بثنائية الهجن والفن، انطلق المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، محتفيا بمرور 29 عاما على انطلاقته الأولى. فتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أطلق ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع "الجنادرية 29"، بحضور العديد من الشخصيات يتقدمهم ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ورئيس ديوان ولي عهد أبو ظبي الشيخ حامد بن زايد آل نهيان. وتجسدت في الحفل الخطابي والفني، رسائل موجهة إلى الخارج، مفادها بأن الشعب السعودي شعب محبة وسلام، وينبذ الطائفية المقيتة، لكنه لا يساوم ولا يقبل بالمزايدات من أصحاب الأجندات والشعارات المختلفة. واحتفى السعوديون أمس، بدولة الإمارات، كأول دولة خليجية تحل ضيف شرف على المهرجان الوطني، فيما أكد سفير الإمارات لدى المملكة أن هذا الاختيار "يعكس متانة العلاقات بين الدولتين، ويصب في إطار علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين". وقبيل تشريف الأمير سلمان وولي عهد البحرين مأدبة العشاء المقامة لضيوف المهرجان أمس، كرم الأمير سلمان الفائزين بالمراكز الخمسة الأولى لسباق الهجن الكبير الذي رعاه عصر أمس، إذ ذهب المركز الأول لصالح الهجن ضيف لسفر الشريف، فيما حصد كل من العالمي ودابان المركزين الثاني والثالث، أما المركز الرابع فحاز عليه "المتصدر"، والمركز الخامس للهجن "مرعوش" للأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز. أوبريت "كوكب الأرض" كان قصة مختلفة، صاغها الشاعر عبدالله أبوراس، ولحنها الفنان ناصر الصالح، ولأول مرة يدخل السلام الوطني السعودي كجزء من الجملة الموسيقية. مشاعر الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كانت حاضرة بالأوبريت.. سؤاله الشخصي عن الشعب السعودي ومناطق المملكة قبل أن يخلد إلى النوم، شكل إحدى اللوحات التي اعتمد عليها شاعر الأوبريت أبوراس في صياغة كلماته. الحفل الخطابي المرافق لافتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة، لم يكن بعيدا عن قراءة الواقع الحالي للمنطقة، وموقع السعودية من التحديات المحيطة بها. وحملت كلمة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، قراءة واقعية للمشهد، أبرز فيها أصالة معدن الشعب السعودي. إذ قال "في هذا العالم المضطرب متغيرات متسارعة وما يصحبها من تحولات في المشهد الاجتماعي والسياسي والفكري في العالم أجمع، في هذا العالم يظهر الشعب السعودي دائماً أصالة معدنية ويكشف عن ثباته وقوة إرادته ويبرهن على تلاحمه ووحدة صفه وعمق وعيه وصلابة نسيجه وأنه شعب وفي أصيل، يدرك أنه لن يكون بإذن الله عرضة للمساومة والمزايدات وأنه ليس بيئة خصبة لأصحاب الأجندات والشعارات التي تستهدف أمنه واستقراره". وأضاف الأمير متعب بن عبدالله أن الشعب السعودي "شعب محبة وسلام"، غير أنه استدرك قائلا "لكننا لن نتسامح فيما يمس ديننا وكرامتنا وأرضنا، فالمملكة كما عرفها الجميع وكما رسمت لها قيادتها الرشيدة منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه لا تريد إلا السلام والأمن والرخاء للجميع، وتنطلق في علاقتها على الصعيد الإقليمي والعالمي من مبدأ الاحترام المتبادل مع كافة الدول والشعوب بعيداً عن التصنيفات الطائفية أو السياسية أو الفكرية". وتابع الأمير متعب مخاطبا الأمير سلمان "سيدي ولي العهد الأمين إن أبناءكم في الحرس الوطني وهم يتشرفون في تنظيم هذا المهرجان الذي أطلقه وتبناه ورعاه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ليسعدون برعايتكم الأبوية لهذه الدورة من المهرجان داعين الله عز وجل أن تتوج جهودهم بالنجاح وأن يكونوا على مستوى هذه المناسبة الوطنية الكبيرة حفظكم الله سيدي وأمدكم بعونه وتوفيقه وعلى طريق الخير نلتقي دائماً وأبداً". وأضاف "إنها الجنادرية في حديثها السنوي عن إنسان جزيرة العرب ابن الصحراء الذي اكتسب منها شموخ جبالها وصلابة أراضيها، هذا الإنسان العربي الذي حمل رسالة الإسلام الخالدة إلى أصقاع الدنيا ناشراً قيمه ومثله العليا رسول محبة وداعية سلام وإنسان إبداع ونماء، نعم إنها الجنادرية رمز الوطن ووفاء لأجيال وذكرى لمسيرة طويلة من البناء والعمل ووقفة مع النفس للعبرة والدروس وصعيد جاد للحوار الهادف، وهي أيضاً مناسبة للفرح بالوطن بكل مكوناته الجميلة وبكل ما تختزنه ذاكرته من إبداعات أبنائه الفنية والتراثية والفكرية، وها هم نخبة من مفكري الأمة ومفكري العالم مع مفكري المملكة يطرحون في مهرجان هذا العام العديد من الموضوعات التي تحاكي المتغيرات والمستجدات على مستوى العالم أجمع في نقاش جاد وموضوعي وصريح يجسد هوية الجنادرية ومنهجه الذي دعت إليه منذ سنواتها الأولى".