لم يكن النقاش الشفاف عن هموم ومسارب الكتابة الصحفية المسار الوحيد لمحاضرة الكاتب في "الوطن" عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الدكتور علي سعد الموسى في اثنينية الشيخ سعيد محمد أبو ملحة بأبها. حيث كشف الموسى في محاضرته "كيف نكتب ولمن؟" التي أقيمت مساء أول من أمس في مقر الاثنينية التي استأنفت نشاطها وسط حضور لافت، عن بعض أسرار علاقته بالوسط الأكاديمي في جامعته، ومنها أنه لم يدع حتى الآن "ولو لنصف محاضرة" حسب تعبيره، مبررا ذلك بأنه "ربما كان لبعض القائمين على أنشطة الجامعة نظرة ما تجاهي". وكان الموسى بدأ محاضرته التي تناوب في إدارتها كل من الدكتور جبريل البصيلي ومحمد إبراهيم فايع، مؤكدا أنه على وشك إصدار كتاب يتضمن "الكثير من تفاصيل المكان". ثم انطلق في حديثه بعرض بعض من "معاناته" من التصنيف الفكري. وقال "شدة الضغط بسبب هذا التصنيف أوصلني لقناعة بأن الحل هو في قول الحقيقة وتحمل التبعات من أجل الوطن ومستقبل أبنائه". وأضاف: "أقولها هنا وبكل صراحة أن هناك الكثير من أئمة المساجد والأكاديميين والدعاة سكتوا عن التطرف الفكري ولم يبدوا رأيا واضحا تجاهه، مما جعله يتمدد في كثير من مفاصل المجتمع". ثم انتقل إلى الحديث عن تجربته في الكتابة الصحفية وقال "أولا أعترف بأنني لم أكن محقا في بعض ما كتبت ليس عن عمد ولكن لأنني لم أكتشف الحقيقة إلا بعد حين، ولذلك أنا مستعد للنقاش والتراجع عن أي فكرة أو رأي غير صحيح". وعن رؤيته لدور الكاتب الصحفي قال الموسى "الكتابة عمل انقلابي وإن لم تذهب إلى الزوايا المظلمة فليست كتابة.. الكتابة الصحفية سباحة ضد التيار". وعن علاقته بالرقابتين الرسمية والاجتماعية قال "يشهد الله أنني لم أُستدعَ حتى اللحظة للتحقيق بشأن أي مقال، ولم أوقف عن الكتابة يوما". لكنه استدرك "بالطبع الكتابة مع الرقيب مثل خط الثعبان، فلكي تمرر مقالا صادما لا بد أن تسبقه بمقال يجامل هذا أو ذاك". وأضاف "أما الرقيب الاجتماعي فهو الأقوى تأثيرا، خصوصا في ظل وجود من يقيمك ويصنفك بناء على شنبك". وعن دوره ككاتب ودور صحيفة "الوطن" التي كتب فيها في قضايا المجتمع قال الموسى: أكتب في "الوطن" من أجل العدالة الاجتماعية، وحقوق المهمشين، ومن أجل الحوار والتقدم. وتابع: "الوطن" منذ تأسست تبنت خطا واضحا في دعم قضايا العدالة الاجتماعية ولعل أقرب دليل ما نقلته من صور مؤلمة في دار الرعاية الاجتماعية بأبها ومستشفى الصحة النفسية وهما من الموضوعات التي تفاعلت معها جمعية حقوق الإنسان. وختم بالقول: أقول هنا إن "الوطن" صحيفة ذات رسالة تنويرية ويجب عليها أن تعلن ذلك. عقب ذلك شهدت المحاضرات عدة مداخلات للدكتور جبريل البصيلي الذي دعا الموسى إلى التفاؤل بالمستقبل أكثر. ثم رجل الأعمال عبدالله أبو ملحة الذي أكد أنه من المهم مشاركة المواطن بالعمل والفعل الميداني في جانب الأعمال الخيرية والتطوعية وليس بالدعم المادي فقط، حتى لا يترك المحتاجين للمساعدة بأيدي عمالة لا تهتم بهم. وأضاف "أؤيد ما ذكره الدكتور علي حول أهمية ترسيخ العدالة الاجتماعية". ثم داخل أحمد الترابي الذي أكد ما قاله الموسى حول دور الكاتب والصحافة بشكل عام في كشف الفساد. أما عميد كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة بأبها الدكتور علي الشعبي فأكد في مداخلته أن "الموسى رمز من رموز التنوير في بلادنا سواء اتفقنا أو اختلفنا معه"، وأضاف: "أحب أن أشير هنا إلى أن جمعية حقوق الإنسان شريك رئيسي لصحيفة "الوطن" في متابعة قضايا ومشكلات المجتمع وقد تفاعلت مع الكثير من القضايا". بعد ذلك ألقى راعي الاثنينية الشيخ سعيد أبو ملحة كلمة رحب فيها بجميع الحضور وأثنى على حديث المحاضر والمداخلين. ثم سلم درعا تذكاريا للموسى ودرعا آخر لرئيس تحرير "الوطن" المكلف سليمان العقيلي الذي ألقى كلمة بعد تسلمه الدرع أكد فيها اعتزاز "الوطن" بجميع كتابها ومنهم الموسى الذي قال عنه إنه يكتب بصوت جميع الشرائح الاجتماعية. وأضاف: "بالنسبة لعلاقة الصحيفة بكاتبها فهي ترتكز على الحوار وتبادل وجهات النظر، وعندما تتأكد الصحيفة أن هناك معلومات غير دقيقة في مقال أي من كتابها فإنها تتناقش معه حولها".