديع وثنائية الشعر. وتناولت الدكتورة المبدل الاتجاهات البحثية عند المانع ووصفتها بأنها رائدة من رائدات التأليف والبحث النقدي في السعودية بل على المستوى الخليجي والعربي، وأشارت إلى أن العنوان للناقدة جعلت من المرأة شريكة للشعر والنقد ولا يغيب عن الأذهان ما للشعر من مكانة رفيعة عند العرب، وختمت بأن هذه التأملات في عناوين نتاج المانع مقاربة لمعرفة بعض جهودها العلمية في مجالات الأدب والنقد والبلاغة. وألقت الدكتورة هند المطيري قصيدة بعنوان (بانت سعاد) كان مطلعها: قام القصيد على اللسان خطيباً وتمايلت أعطافه ترحيباً ثم تحدثت عن الجانب الإنساني من شخصية المانع من خلال علاقتها الشخصية بها أستاذة ثم مشرفة على رسالة الدكتوراه وقالت: لن أستطيع أن آتي على كل ملامح هذا الجانب لأنها كثيرة وثرية وهذا عذري في عجزي عن الإحاطة. وأشارت إلى أن المانع أنموذج متميز متفرد في البذل والتعاون مع الدارسات في كافة المراحل في مختلف التخصصات. إلى ذلك انطلقت في فندق الهوليدي أمس، الجلسة الثانية بخمسة بحوث، تضمنت، إشكاليات تطبيق سوسيولوجيا الأدب: أطروحة "صورة المجتمع في الرواية السعودي" لمحمد أبو ملحة أنموذجا، لمحمد الكحلاوي، البنية الزمنية في الدراسات النقدية السعودية للرواية، محمد عبّاس محمد عرابي. النقد الأدبي للرواية السعودية في النشاط الإعلامي: الصحافة الإلكترونية أنموذجا، لأمل التميمي. النقد الروائي السعودي: ندرة التنظير وقلة التطبيق، صالح الصاعدي، والمنهج التاريخي في نقد الرواية السعودية، لليلى رضوان. بينما تختتم جلسات الملتقى اليوم بالتوصيات.