فيما زادت حدة التحضيرات العسكرية الأميركية بشكل مكثف أمس في منطقة البحر المتوسط، يرافقها نشاط دبلوماسي كبير لوزير الخارجية جون كيري، وانطلاق جلسات الكونجرس، التي من المقرر أن تبدأ اليوم، لمناقشة الرد على طلب الرئيس باراك أوباما تفويضا لتنفيذ الضربة العسكرية لنظام الأسد؛ أكد كيري، وجود إجماع على أن الأسد تجاوز "خطا أحمر" باستخدام الأسلحة الكيميائية، قائلا عقب اجتماعه في باريس أمس مع وزراء عدد كبير من الدول العربية، "إن الرياض وقعت على الدعوة التي أطلقتها الجمعة 12 من دول مجموعة ال20 لتوجيه "رد قوي" لنظام الأسد"، موضحا أن دولا عربية أخرى ستعلن موقفها في هذا الشأن خلال ال 24 ساعة القادمة (اليوم). كثف وزير الخارجية الأميركية جون كيري نشاطه الدبلوماسي تمهيدا للضربة الأميركية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وعقد كيري اجتماعا مع وفد عربي في باريس أمس، ضم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزراء خارجية المملكة والإمارات والبحرين وقطر ومصر والأردن والكويت والمغرب وممثل للسلطة الفلسطينية. وأكد كيري عقب الاجتماع، وجود إجماع على أن الأسد تجاوز "خطا أحمر" باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. وأفاد بأن المملكة، وقعت على الدعوة التي أطلقتها الجمعة 12 من دول مجموعة العشرين لتوجيه "رد قوي" على استخدام الأسلحة الكيميائية، موضحا أن دولا عربية أخرى ستعلن موقفها في هذا الشأن خلال ال 24 ساعة القادمة، مشيرا إلى أن "الجميع فهموا جيدا أن القرار يجب أن يتخذ خلال ال 24 ساعة المقبلة". وأضاف "أجمعنا على أن لجوء الأسد المشين للأسلحة الكيميائية يعد تجاوزا لخط أحمر دولي"، وذلك في تصريح للصحفيين مع وزير الخارجية القطري خالد العطية. وتابع كيري "ناقشنا الإجراءات التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي لمنع الأسد من تجاوز الخط الأحمر مجددا"، موضحا أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية 11 مرة على الأقل. وأكد كيري أن "انتهاء الحرب الأهلية في سورية يتطلب حلا سياسيا فلا يوجد حل عسكري"، مشددا على أن "ما تسعى إليه الولاياتالمتحدة مع شركاء آخرين في المجتمع الدولي هو ضمان احترام القوانين في مجال الأسلحة الكيميائية. نحن لا نريد أن نكون طرفا في النزاع". وبدوره أعلن الوزير القطري أن بلاده تدعم إعلان الدول ال 12 في مجموعة العشرين. وأضاف "إذا كان المجتمع الدولي يريد بالفعل ضمان السلام والأمن في العالم فلا يمكنه البقاء بلا حراك عندما يتعرض شعب أعزل للهجوم" بأسلحة دمار شامل. وتابع "ندعو دولا أخرى إلى التدخل لحماية الشعب السوري مما يتعرض له" موضحا أن بلاده تدرس مع دول حليفة أخرى سبل التحرك. وحول تفاصيل الضربة، أكد الباحث الاستراتيجي بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سكوت كاربنتر، أن الرئيس باراك أوباما حسم في كلمته الأسبوعية أول من أمس الجدل حول إمكانية معاقبة الأسد، وأوضح بصورة لا تدعو للشك أن الضربة العسكرية قادمة لا محالة. وأضاف "على رغم قراره بضرب سورية، إلا أن أوباما يأمل أن يتم ذلك عبر موافقة الكونجرس، ووجود تحالف أوروبي كاف يوفر له غطاءً قانونياً. لكن المسألة أصبحت بعد كلمات الرئيس الأخيرة مسألة وقت ليس إلا. لأنه اتخذ قراره بالفعل وينتظر الظروف المناسبة لتنفيذه". وفي السياق، أعلن الخبير بمعهد كارنيجي للسلام ناثان براون، أن الرئيس السوري بشار الأسد ارتكب خطأ فادحاً عندما استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، وهو ما لا يمكن أن يتسامح معه المجتمع الدولي، وبذلك الفعل دفع الرئيس الأميركي لمعاقبته، لأنه وضع مصداقيته على المحك، لا سيما بعد إعلانه أن السلاح الكيماوي "خط أحمر". وبذلك وجد أوباما نفسه أمام طريق لا رجعة عنه، فإما يحفظ ماء وجهه وسمعة بلاده كدولة قائدة في العالم، وإما يمنح الأسد وغيره من الطغاة الضوء الأخضر لارتكاب جرائم ضد الإنسانية". وكانت الصحف الأميركية بدأت دق طبول الحرب على النظام السوري، وحثت الإدارة الأميركية على عدم التغاضي عن جريمة الغوطة. وقالت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها أول من أمس إن الضربة العسكرية على نظام الأسد تعتبر ضرورية لوقف جرائمه بحق الإنسانية. وأضافت أن جرائم الإبادة التي يقترفها الأسد هي التي توجب على الولاياتالمتحدة التدخل عسكرياً لمعاقبته، خاصة أنه لا توجد أي دولة أخرى يمكنها الرد على هذه الجرائم الإنسانية بالشكل المطلوب. من جانبها، دعت صحيفة واشنطن تايمز الإدارة الأميركية إلى عدم التغاضي عن جرائم النظام السوري، وقالت إنه يجب على واشنطن الاضطلاع بمسؤولياتها الدولية، ودعت لمعاقبة دمشق على استخدامها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة، مشيرة إلى أن عدم القيام بذلك من شأنه أن يتسبب في تداعيات كارثية مدمرة في شتى أنحاء العالم. كما حذرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور من أن النظام السوري وحلفاءه مثل روسيا وإيران قد يشنون حربا إلكترونية على الولاياتالمتحدة، وذلك في محاولة من جانبهم لتحييد أهداف سورية مثل أنظمة الرادار المضادة للطائرات. وأضافت الصحيفة أن الولاياتالمتحدة بدورها تمتلك من القدرة في حرب الفضاء الإلكتروني ما يكفي لرد هذا الخطر، ودعت واشنطن إلى استخدام قدراتها الإلكترونية بالتزامن مع الضربة العسكرية.