بوسط أحد أحياء الهنداوية جنوبجدة ظاهرة تتكرر كل شهر رمضان؛ ففي كل حي أو حارة وسط الحي يجتمع عشرات الأطفال من البنين والبنات عقب صلاة التراويح وحتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحا يلهون ويلعبون بزقاق ضيق. وفي مساحة ضيقة وسط الحارة نصبت العديد من المراجيح الخشبية والحديدية وطاولات المضرب والبلياردو ولعبة كرة القدم "الفرفيرا"، كما يسميها أطفال الحي إضافة إلى منصات القفز الحر وبعض أجهزة التلفاز التي يجرى عليها دوري ومسابقات للألعاب الإلكترونية يخدمها كشك بسيط من الخشب لبيع المقليات والعصائر الطازجة والمثلجة بجانب ما يعج به المكان من دراجات هوائية ونارية وأحصنة صغيرة، كل ذلك وسط إحدى حارات حي العبادلة أحد أحياء هنداوية جدة. "الوطن" استعانت بدليل من سكان الحي الشاب منصور فلاتة وما إن دلفنا إلى هذه الحارة حتى تعالت صرخات الأطفال بالتصفيق والترحيب بقدوم كاميرا التصوير، وبحسب فلاتة فإن كل التجهيزات في هذا المكان أو في أي مكان مشابه له وهي كثيرة بأحياء وحواري جنوبجدة تبدأ منذ أول يوم في رمضان؛ حيث يعمل أهالي الحي على تهيئة هذا المكان وجلب كل هذه الألعاب والمسليات على حسابهم كي يتمتع أبناء الحارة الواحدة باللعب واللهو بها طيلة شهر رمضان وأيام العيد. كل لعبة من هذه الألعاب يتحلق حولها عشرات الأطفال البنين والبنات الكل يلعب سوية حركة دؤوبة ونشاط مستمر وبسؤالنا لأحد مرافقي فلاتة وهو الشاب حسام فرساني عن سر هذه العادة وهل تتسبب في إزعاج لأهالي الحي أو الحارة ذاتها، أفاد بأن أهالي الحي هم من يجلب هذه الأشياء كلها لأبنائهم احتفاء بقدوم شهر رمضان والذي اختلف هذا العام عن الأعوام السابقة بكونه إجازة كاملة، مضيفا أنهم اعتادوا هذه الحركة والضوضاء فهي على حد تعبيره الميزة والشعور بشهر رمضان وأن الأهالي يكونون أكثر اطمئنانا على أبنائهم كونهم بالقرب من منازلهم وتحت أنظارهم. ويضيف زميلهم إياد نسيب، أن كل ما هو موجود هنا لا يخضع لسعر بل كله بالمجان عدا ما يقدم بالكشك الخشبي من مقليات وعصائر، مشيرا إلى أن تعارف الجميع في هذا المكان وأنهم أبناء بيت واحد فالأولاد يتبارون على كل طاولة ومثلهم البنات وربما تقام بينهم مباريات ومسابقات مجتمعين فكلهم من صغار السن ليس لديهم إلا اللهو البريء، مؤكدا خضوعهم للمراقبة من شرفات منازل أهاليهم فوق هذه الساحة الصغيرة حيث لا وجود لأي مشكلة بينهم أثناء اللعب فهم ينتقلون من لعبة لأخرى حسب رغباتهم ورضاهم. ويضيف نسيب أنه ومنصور وحسام قبل زمن قريب كانوا من رواد هذه الساحة وتربطهم بها ذكريات رمضانية جميلة، وأنهم وإخوانهم وآباءهم يدعمون شراء هذه الألعاب ويوفرونها لأبناء وبنات الحارة كل عام، حيث لا طعم ولا رائحة حسب تعبيره للشهر الكريم دون تواجدها وتواجد هؤلاء الأطفال بها طيلة الشهر وأيام العيد.