أخذني الشرود الذهني خلف مقود سيارتي العتيقة إلى طريق داخل إحدى الحارات القديمة في مدينة طبرجل، وإذا بي بلوحة على أحد المباني، نقش عليها اسم وزارة الإعلام، وقبله المكتبة العامة بطبرجل، ساقني الفضول، ولا أخفيكم الفرحة العارمة بوجود مكتبة في تلك المنطقة، لأكسر بها سلسلة الأفكار المتتابعة والهدوء الممل في ظهيرة ذلك اليوم، دخلت المكتبة وأول ما وجدت لوحة ترجو من الزائرين الالتزام بالهدوء، وكنت الزائر الوحيد في تلك الظهيرة، بيد أن أمين المكتبة لم يلتزم هو بما أمر به زواره، فقد كان لديه تلفاز كبير يدوي منه صوت العربية في أركان المبنى وزواياه، حتى أصبحت لا أكاد أفتح كتاباً حتى أغلقه، فنادين هاني منهمكة بحساب الربح والخسارة وأخونا أمين المكتبة يبعد أقل من مترين عن التلفاز، ومستوى الصوت على أعلى ما يكون، وكنت وددت لو أن نادين هاني، نصحت أخانا بأن يرتب الكتب كل في مكان ويصنفها، حيث إن كتب العلوم البحتة مختلطة مع كتب التاريخ وكتب اللغات لها شأن مع كتب الجغرافيا.