كل منا مهما كان منصبه أو مكانته، لديه مطالب أو مشاريع تحتاج منه أن يوفر الأوراق اللازمة قبل الحصول على الخدمة، سواء من الدوائر الحكومية أو من غيرها. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا دائماً وأبداً قبل أن نسأل عن المتطلبات التي يتوجب علينا توفيرها للحصول على الخدمة أيا كانت، نبادر بالسؤال الآتي (تعرف أحد)، ونتبع السؤال باسم الدائرة أو القطاع الذي تريد منه الخدمة، مثال لو أردت استخراج فيزا، سوف يكون سؤالك، تعرف أحداً في مكتب الاستقدام؟ أو أردت استخراج رخصة لك أو لولدك، سؤالك: هل تعرف أحداً في المرور؟ هنا يكون وقع الألم والأسى أكبر وأقسى، لأننا لم نع تبعات الواسطة إن حدثت في استخراج رخصة لسائق لا يجيد فنون القيادة ولا آدابها! ربما تكون التبعات مميتة، خصوصاً أن الخسائر البشرية لا تقدر بثمن، كما تعلمون. مثال آخر، في مواسم الإجازات، نبحث عن زميل يعرف موظف الخطوط أو أحداً من قرابته، وبهذه الثقافة العقيمة، نجد أنفسنا قد فشلنا في التخطيط المبكر للسفر، نتيجة طبيعية أن نصارع من أجل مقعد في المواسم، حيث لم يعد هناك إمكانية وجود مقاعد، هل نستسلم ونتعلم الدرس من الحكمة القائلة (إذا فشلت في التخطيط، فأنت تخطط للفشل)، هنا نعود ونتكئ على ثقافة (تعرف أحد في الخطوط)؟! إذا كان عندك محل تجاري ووجدت أن طلبات الدفاع المدني تتزايد، للمعلومية طلبات الدفاع المدني ضرورية لصاحب المحل ومرتاديه بل للكل، كل من يتأفف من هذه الطلبات، نقول له: لو وقفت وقفة محايد، ثم تتبع الوقفة بسؤال: لماذا هذه المتطلبات من قبل الدفاع المدني؟ الجواب المنطقي والعقلاني، أنها متطلبات لحماية البشر والممتلكات، ولكن لأننا نبحث عن مخارج حتى لو على حساب أرواح العملاء تتجه البوصلة إلى (تعرف أحد في الدفاع المدني؟). لو استمررت في سرد الأمثلة لطال المقال، ولن يجد طريقه للنشر، وإن وجد طريقه وتم نشره، فلن يجد من يقرؤه، لأننا في عصر السرعة ولكن ربما أسأل نفسي، هل أعرف أحداً في جريدة الوطن، حتى يمرر المقال، وإن طال؟ ما ذكرته من أمثلة، كنا نعيشه وربما ما زال هناك من يفرض على المراجعين البحث عن واسطة حتى في أبسط الأمور، لأنهم أدمنوا البيروقراطية في مجتمعات ارستقراطية! ولكن من باب الإنصاف سوف أذكر كل الدوائر التي راجعتها ولم أسأل عمن يخدمني، بل ذهبت وسألت عن المتطلبات، وعندما وفرتها، حصلت والحمد الله على الخدمات، مكتب الاستقدام، شركة الكهرباء، المرور خدمني وخذلني حتى لا يعتقد أحد أنني من فئة المطبلين، خدمني بحرفية عالية في استخراج وتجديد الرخص، ولكن خذلني، عندما قيل لي سوف تستغرق عملية استخراج لوحات سيارتك من 3 إلى 4 أسابيع، وعند سؤالي لماذا، قال لي: لوحاتك ستصدر من الرياض، بيني وبينكم، تعرفون أحداً في قسم اللوحات في الرياض؟