بلغة العرفان ونبرة الشكر ونظرات الانتماء، استرجع السفير الإسباني في الرياض خواكين بيريث بيانويبا، ماضي بلاده وتلك البقعة من العالم التي كان للإسلام فيها صولات وجولات. وقال أمس خلال حديثه في ندوة "العلاقات السعودية الإسبانية.. آفاق وتطلعات"، ضمن أولى فعاليات معرض الكتاب الدولي 2014، إن من تبقوا من العرب في إسبانيا أوائل العصور هم المسلمون الذين أوصلوا الإسبان إلى ما هم عليه اليوم. وما أن خرج بيانويبا عن ذكريات بلاده، حتى ذهب للجانب السياسي بين المملكة وإسبانيا، مؤكداً أن بلاده على علم تام بأهمية القضية الفلسطينية لدى السعودية، مشيراً إلى أن علاقة مدريد بإسرائيل تكسوها اختلافات كثيرة بسبب القلق التي تولده إسرائيل تجاه فلسطين. وأوضح بيانويبا أن بلاده لا تزال تحاول التوصل إلى وضع دولتين تعيشان بسلام، لتحقيق الهدف الأهم وهو أن يحصل الشعب الفلسطيني على دولة كريمة. وأضاف بيانويبا "إسبانيا لها التزام كبير في تطور عملية السلام في فلسطين وهذه القضية مهمة للمملكة كذلك، والمودة والتقارب السياسي بيننا متقدمان، ونحن على علم بدور المملكة في السياسة الخارجية وهي تقوم بدور هام للسلم في المنطقة وإيجاد حلول للصراعات". وأشار بيانويبا إلى أن بلاده تعطي المملكة دورا بارزا في منطقة الشرق الأوسط، مضيفاً "ونحن على يقين بالدور الريادي الذي تلعبه المملكة وليس كونها الدولة المنتجة للنفط فقط والمصدر الأول له في العالم ولكن لعلاقتها القوية مع الدول عموماً". وأوضح أن هناك عددا من الجرائم التي تكافحها إسبانيا بالتعاون مع المملكة منها مكافحة الجرائم المنظمة والاتجار بالبشر، مؤكدا أن أبرز الخطوط المتقاربة بين البلدين هي في مشكلة الهجرة غير النظامية التي تتسبب فيها شعوب البلدان ذات الدخل المحدود ويأتون للمملكة وإسبانيا للبحث عن المعيشة، مضيفاً "نحن ننظر لهذا الموضوع بإنسانية ولكن نحاول أن نأخذ من الدول الصديقة حلولا لمكافحة الهجرة غير الشرعية". وثمن بيانويبا سياسات المملكة، مردفاً "نحن على دراية بالخطوات المتبعة لتحسين الصحة والاهتمام بدور المرأة سواء من ناحية العمل أو التعلم". من جهته أكد مدير عام معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية الدكتور عبدالكريم الدخيل خلال حديثه في الندوة التي أدارها الدكتور عبدالله العسكر، أن موجة التطرف وانتشار قيم العنف في العالم بعيدة عن أن تكون إسبانيا طرفاً فيها، مبيناً أن سياستها المعتدلة جعلتها الأجدر بأن تكون ضيف المملكة لمعرض الكتاب عام 2014. وأوضح الدخيل أن الطلاب السعوديين في إسبانيا يدرسون في 18 جامعة إسبانية، كاشفاً أن المملكة خلال السنوات المقبلة ستفتتح ملحقية هناك". اقتصاديا أكد الدخيل أن المملكة منذ 2009 وظفت 400 مليار دولار لإعادة البنية التحتية، مستدركاً أنه وبالمصادفة في ذلك الوقت كانت دول العالم عام 2008 قد شهدت ركوداً اقتصادياً، لافتاً إلا أن الإسبان وجدوا نصيباً وافراً من المشروعات التنموية في المملكة. وأكد العسكر أن إسبانيا هي الوريث الشرعي للحضارة الإسلامية في الأندلس، بالإضافة إلى أن العلاقات السعودية الإسبانية مستمرة منذ 60 عاما متجاوزة الاقتصاد، بالإضافة إلى أن التوجهات السياسية متشابهة بنين البلدين. وأشار العسكر إلى أن الإسبان يقرؤون 5 أضعاف ما يقرأه المواطن العربي، مبيناً أن الثقافة الإسبانية المتسامحة من خلال وجودها في المعرض هي فرصة للجميع لمعرفتها والاستفادة منها.