وصف الناقد الدكتور عبدالله الغذامي حرية التعبير بأنها قيمة وكل قيمة لها ثمن، وأن القيمة التي لا ثمن لها تصبح رخيصة وتتحول إلى "لا قيمة"، وقال إن الهجاء الثقافي في تويتر سيكون له ثمن، مستشهدا بقضية سلمان العودة مع داود الشريان، وقضية نوال هوساوي، وقضية الممثلة الكويتية التي قذفت وحكم على قاذفها بالجلد. وكشف الغذامي في المحاضرة التي ألقاها بنادي جازان الأدبي مساء أول من أمس بعنوان "كيف تصنع الثقافة معانيها"، عن أن قضية الهوساوي وما تعرضت له من عنصرية في تويتر هي ما حسم موضوع محاضرته، مشيرا إلى أن ذلك جعله يستعيد "النسق" الذي شرحه بأنه "الفيروس" المدمر، موضحا أن النسق في قضية الهوساوي جاهلي كونها سوداء، ومصاب بالعمى الثقافي من ناحية أخرى، مؤكدا أن نوال الهوساوي بموقفها الرافض لتمرير قضية العنصرية أثارت قانون النقد والمحاسبة والمساءلة وأثارت سؤال العنصرية في ثقافتنا لتكون حرية التعبير مسؤولية أساسية ولتصبح للكلمة قيمة. وأوضح الغذامي أن هوساوي ومن يشبهها ضحت كثيرا وقال: أرى أنها أرقى مني حين فعلت ما لم أفعله بتحركها الذي حول نقد النسق الثقافي إلى فعل وحقيقة، مشيرا إلى أنها بتحركها أكملت نقد الخطاب الذي أمارسه، مؤكدا أن ثقافة حرية التعبير تبدأ من هنا كما يجب أن تكون وذلك بأخذها الحق من كل الأطراف عبر التقاضي، مضيفا أن الحرية زيفت بغير اسمها وتحولت إلى التعبير المدرسي لا الديموقراطي. وتابع الغذامي: تعريف العنصرية لا أعرفه أنا، بل يعرفه المتضرر والضحية وليس من لديه القدرة على صنع الثقافة والمتن أو من ينتمي للمتن، وأنه بدون ذلك سنظل نملي خطاب النسق والمتن، ولا يمكن التحرك ضد العنصرية إلا بخطوات عملية تجعل مفهوم حرية التعبير هي مسؤولية التعبير. وأوضح الغذامي أن الهدف من تركيزه على قضية نوال الهوساوي هو التأسيس للثقافة الحقوقية ليتحمل كل شخص مسؤولية تعبيره وأخطائه، وهو ما طالب به الشاعر عبدالرحمن الموكلي، الذي أكد في مداخلته أن المجتمع يفتقر لثقافة الحقوق والوعي بها. وشهدت المداخلة مشادة بين الغذامي وأحد الحضور الذي اعترض على وصف الغذامي لأحد الحاضرين ب"الجبان" بعد أن أرسل سؤالا لم يذيله باسمه، ورد الغذامي بأن من يرسل سؤالا دون اسمه فعليه ألا ينتظر جوابا مني، وتساءل كيف لي بعد أن أتحدث عن الشجاعة أن أحاور جبانا، مطالبا بضرورة احترام الشخص لاسمه حتى نصنع سؤال الوعي. وبعد اعتذاره عن وصف الجبان أقسم الغذامي بأنه ما وصف السائل المجهول بالجبان إلا ليغريه بالشجاعة، كما أقسم بأنه لم يأت لجازان إلا ليكون صادقا مع أخلاقه ومقولاته، مؤكدا أن الاسم الصريح شرف، وإذا عجز الإنسان عن حمل اسمه فكيف سيحمل مسؤولياته، إلا أن الشاعر أحمد السيد، طالب الغذامي في مداخلته بعدم الاعتذار عن وصف صاحب السؤال المجهول بالجبان كونه يتنافى مع جوهر المحاضرة. وكرر الغذامي دعوته المرأة لتأنيث اسمها، مستشهدا بحليمة السعدية وغيرها، مضيفا أن التأنيث ثقافة شعبية في كل البيئات، مضيفا أنه تعرض للتذكير بمجيء التعليم، معللا ذلك بأن التعليم هو مشروع في التذكير. واختتم الغذامي محاضرته بحديثه عن والده الذي عاش فترة من حياته بجازان، موضحا أنه فقد بصره في حادث مأساوي بجازان، ما غرس في ذهنه جازان، واصفا جازان بأنها منطقة تسعى إليها الأسماء، وأنه لم يزرها من قبل وهذه هي زيارته الأولى.