كان الاتحاد السوفييتي يتكون من خمس عشرة جمهورية، وكان تعداد شعبه يتجاوز الثلاث مئة مليون نسمة؛ لكن ذلك الشعب لم يكن أمة واحدة، لذلك فشل ذلك الاتحاد ولا زال مهدداً بالمزيد من الانقسامات، في المقابل نجح الاتحاد الأميركي لأنه استطاع جعل شعبه أمة واحدة، وهذا ما يحاول الاتحاد الأوروبي فعله رغم تعدد اللغات والأديان والأعراق في الشعب الأوروبي الذي سيصبح فيما بعد الأمة الأوروبية، إذاً ما الذي يجب على الدولة – أي دولة - فعله كي تجعل من شعبها أمة، فالدين لوحده لا يمكن أن يجعل معتنقيه أمة واحدة، فلو حاولنا دمج أحد شعوب دول الخليج مثلاً مع شعب دولة أفريقية مسلمة كي يكونا أمة واحدة لما استطعنا فعل ذلك، ولكان ذلك استحضارا لمثالية غير موجودة، وما ينطبق على الدين ينطبق على اللغة كذلك، فإسبانيا مثلاً تتشارك في اللغة والدين مع عدد من دول أميركا اللاتينية ومع ذلك لا يمكننا القول بأن الإسبان وأي شعب من شعوب تلك الدول يشكلان أمة واحدة. إذاً فالدين واللغة بل وحتى الأصول المشتركة هي عوامل مساعدة في تكوين الأمة لكنها وحدها لا تكفي، فمسمى الأمة الإسلامية أو الأمة العربية هي في الواقع مسميات غير دقيقة. الحدود السياسية لا يمكنها تقسيم الأمة فاليمن كانت مقسومة (سياسياً) إلى دولتين وكان بينهما خلافات وصلت إلى حد المواجهة في بعض الأحيان لكن شعبي تلكما الدولتين كانا أمة واحدة فما لبث اليمن أن عاد إلى وضعه الطبيعي، وكذلك الأمة الألمانية التي حاولت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية أن تقسمها إلى نصفين ما لبثت أن عادت إلى وضعها الطبيعي كونها أمة واحدة، وهذا ما سيفعله الكوريون ولو بعد حين، تتوافر لنا في دول الخليج العربي عوامل كثيرة قد تساعدنا في تكوين الأمة الخليجية، فالدين الواحد واللغة الواحدة والأصول المشتركة بل وحتى القطر الواحد جميعها متوفرة لخلق الأمة الخليجية، ما الذي بقي لتكوين الأمة؟ بقيت عوامل كثيرة منها على سبيل المثال الوثائق المشتركة، والعملة الموحدة – التي ماتت قبل أن تولد – وبقي وهو الأهم في رأيي (سهولة التنقل) ففي اعتقادي أن ربط أجزاء أي قطر بشبكة قطارات سريعة تمكن جميع أفراده من التنقل بسهولة ويسر يسارع من وتيرة دمج الشعب وتحويله إلى أمة.