عند أجهزة الصراف وغيرها، باتت مشاهدة الملصقات التي تحمل أرقام هواتف من يسددون قرضك البنكي، ظاهرة، لطالما حذرت البنوك من التعامل معهم، وبرغم إزالة تلك الملصقات بشكل دوري، إلا أنها سرعان ما تعود. ويضطر بعض المتعثرين عن السداد، أو الذين هم بحاجة لقرض جديد إلى اللجوء لأولئك الوسطاء، إلا أن ما حدث في مدينة أبها، مختلف، وأشبه بأفلام جرائم المافيا، فعكس القاعدة تماما، وأصبح الجلاد ضحية، والضحية جلادا، وفق ما حصلت عليه "الوطن" من وثائق. فبعد أن أطاحت السلطات الأمنية في منطقة عسير مؤخرا بتشكيل عصابي، أبرز عناصره سيدة سعودية في الأربعين من العمر، يشاركها عدد من الأفراد جميعهم سعوديون، ظهرت تفاصيل مثيرة عن ممارستهم على مدار العامين الماضيين عمليات سلب متنوعة، أبرزها كان بحق عدد من الذين ينشرون أرقامهم لتسديد القروض. وفي التفاصيل، فإن المتهمة (خ، ن) كانت تتصل بهم أو بوسطائهم وتدعي حاجتها لتسديد قرض لها، أو استخراج قرض، وبعد أن يوافق الوسيط، تبدأ المتهمة في استدراجه والركوب معه في سيارته لاستدراجه إلى ما تزعم أنه منزلها، وأنها نسيت بطاقتها أو أوراقا رسمية أخرى، وبعد أن تصعد معه يتم عمل كمين له بالاتفاق مع شركائها، على أن يكون حاملا للمبلغ المتفق عليه، ويتم الاعتداء عليه بالضرب بعصا كهربائية، وتهديده بالسلاح، وإجباره على إجراء حوالات مالية لحساب المتهمة، ويوهمونه بأنهم إخوانها، وأنه متورط مع شقيقتهم في أمر آخر. ومن ضمن ما اطلعت عليه الصحيفة، فقد أحالت هيئة التحقيق والادعاء العام بمنطقة عسير ملف قضية سلب واختلاس واعتداءات على مواطنين ومقيمين، لجان في العقد الثالث من العمر (م، ف) وجانية في العقد الرابع من العمر (خ، ن) إلى المحكمة، بعد توجيه الاتهام لهما، بتكوين تشكيل عصابي منظم قام بتنفيذ عدد من قضايا السلب المختلفة بين أموال نقدية وعينية، يتم كل ذلك عن طريق الاتصال الهاتفي عن طريق "امراة"، بمشاركة آخرين، حيث يقومون باستدراج الضحايا، إلى أماكن خالية ومن ثم سلبهم تحت تهديد السلاح الناري وضربهم بجهاز صعق كهربائي وتسترهما على المشاركين معهما، وتضليلهما للجهات الأمنية وانتحال لشخصية رجال الأمن، ولا يزال بعض العصابة متواريا عن الأنظار، والبحث عنهم جاريا، بعض المتضررين أوضحوا أدق التفاصيل عبر بلاغتهم والخطط المحكمة لسلبهم. سداد القرض تقول المتهمة (خ، ن) إنها اتصلت بشخص اسمه أبو أريج يقوم بتسديد القروض، فأفاد بأنه يوجد بالمنطقة الشرقية، ولكنه سيكلف شخصا في منطقة عسير بالاتصال بها لتسديد قرضها، وبالفعل اتصل به مسدد القروض المواطن (غ، ق) سعودي الجنسية وعرض عليها تسديد قرضها مقابل حصوله على مبلغ 5 آلاف ريال. المجني عليه تقدم ببلاغ لمركز شرطة غرب أبها مفيدا تعرضه لعملية نصب، حيث حضر من محافظة ظهران الجنوب إلى أبها وسحب 80 ألف ريال، فيما كان معه في السيارة 4 آلاف ريال، واتصلت به تلك المرأة المتهمة (خ، ن) وطلبت منه أخذها من قرب أحد المستشفيات الخاصة بأبها إلى البنك لرغبتها في عدم علم إخوانها بالمبلغ الذي سوف تحصل عليه من القرض، فطلب منها أن تلحق به للبنك فقالت أنا كبيرة في السن اعتبرني مثل أمك، فحضر وركبت في سيارته في المرتبة الخلفية، وطلبت منه إيصالها إلى منزلها، لإحضار كرت العائلة. كمين منظم وسلب ويواصل الضحية (غ، ق) قائلا بعد دخولي الحي ومعي "المرأة" وجدت سيارة منتصف الشارع متوقفة مغلقة الطريق من أمامي وكانت هناك سيارة أخرى تسير خلفه من نوع "شفر ليت" أسود وحاصرته من الخلف، ثم نزلت المرأة من سيارته، ونزل من السيارة التي خلفه شخص وقام بفتح سيارة الضحية، وأخذ جوالين وبطاقة الأحوال وصراف الراجحي وأنزله من السيارة وضربه على وجهه وعلى صدره بعصا كهربائية. ويضيف الضحية "بعد ذلك حضر الشخصان من السيارة الأمامية التي تغلق الطريق، وأركباه السيارة الأخرى بالقوة، وقاد أحدهم سيارتي وبها 84 ألف ريال، وفيما دخلت المرأة العمارة المجاورة، أركباني في السيارة "الماليبو" وضرباني بعصا كهربائية، مرددين ماذا تريد من إختنا؟ فأوضحت لهم أن الأمر كله سداد قرض لها كما طلبت واقتنعوا بذلك، فقالوا إذا تريد أن ترجع سيارتك وفلوسك اذهب معنا للبنك وسدد القرض بدون فوائد، لاستخراج قرض جديد من نفس البنك". ويتابع "وافقت وذهبنا إلى البنك، ورأيت المرأة في سيارتي ثم دخلت البنك فرع السيدات وكلمها ذلك الشخص، وقال سوف نسدد القرض لاستخراج قرض جديد وحولت 245 ألف ريال لحساب المرأة المتهمة (خ، ن) وأحضر المتهم الأول (م، ف) مبلغ 80 ألف ريال وأعطاني لتحويلها على حساب "المتهمة" (خ، ن) ثم ذهب بي المتهم الأول (م - ف) إلى جبل نهران وتوقف برأس الجبل وأخذ رقم حسابي وأرسله إلى المتهمة (خ، ن) لكي تحول مبلغ 304.696 آلاف ريال بعد تنفيذ عملية القرض إلى حسابي". وذكر المدعي أنه كان يعتقد أن المتهم الأول هو بالفعل أخو المتهمة (خ، ن)، إذ ضربه بالعصا الكهربائية وأجبره على التوقيع والتبصيم على ورقة تثبت أنه استلم مبلغ المذكور نقداً والحقيقة أنه لم يستلم أي مبلغ، ويضيف في نهران حضرت سيارتي يقودها شخص آخر، وأعطاني المتهم الأول (م، ف) رخصة القيادة والصراف وبطاقات ائتمانية ومفتاح السيارة ثم لاذ الجميع بالفرار، ليتوجه بعدها للشرطة لتقديم بلاغ بالواقعة. كشف الحساب لاحقا أثبتت التحقيقات بعد الاطلاع على كشف حساب المتهمة (خ، ن) في بنك الراجحي اتضح تلقيها حوالتين من حساب المدعي (غ، ق) الأولى بمبلغ 224.500 ألف ريال، والثانية بمبلغ 80200 ألف ريال في نفس يوم البلاغ، في حين كشف السند الصادر من البنك بتاريخ نفس اليوم، سحب المتهمة (خ، ن) لمبلغ 305000 آلاف ريال، وبالاطلاع على البرنت الصادر لرقم الجوال والمسجل باسم المتهم الأول (م، ف) والذي اعترف لاحقاً أنه سلمه للمتهمة الثانية لاستخدامه، والرقم الآخر العائد للمتهم الأول والمسجل باسمه والذي يقوم باستخدامه تبين وجود أكثر من (60) اتصالا ورسالة بينهما بتاريخ يوم السلب. وبعرض المتهم (م، ف) على المدعي (غ، ق) تعرف عليه وأفاد أنه الذي حضر مع المتهمة (خ، ن) وسلبوه ومعهم آخرون. وتستمر الجرائم التشكيل العصابي أقدم على عمليات سلب أخرى تحت تهديد السلاح، ومنها وفق محاضر التحقيق، قضية حصلت أواخر العام الماضي، ضحيتها (أ، ف) بائع في محل للأدوات الكهربائية والمنزلية بأبها، تم الاعتداء على السائق أثناء نقله للبضاعة وسلب ما بحوزته من نقود، إذ أفاد بأن المتهمة (خ، ن) ومعها المتهم (ع، س) وأخذت بضاعة قيمتها 11700 ألف ريال وطلبت هي ومرافقها منه نقل البضاعة، ومن ثم دفع الحساب، وفي طريق إحدى الضواحي بأبها، تم اعتراض سيارة النقل من قبل أشخاص مسلحين وضرب السائق وسلب نقوده، وحضرت سيارة من نوع مازدا غمارتين موديل جديد ثم نزل السائق وقال أنا رجل بحث وأعادهم لسيارتهم وقال أحدهم إن البضاعة صادرتها الشرطة. جريمة أخرى نفذها التشكيل العصابي، تمثلت في سلب مقيم يعمل مندوب مبيعات للاتصالات ويعمل في بيع بطاقات "سوا" مسبقة الدفع لمبلغ 50 ألف ريال، تبين أن السيارة التي نفذت العملية هي من نوع "تاهو" أسود مستأجر باسم المتهمة (خ، ن)، وأن الشخص المخول بقيادته هو المتهم (م، ف)، وبحسب خطاب لإدارة التحريات والبحث الجنائي بمنطقة عسير، ومن خلال جمع المعلومات من المصادر السرية أن المتهم (م، ف) هو من قام بعمليات السلب تشاركه امرأة تقوم بالتنسيق لعملية السلب، فيما أكد خطاب من دوريات الأمن بمنطقة عسير أن الذي كان يقود السيارة "التاهو" هو المتهم (م، ف) وذلك وقت وقوع جريمة سلب المقيم (ح، س). لدغ من نفس الجحر في 03/09/1434، تقدم المواطن (ح، ق) سعودي الجنسية بعد أن علم أنه تم القبض على شخص يقوم بجرائم سلب ببلاغ يفيد فيه بأنه ورده اتصال من امرأة لا يعرف رقمها وطلبت منه قرضا بمبلغ 15 ألف ريال على أن يقوم بإعطائها بطاقات سوا، وطلب منها أن تعمل له استقطاعا من الراتب عن طريق البنك وأعطاها بيانات حسابه وبعد أربعة أيام اتصلت عليه، وقالت إنها في البنك وإن أوراق الاستقطاع جاهزة، فذهب لها لأخذ الأوراق التي تثبت الاستقطاع وعندما وصل إلى البنك لم تقابله ولم ترد على الاتصال، فذهب على طريق الحزام بأبها فإذا بسيارة من نوع كامري بيضاء يؤشر قائدها بالنور فتوقف ونزل منها المتهم (م، ف) وقال له إنه رجل أمن وطلب إثباتاته وأخذها وأخذ بطاقات سوا الموجودة معه وقيمتها 60 ألف ريال وأخذ مبلغ 11 ألف ريال كانت في السيارة وطلب منه اللحاق به إلى شرطة شرق أبها، فذهب للشرطة ولم يجد أحدا واكتشف أنها عملية نصب ولم يبلغ في حينه. ويضيف المواطن، وردني اتصال من امرأة للمرة الثانية وطلبت منه قرضا وكالمتبع طلب منها عمل استقطاع وأعطاها رقم حسابه في البنك واتصلت بعد ذلك وقالت إن أوراق الاستقطاع جاهزة، وطلبت منه الحضور لحي المنسك عند منزلها لاستلام أوراق الاستقطاع ووصفت له المنزل وعندما صعد للدور الثاني خرج عليه المتهم (م، ف) ومعه شخص آخر واعتديا عليه بجهاز صعق كهربائي لونه أسود واعتديا عليه بالضرب وأخذا مفتاح سيارته والجولات التي معه وأدخلاه شقة خالية من الأثاث وأغلقا الباب عليه، وطلب منه المتهم (م، ف) الاتصال على العامل الذي في مكتبه في خميس مشيط وطلب منه أن يقوم بإعطاء المرأة الموجودة عنده الآن بطاقات شحن بقيمة 15 ألف ريال، وتحت التهديد اتصل على العامل وطلب منه إعطاء المرأة البطاقات، وأفاد أنه يطالبهم بما مجموعه 86 ألف ريال وجوالا من نوع بلاك بيري وجوالا من نوع نوكيا. شرطة عسير تؤكد البلاغات والضبط من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير المقدم عبدالله علي شعثان، بأنه وردت عدة بلاغات عن تعرض بعض الأشخاص لسلب مبالغ منهم، وتكرر هذا العمل، وكثفت الشرطة تحرياتها لجمع أكبر قدر من المعلومات، حتى تمكنوا من تحديد هوية الأشخاص وضبطهم، ليحال ملف القضية لهيئة التحقيق والادعاء العام. المدعي العام يطلب حد الحرابة أحالت هيئة التحقيق والادعاء العام ملف القضية إلى المحكمة، ذاكرة أنها توصلت إلى أن ما قامت به المتهمة (خ، ن) وشركاؤها يعد انتهاكا لحرمات المسلمين وضربا من الحرابة والإفساد في الأرض، وهو فعل محرم معاقب عليه شرعا، نطلب إثبات ما أسند إليهما والحكم عليهما بحد الحرابة والواردة في الآية رقم (33) من سورة المائدة على ضوء قرار هيئة كبار العلماء رقم (85) في 11/11/1401.