ألقى كثير من الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في مصر على جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية فشل جهود الوساطة الداخلية والخارجية التي هدفت إلى نزع فتيل الأزمة الدائرة في مصر. وقالت حركة 6 أبريل إن الإخوان يتعمدون إهدار هذه الجهود بمواقفهم المتعنتة وغير الواقعية. وأضاف مؤسس الحركة أحمد ماهر، في تصريحات صحفية "كل من حاول إيجاد حلول للأزمة الحالية أقر بأن الإخوان هم من يضعون العقدة في المنشار ويسعون للتصعيد ويطالبون بشرط تعجيزي لن يقبله أحد وهو عودة محمد مرسى لمنصبه وكأن ثورة لم تقم. ونحن من جانبنا نؤكد أن استمرار هذا العناد وعدم الاعتراف بالأمر الواقع ورفض الشعب للإخوان سيؤدي لنتائج وخيمة ليست في صالحهم بالمرة". وطالب ماهر الإخوان المسلمين بإعلاء المصلحة العامة وفض الاعتصام وقبول الإرادة الشعبية، خصوصاً مع وجود التقارير التي تتحدث عن حالات التعذيب في اعتصامات رابعة والنهضة، وكذلك مع رفض تفتيش الوفد الحقوقي لاعتصام رابعة، محذراً من أن كل تأخير سيزيد الفجوة بين جماعة الإخوان وبين المجتمع. وتابع ماهر بقوله إن الإخوان يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ويصرون على البقاء في عالم افتراضي بعيد عن الواقع. وكانت مشيخة الأزهر قد جدَّدت مؤخراً اتصالاتها بأصحاب مبادرات المصالحة الوطنية لدعوتهم لاجتماع برئاسة الدكتور أحمد الطيب، في إطار المبادرة التي أعلنت عنها الأربعاء الماضي. وأعربت المشيخة عن تفاؤلها بنجاح الاجتماع، مشيرة إلى أن بعض المبادرات يمكن أن يُبنى عليها لبدء مصالحة وطنية، مؤكدة أن استمرار الأزمة ينعكس سلباً على خطوات التقدم الديمقراطي، منادية بالإعلاء من شأن الوطن. وكان الطيب قد دعا بمناسبة عيد الفطر المصريين جميعاً إلى الوحدة ونبذ الخلافات والتسامح، مؤكداً أن المصريين قادرون على تجاوز الأزمة وإغلاق الباب على التدخل الخارجي في الشأن المصري الداخلي. وعلى رغم ظهور العديد من المبادرات الداخلية والعربية والغربية على مدار الأيام الماضية وما قبلها من عدة أحزاب سياسية ومبادرات شخصية، كان أبرزها المبادرة التي طرحها عدد من الشخصيات القانونية والسياسية التي ضمت المرشح الرئاسي السابق الدكتور سليم العوا والدكتور طارق البشري وفهمي هويدي، فضلاً عن المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء السابق الدكتور هشام قنديل، ومبادرة الداعية محمد حسان، إلا أن عدة تيارات سياسية ومجتمعية قد دعت إلى تبني مبادرة الأزهر وإعطائها أولوية على بقية المبادرات، بوصفها مبادرة داخلية نبعت من الشعب المصري ولم تأت من الخارج ولم تحاول جهات أجنبية أو دول خارجية فرضها عليه. كما أن الأزهر يتمتع بقبول واسع وسط المصريين بمختلف توجهاتهم، باعتباره بيت العائلة الكبير. وفي هذا الصدد بدوره قال النائب السابق بمجلس الشعب زياد العليمى "نجاح مبادرة الأزهر في جمع القوى السياسية على مائدة واحدة قد يمنح المبادرات قبلة الحياة، ولكنها في ذات الوقت مرهونة بقبول اللاعب الأساسي وهو جماعة الإخوان لها، والبديل عن المبادرات والانصياع لها هو التضحية بمزيد من شباب الجماعة لإرضاء تطلعات القيادات، وقد يؤدى في النهاية إلى عودة قبضة الأمن من جديد والدولة البوليسية بتوحشها وهو ما لا يهم الجماعة التي لا تبحث سوى عن وجودها في الحكم فقط". من جانبه، أكد الأمين العام المساعد لحزب "النور" الدكتور شعبان عبدالعليم ترحيبه بالمبادرات التي تساهم في حل الأزمة السياسية الحالية وتمنع إراقة الدماء، وقال في تصريحات إلى "الوطن": "حزب النور طالب بتشكيل لجنة للحكماء برعاية شيخ الأزهر للمساهمة في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الصراع والاستقطاب الحالي، كما تبنى الحزب مبادرة المرشح الرئاسي السابق الدكتور محمد سليم العوا وغيرها من المبادرات أملا في حل الأزمة بشكل يمنع إراقة الدماء، ونرحب بدعوة شيخ الأزهر وبأي مبادرة تهدئ الأوضاع وتمنع إراقة الدماء أو الحرب الأهلية التي قد تحدث، وكل ما نتمناه أن يغلب الجميع مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية وننهي هذا الصراع، ومن المهم توحيد المبادرات للوصول إلى أفضل صيغة لمبادرة سياسية تضمن موافقة الجميع أمر جيد لكن على كل الأطراف أن تتنازل قليلا من أجل الوطن". إلا أن الإخوان استمروا على تعنتهم ورفضهم للمبادرات. وكان القيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال حشمت قد أكد في تصريحات له أن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لن يقبل أي مبادرة للصلح يدعو إليها شيخ الأزهر بوصفه "شريكاً في الأزمة". وأشار حشمت إلى أن المبادرة الحقيقية التي سيرضى بها حزبه هي عودة السلطات المنتخبة لأنها المخرج الوحيد لحل الأزمة الحالية، على حد قوله.