لعل صوت ذاك المطرب الشعبي، وهو يردد بصوته المخنوق متسائلاً: "وينك يا درب المحبة.. هل أغفلوك الحبايب فقد كتم على أنفاسه ركَاب سيارة "ددسن" ضاقت بهم نفوسهم".. حتى تظن أنك في موسم نقل حجاج التهريب.. وكأنه يقصد بها ظاهرة الدرباوية الحديثة القديمة.. وأنها ليست دخيلة جديدة كما يقال أو يشاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. وإن تقادم بها الزمان أو المكان.. فالدرباوية هي امتداد لمسميات قديمة على منوال العربجية، والزواحف، والشقردية، الحنشل.. إلخ. وما دام أننا قد وصلنا لمن يطلقون عليها "الدرباوية" فهي باختصار نسبة لمنتدى إلكتروني يتابع بدقة أخبار المفحطين، ويمد متابعيه وأكثرهم من المراهقين الباحثين عن الشهرة والظهور حتى، ولو وصل به المقام لتتبع طريق الدرباوية حذو الخطوة بالخطوة، والذين يقومون بتغيير معالم السيارات ويصبغونها بالألوان والعبارات ويمتطون تلك السيارات بتهورٍ عجيب وبقيادة رعناء في ظل تشجيع منقطع النظير ممن يتابعهم ويعجب بهم ليخطو خطواتهم، بداية بتلك الملابس الرثة البالية والقديمة، وتلك الأشمغة المهترئة ذات الألوان الباهتة. وتستمر لغة الإعجاب برموز ومصطلحات وألقاب تجر ذاك الدرباوي.. المفحط لدخول الشوارع الرئيسية وتحويل طريق المارة لمسرح من الفوضى والبلطجية التي تتخذ من انفجار إطاراتها الخروج المنتصر على ذاته المنكسرة في ظلام الصراعات النفسية.. ظناً منه بأنه كسب رضا المتجمهرين بالتصفيق الحار والتصفير والهتاف بذاك اللقب المزعوم.. مع حرص ذاك الدرباوي على تركيب إطارات منتهية الصلاحية حتى ينجح في كسب حب ذاك الجمهور المراهق الذي كثيراً ما كان ضحية لتلك الشلة الدرباوية ومشروبهم الرمزي الغازي "حمضيات".. الدرباوية ظاهرة تجاوزت نطاق الحارات، والأرصفة المجهضة بالبطالة، والجدران المتصدعة بعبارات "الحب عذاب والهوى غلاب".. والزعيم، وسيد الكل.. والقطط المتشردة الجائعة ربما تعطيك "الإيحاء الدرباوي".. وأضحت تنافس وبشدة على طرق رئيسة مسببةً الخوف والذعر للناس في أماكن عامة، وطرق سريعة، ومسببة خللا مروريا واضحا فاضحا قد يحدث ما لا يحمد عقباه.. كل ذلك وأكثر بسبب فراغ نفسي نتيجة تهميش واضح من المجتمع فيصر على إثبات وجوده وتميزه بسلوكيات خاطئة مشينة، وأولها المخدرات، والأفكار المضللة، وبؤرة الفساد الأولى لهتك الفضيلة، وتمزيق القيم والمبادىء، والوحشية، وقتل الإنسانية، وحب الانتقام.. هذه الظاهرة التي قد تعرض صاحبها الدرباوي للخطورة الموغلة في طريق الموت.. في ظل انفلات أسري ورفقاء سوء ومراهقين عابثين.