رفض مسرحيون اتهام الإخراج المسرحي السعودي بالضعف، وسوء تعاطي المخرجين مع الكوادر المسرحية أو مع النص أو مع السينوغرافيا، وغيرها من تقنيات المسرح، مؤكدين على أهمية التخصص وتوزيع المهام في الإنتاج المسرحي بشكل عام، ذاهبين إلى أن المخرج ليس "سوبرمان" ينفذ كل المهام لتقديم أعمال مسرحية راقية، مشددين على أهمية مسرح الطفل. مشرف لجنة المسرح بفرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام المسرحي عبدالله الجفال، قال ل"الوطن": على رغم أن غالبية النقد الموجه إلى العروض المسرحية تنطلق من حرص المتذوقين للعروض المسرحية، إلا أن رؤاهم تأتي دونما تراكم أكاديمي يتيح لهم توضيح عناصر العرض المسرحي وما يعتريها من ضعف أو يميزها من إبداع، إلا أن معظم هذا الانطباع يصب في وجهته الحقيقية هنا أو هناك. وتابع الجفال: أنا أذهب إلى أن المجازفة في ممارسة الإخراج دون تراكم ومعرفة معمقة أو دراسة أكاديمية هي ما يضعف الممارسة الإخراجية التي ينتهجها هذا المخرج أو ذاك، زد على ذلك أنه في مسرح الطفل يتطلب الأمر فهما عميقا لمدركاته واختيارا واعيا للنصوص التي تراعي الخصائص العمرية. وهذا يسبب الكثير من الإشكالات حتى للمتخصص في شؤون الإخراج إذا كان جاهلا بالجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية للطفل. وأضاف الجفال أن الأخطر في مسرح الطفل إذا اعتمدنا على الإبهار والدهشة "حبكة ورؤية بصرية" مع إهمال غير مدرك لطبيعة الرسالة الموجهة وتحديد الفئة المستهدفة تماما، فحينما نوظف الأسطورة في مسرح الطفل ضمن مسوغات فنية يجب علينا حينها مراعاة عمر الطفل ومدى تجاوبه مع المضامين التربوية التي نبثها من خلال قصة من وحي الخيال وليس من نسيج الكذب والدجل والخرافة. ويرى الجفال الذي فرغ للتو من إشرافه على مسابقة الطفل المسرحي في دورتها الرابعة التي اختتمت أخيرا في الدمام، أن الاعتماد على إدراك الطفل في مرحلة معينة باعتباره يخلط ما بين الخيال والحقيقة، لا يعني بأن يغالي الكاتب ومن ثم المخرج في طرحه اللغوي والبصري إلى حد بث القيم التربوية عبر منظومة من الدجل والخرافات والشعوذة بحجة تجرد الطفل من الغرائز الشريرة وتميزه بالبراءة إلى جانب خلطه للخيال والواقع معا في مرحلة معينة بذاتها، مؤكدا أنه يجب علينا كفنانين ومخرجين أن نركز على منظومة القيم الإنسانية السامية وأن نجعل صراعنا بين الشر والخير واضحا بحيث نساعد الطفل في نقله تدريجيا من واقع الأحلام والخيال إلى فضاءات الواقع الجميلة دون إخلال بالصورة السينوغرافية والخيال المبدع. المسرحي محمد الهاشم قال معلقا على مقولة ضعف الإخراج المسرحي: لن أردد الجمل المعتادة، والمتعارف عليها، من ضيق الوقت أو عدم وجود التجهيزات الكافية في صالة العرض، لأنها مبررات غير مقنعة نوعا ما، لكنني أقول بأنني رأيت بأنه يوجد جزء بسيط من عدم الاهتمام بجودة العروض من ناحية اختيار الطفل المناسب لأداء الشخصية وإعطاء فرص لأناس ليس لديهم الخبرة ليحلوا محل المخرج، من الممكن أن تصنع مسرحا جميلا مغايرا لما رأيناه في مسابقة مسرح الطفل، دون مبررات كجودة مكان العرض، بحكم أن هذه مشكله تواجهها دول أخرى، إلا أنها تقدم للطفل ما لم نستطع حتى الآن تقديمه، لذا يجب أن نعي بأن العروض الخاصة بالطفل أحيانا تكون أهم من العروض الجماهيرية الخاصة بالكبار، حيث إنها تنتج من خلالها أطفالا واعين. ولعل الخلل يكمن في عدم توزيع العمل وعدم جود التخصص، طبقا لرؤية المخرج والكاتب المسرحي علي آل غزوي، الذي قال: المخرج ينشغل بإعداد النص واختيار الممثلين والتدقيق اللغوي والسينوغرافيا ورسم اللوحات الحركية والاستعراضات بل وحتى المكياج والأزياء والديكور بالإضافة إلى الأمور الإنتاجية، وبالتالي لا يوفق بإعطاء كل تلك الأمور حقها إلا إذا تحول المخرج إلى "سوبر مان". وتابع آل غزوي: على رغم وفرة الطاقات المسرحية بشتى تخصصاتها إلا أن كثيرا من المخرجين يصرون على تنفيذ كل شيء بأنفسهم، لذلك لا نتفاجأ حينما ندخل إلى البروفة ولا نرى فيها إلا المخرج والممثلين فقط، وهي بالطبع بروفة ناقصة، يحتاج المخرج إلى المراقبة والمتابعة الدقيقة للعروض المسرحية المميزة ولكل جوانب الفنون "التشكيل، التصوير الضوئي، السينما"، فكل الفنون مرتبطة ب"أبوالفنون"؛ ومضة من هنا وأخرى من هناك قد تفتح آفاقا أوسع للرؤية الإخراجية لدى المخرج، وأولى هذه الخطوات هي التمييز ما بين الخيال المبدع الذي يعيدك إلى صفاء الواقع وما بين الكذب والخرافة والشعوذة التي تتناقض تماما مع فحوى القيم التربوية.