نبه وزير الخزانة الأميركي جاك لو إلى أن الشلل في موازنة الدولة الفدرالية وأزمة الدين شكلا ضربة لأول اقتصاد عالمي، محذرا من تكرار هذه التجربة. وصرح لو لشبكة إن بي سي بأن "اقتصادنا كان ينحو لإنتاج نسبة جيدة من النمو وتأمين وظائف للأميركيين لكننا سلكنا الاتجاه السيئ" في إشارة إلى أزمة الموازنة التي عطلت الدولة الفدرالية طوال 16 يوما من أكتوبر وهددت بعجز واشنطن عن سداد ديونها. وأضاف وزير الخزانة "كان الأمر مرعبا إلى حد ما لأننا كنا قرب الهاوية. علينا أن نحرص على ألا تكون الحكومة بعد اليوم على الحافة". وبموجب اتفاق في الكونجرس أبصر النور الأربعاء في اللحظة الأخيرة، لم يعد السقف القانوني للدين الأميركي معمولا به حتى السابع من فبراير المقبل؛ بحيث باتت وزارة الخزانة مجددا مطلقة اليد على صعيد الاقتراض من الأسواق للوفاء بالتزاماتها المالية. وحتى التاريخ المذكور، على الجمهوريين والديموقراطيين أن يتوافقوا على سقف جديد للدين وعلى موازنة العام 2014 بهدف تمويل الحكومة وتفادي شلل جزئي جديد. ورغم هذه الأزمة، كرر لو ثقته ب"نهوض الاقتصاد" الأميركي. وفي الثامن من أكتوبر، أعلن صندوق النقد الدولي أن اقتصاد الولاياتالمتحدة واصل نموه "المتواضع" خلال 2013 لكنه مهدد بالتراجع، مخفضا في شكل طفيف توقعاته للنمو لهذا العام ( 1.6%) وللعام المقبل (2.6%). وتجاوز مستوى الدين العام في الولاياتالمتحدة السقف القانوني السابق الذي وافق الكونجرس على تعليقه عقب أزمة سياسية كبيرة، وذلك وفق بيانات عامة نشرتها وزارة الخزانة الأميركية الجمعة الماضي. وأوضحت آخر حصيلة أوردها موقع الوزارة أن الدين المتراكم لدى الدولة الفدرالية الأميركية بلغ الخميس الماضي 17.027 تريليون دولار في وقت كان السقف القانوني للدين محددا عند زهاء 16.7 تريليون دولار. وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الساعات الأخيرة في الكونجرس لتفادي تخلف عن سداد الديون الأميركية، بعد تعليق السقف المحدد سابقا للاستدانة حتى السابع من فبراير 2014. وباتت وزارة الخزانة موقتا حرة في الاقتراض في الأسواق للوفاء بالتزاماتها المالية. ولتفادي تخطي السقف المحدد سابقا عند 16.7 تريليون دولار، لجأت وزارة الخزانة إلى تدابير استثنائية من بينها التوقف عن إعادة الاستثمار في بعض الصناديق المالية، وقد تم البدء بتعليق هذه التدابير منذ مساء الأربعاء الماضي. وفي الفترة الممتدة حتى فبراير المقبل، يتعين على الجمهوريين والديموقراطيين التوصل إلى اتفاق حيال هذا السقف وعلى ميزانية للعام 2014 لتمويل الحكومة وتفادي شلل جزئي جديد لمؤسسات الحكومة شبيه بذلك الذي انتهى الأربعاء بعد 16 يوما من الشلل. وبحسب تقديرات وكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني فإن الإغلاق الجزئي للإدارات الفدرالية ووضع مئات آلاف الموظفين في إجازة غير مدفوعة الأجر سيكلف البلاد، 0.6 نقطة من نموها الاقتصادي في الفصل الرابع من السنة. وبالتالي فإن الولاياتالمتحدة ستخسر 24 مليار دولار من عائداتها بين أكتوبر وديسمبر، كما أفادت الوكالة في بيان. وذكرت الوكالة "كنا نأمل في سبتمبر نموا قدره 3% بوتيرة سنوية في الفصل الرابع لأننا كنا نظن حينها أن السياسيين استخلصوا العبر منذ 2011" تاريخ آخر آزمة مالية. وخلصت منافستها وكالة "موديز" إلى نفس الاستنتاجات تقريبا إذ أكدت أن الاتفاق المبرم بين الجمهوريين والديمقراطيين جنب البلاد "كارثة" متوقعة، وتراجع النمو الأميركي خلال الفصل الأخير ب 0.5 نقطة ما سيلحق ضررا "محدودا" في نهاية الأمر بالولاياتالمتحدة. والخسائر الناتجة عن الشلل المالي يمكن تعويضها بصورة إجمالية لا سيما وأن الموظفين الذين وضعوا في إجازات غير مدفوعة لمدة أسبوعين سيتقاضون رواتبهم مع مفعول رجعي. والدليل على ذلك هو الشلل السابق في الميزانية بين 1995 و1996 عندما اضطرت الدولة الفدرالية إلى إغلاق خدماتها لنحو شهر، وخسر النمو حوالي نقطة بوتيرة سنوية إذ تراجع إلى 2.6% بين الفصل الثالث من 1995 والفصل الأول من 1996. لكنه عاد وارتفع بقوة ليصل إلى 7.2% في الفصل الثاني.