في الوقت الذي حذر فيه مختصون في التربية والطب النفسي والاجتماعي من خطورة رصد وتصوير المواقف التي يتعرض لها الأطفال نتيجة تعرض فرقهم الرياضية للخسارة، انتشرت مقاطع فيديو مصورة تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، تُظهر الحسرة والحالة النفسية التي يتعرض لها الأطفال جراء تلك الخسارة، وجراء خروج فرقهم من البطولات، وتجسدت في الغالب في الدخول في حالات بكاء شديدة. وتنتشر هذه المقاطع في الأوساط الاجتماعية، وبين أقران الطفل لتنعكس عليه سلباً، حيث تضعهم تحت الضغط. ويحمل كثيرون المسؤولية لأولياء الأمور، خصوصاً أنهم يرون أن هذه المقاطع يتم التقاطها وتسريبها بداية من محيط العائلة، ومن ثم تصبح قابلة للتداول والانتشار عبر مواقع التواصل. يقول الأخصائي الاجتماعي في مركز التأهيل النفسي بالقصيم غانم يوسف اليوسف إن ما نشاهده من مقاطع فيديو للأطفال وهم يبكون بسبب خسارة فرقهم هو "نتيجة "لما يحيط بهم من تعصب رياضي يتفشى في الأسرة، ويجعل تقبل الخسارة أمرا مرفوضا، كما قد يمثل خوف الطفل من ردة الفعل لما قد يواجهه من زملائه في المدرسة أو الحي من مشجعي النادي المنافس. وقال اليوسف "الأسرة تعاني قصورا في تنشئة الطفل على ضبط الانفعالات، وفي تعليمهم أن في الرياضة ربح وخسارة". وأضاف "أعجبني تصرف رئيس نادي النصر الأمير فيصل بن تركي حينما قال لابنه: الكرة ربح وخسارة حينما شاهده يبكي في الموسم الماضي". وأضاف "لو تعامل الجميع مع الرياضة بهذا المنطق لما شاهدنا هذه الانفعالات من الصغار". وحول سلبية تصوير مشاهد الأطفال وهم يبكون للخسارة ثم نشرها، قال "التصوير في بدايته يأتي عفويا، وربما يكون من العائلة، لكن المقاطع تنتشر مع خروجها للعامة، وهنا تحدث المشكلة كون الطفل كان يخاف من ردة الفعل المصاحبة بعد الخسارة، وتتضاعف المشكلة لديه بعد تصويره وانتشاره وهو يبكي، وقد يشاهدها من يريد أن يسخر منه، وهذا ما يدور في مخيلة الطفل الذي سيتصور أنه أصبح مشهدا للسخرية، كما لا ننسى أن في نشر تلك المقاطع انتهاك لخصوصية الطفل، وهذا قد تكون له آثاره السلبية على الطفل". من جانبه أكد مشرف التربية الخاصة فهد بن محمد المعتق أن ما ترجمه الأطفال من خلال مقاطع الفيديو التي انتشرت أخيراً هو من باب المحاكاة والتقليد والتأثر بالأجواء التي تحيط بهم، وقال "الطفل في مثل هذا العمر ليس لديه ولاء لناد معين، كونه لا يملك مشاعر التعبير، ولذلك يلجأ إلى البكاء". وأضاف "قد نشاهد أطفالا يبكون بمجرد سماعهم بكاء أطفال آخرين من حولهم، وهذا الأمر يؤكد أن التأثير نفسي"، مشيراً إلى أن الطفل حينما يجد من يواسيه ويشجعه على التعبير عن وضعه بهذا الشكل تستمر نوبة البكاء لديه، ويكررها في أكثر من موقف في المستقبل. وأكد المعتق أن مثل هذه الحالات لها تأثير خطير على النشء، لذا لابد أن تكون البيئة المحيطة هي من تساعد الطفل على الاستقرار النفسي، وتوفر له كل العناية اللازمة، وتسهم في خلق جو أسري صحي بعيدا عن التشنجات والتعصب الرياضي الذي يكون سلبياً على نفسية الطفل بالمستقبل. وأكد أن الرياضة وجدت للترفيه والتسلية، ويجب تعليم وتدريب الأطفال على تقبلها هكذا بدلاً من التعصب الذي نشاهده بين الجماهير، مشدداً على أنه يجب على القنوات الفضائية عدم بث مثل تلك المقاطع على اعتبار أن هذا الأمر مشجع على انتشارها ويؤثر على سلباً في سلوك الأطفال الآخرين كون لديهم رغبة في التقليد السلبي.