فجرت القرارات الأخيرة التي أصدرتها لجنة الاستئناف في الاتحاد السعودي لكرة القدم كثيراً من الأقاويل المتعلقة بصلاحيات لجان الاتحاد، والتداخل فيما بينها، والخلافات المتعلقة بها. وكانت لجنة الاستئناف نقضت قراراً للجنة الانضباط قضى بتغريم الهلال 100 ألف ريال وحرمانه من جماهيره في مباراة واحدة، كما ردت احتجاجاً قدمه نادي الاتحاد على العقوبة نفسها. وتناول قانونيون إشكالية ما يصور على أنه خلافات بين اللجان، وحاولوا توضيح تفاصيل الحدود بين عمل لجان الاتحاد، حيث يقول المستشار القانوني الدكتور ماجد قاروب إن الضوابط الفاصلة بين أعمال لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم واضحة، إلا أن درجة الإلمام بها ما زالت ضعيفة، مبيناً أن كل اللجان وخاصة المعنية باللاعبين والإداريين ووكلاء اللاعبين كالاحتراف مثلاً عليها التعامل من خلال إصدار قرارات، وهذه القرارات الصادرة من اللجان قابلة للاستئناف عبر لجنة الاستئناف. وقال قاروب "على سبيل المثال، تعامل لجنة الاحتراف مع نادي الاتحاد المتعلق بتسجيل لاعبيه دون إصدار قرار قابل للاستئناف لم يكن صحيحاً، وكذلك التعامل مع طلبات تأجيل المباريات، فقد كان يجب ألا يكون مع رئيس الاتحاد أو الأمانة العامة، بل بطلب يقدم إلى لجنة المسابقات يصدر على ضوئه قرار عاجل منها بالموافقة أو الرفض، ويحق لكل ناد يرى أن لديه مصلحة بالقبول أو عدمه التقدم للجنة الاستئناف ضد قرار المسابقات أياً كانت طبيعة هذا القرار". وأضاف "هذه الممارسات يجب أن تتطور وأن يعلم الجميع أن التعامل مع اللجان يتم من خلال قرارات يجب أن تكون خاضعة للاستئناف، لأنه ليس صحيحا أن الاستئناف يكون مع قرارات لجنة الانضباط". وتابع "النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم هو الذي يوضح حدود صلاحيات كل لجنة في أعمالها واختصاصاتها، وعلى الجميع أن يعوا أن الجمعية العمومية للاتحاد محددة الأغراض والصلاحيات في التصديق على أعمال مجلس الإدارة، وأيضاً المصادقة على المركز المالي كمؤسسة، ومجلس الإدارة يدير الشؤون المالية والإدارية للاتحاد كمؤسسة أيضاً أو ككيان قانوني بنشاطه في إدارة رياضة كرة القدم، وأن المحرك الرئيس للجنة في إدارتها اليومية والموسمية هو اللجان العاملة وتتولى الأمانة العامة تنظيم العلاقة بين الأندية واللجان، أما الجهاز القضائي في اتحاد كرة القدم فهو جهاز مكون من لجنتين ابتدائيتين هما الانضباط والاستئناف كما هو معمول في جميع الاتحادات الرياضية التي لديها نظام أساسي في الاتحاد الدولي لكرة القدم والآسيوي". ودحض قاروب الحديث عن نشوب خلافات بين اللجان، وقال "ليس صحيحا أن تنشب خلافات، لأن اللجان على درجة واحدة متساوية بحق إصدار ما تراه مناسبا من القرارات، والاستئناف فقط يقدم لها الاستئناف على تلك القرارات، وهي من يؤيد أو يرفض تلك القرارات، ليس تعارضاً أو اختلافاً، بل ممارسة كل لجنة لصلاحياتها واختصاصاتها". وحول تهديد رئيس لجنة الانضباط بالاستقالة، قال "لا أتوقع أن يهدد رجل قانون محترم بالاستقالة في حال رفض قرار اللجنة، لأن الرفض هو من مبادئ القانون العامة والعادية لدى أهل القانون والقضاء، فلا أعتقد أن ما نشر صحيح في الإعلام بدليل عدم تقدم الرئيس أو أحد أعضاء اللجنة بالاستقالة حتى اليوم". وتابع "المأخذ الوحيد لي شخصيا على الانضباط هو خروج رئيسها للإعلام، وهو لم يكن موفقاً على اعتبار أنه لا يجوز له أو لأحد من أعضاء لجنته أو لأي لجنة أخرى الخروج للإعلام لتبرير قراراتها، لأن هذا يعد عملاً غير قانوني، فعلاقة اللجنة تنتهي بصدور القرار، ويصبح الأمر من حق من له مصلحة بالقبول أو الاعتراض، ويكون الموضوع من صلاحيات لجنة الاستئناف في التأييد أو الإلغاء وهي بالتالي عليها سلسلة من الإجراءات المتعاقبة تنتهي بانتهاء كل إجراء". وأبان أن قرار لجنة الاستئناف في قضية ناديي الهلال والاتحاد يعد أمراً طبيعياً في ضوء ما توصلت إليه اللجنة من معطيات ومذكرات حصلت عليها، موضحاً أنه لا يوجد تداخل أو تعارض بين ما فعلته وبين قرار الانضباط. من جهته، أوضح المستشار القانوني خالد أبو راشد أن الحدود الفاصلة بين اللجان في الاتحاد هي الاختصاصات، وأن كل لجنة يفترض أن حدودها هي حدود اختصاصها، وألا تتجاوز هذا الاختصاص أو الصلاحيات. وقال "ما حدث أن لجنة الانضباط تجاوزت الاختصاصات، وأصدرت عقوبة في قضية ليست منظورة لديها، وبالأصح لم تعد منظورة لديها، وأصدرت عقوبة في قضية منظورة لدى لجنة أخرى هي لجنة الاستئناف، وبالتالي كيف تصدر لجنة الانضباط عقوبة في قضية منظورة لدى جهة أخرى، أقول إن لجنة الانضباط حكمت وقررت برد شكوى الاتحاد بأنه تأخر في تقديم الاحتجاج، ونادي الاتحاد استأنف وأصبحت القضية في لجنة الاستئناف، فكيف تصدر لجنة الانضباط قراراً في رد شكوى الاتحاد للتأخر ثم تأتي بعد ذلك وتصدر العقوبة؟ إذن القرار باطل أساساً، ولذلك حتى لجنة الاستئناف لم تدخل في تفاصيل الموضوع، لأن القرار أساساً إجراءاته باطلة والقرار صادر أساساً من جهة غير مختصة وهي الانضباط، وأستغرب أن الوسط الرياضي وجه انتقادا شديدا للجنة الاستئناف، فعلى أي أساس ينتقدون لجنة الاستئناف؟ أو بالأصح ما ذنب لجنة الاستئناف إذا كان هناك قرار خاطئ من لجنة الانضباط التي كان عملها وإجراءاتها غير صحيحة؟". وأضاف "بمجرد أن تصدر لجنة الانضباط قرارها أو عقوبتها ينتهي دورها، فإما أن تنتهي مهلة الاستئناف، وعليه القرار لا يستأنف ويصبح نهائيا، أو يستأنف وتصبح القضية لدى الاستئناف وينتهي دور الانضباط وصلاحياتها واختصاصها بإصدارها للقرار سواء أكان هناك معترض أو لا.. والخطأ أنه صدر القرار وتوجهت القضية للاستئناف، والانضباط أصدرت قرارها مرة ثانية، مع العلم أن لجنة الاستئناف بمجرد أن تصلها القضية ينتهي دور الانضباط أو غيرها، وما حدث أنه من الناحية الإجرائية حكمت الاستئناف أن الانضباط ليست مختصة وتجاوزت صلاحياتها، وحكمت في قضية منظورة لدى الاستئناف وأصبحت القضية باطلة من حيث الإجراء". وعن صلاحيات اللجان، قال "علينا أن نعود للوائح الخاصة بالاتحاد، وهي التي تنص صراحة على صلاحيات كل لجنة، وكل لجنة سنجد لها صلاحياتها في اللائحة وحدود أي لجنة هو حدود صلاحياتها، ومتى تجاوزت هذه اللجنة حدود صلاحياتها فقرارها أو إجراؤها باطل، وبالتالي فإن الضوابط من ضمن اللوائح وهي التي تحدد الصلاحيات". وتابع "لو حدث خلاف بين لجنة وأخرى داخل اتحاد الكرة فمجلس إدارة الاتحاد هو الذي ينظر في هذا الخلاف، لأنه هو الذي يشكل اللجان وهو الذي يقيل أعضاءها وهو الذي يحل اللجان، فعندما يحدث خلاف بين لجان الاتحاد يمكن أن يبت مجلس الاتحاد في هذا الخلاف، فهو الجهة التي شرعت اللوائح وشكلت اللجان، وما حدث بين الانضباط والاستئناف لا يعد خلافاً، فالاستئناف جهة أعلى من الانضباط، وقرارها نهائي لا يتدخل فيه مجلس الاتحاد، وعلينا أن نفرق بين الخلاف بين اللجان الأخرى والخلاف بين لجنة القضائية، ففي اللجنة القضائية العبرة فيما تقرره الاستئناف، والاستئناف متى أصدرت أي قرار يعد نهائياً حتى وإن لم يرق لأي طرف". وختم أبو راشد بتقديم مقترح من 4 حلول يجب الأخذ بها لتلافي السلبيات من الجهة القانونية للجان الأكثر جدلاً في الاتحاد، وهما لجنتا الانضباط والاحتراف، فقال "دائماً ننادي بالخبرة إضافة إلى التخصص، أي أن التخصص القانوني في أعضاء لجنة الانضباط يوجب أن يرتبط بخبرة في العمل الرياضي، كما أن منظومة العمل في لجنة الانضباط أمر مهم، بمعنى أننا ربما نجد من يستفسر لماذا قررت لجنة الانضباط قرارها في هذه المخالفة في ظرف يومين وفي مخالفة أخرى احتاجت إلى 20 يوما؟ هذا الأمر يشير إلى أنه لا توجد منظومة عمل واضحة من حيث الاجتماعات، فالمفترض أن يكون هناك اجتماع أسبوعي في لجنة الانضباط، ويجب أن يكون هناك شبه تفرغ للأعضاء وألا يكونوا مجرد متعاونين، وأن تكون العقوبات شاملة للجميع وفي جميع الحالات لا أن تكون هناك حالات تستوجب العقوبة ولا يصدر فيها عقوبة وحالات أخرى تصدر فيها عقوبة، لأن هذا يؤدي إلى الاحتقان في الوسط الرياضي".