عادة ما يشعل قدوم شهر رمضان المبارك المنافسة بين المساجد الحديثة ذات التأثيث والتكييف المتميز والقراء الجاذبين للمصلين، إلا أنه في مدينة بريدة يتهافت المصلون على المساجد القديمة بطرازها المعماري التراثي، والتي أعادت هيئة السياحة بمنطقة القصيم وبعض المهتمين بتاريخ المنطقة، بناءها وترميمها لتتحول إلى ملاذ نقي لهم لبرودتها وبساطتها وروحانيتها. وأنجزت هيئة السياحة ترميم وبناء عدد من بيوت الله الطينية الواقعة في أحياء المدينة القديمة كمسجد الصباخ جنوب بريدة، وبعض المساجد في الأرياف الغربية، والتي يعود إنشاء بعضها إلى قرن من الزمان. ولقي ذلك استحسان الكثير ممن يهربون من صخب المدينة وضوضائها إلى السكون وطمأنينة القلب، خصوصا أن بعض المساجد الطينية تكاد تخلو من مكبرات الصوت والآلات الحديثة ليصل صوت الإمام عند القراءة كنفحات من الرحمن تخضب أطراف النخيل المحيطة بالمسجد، وتبدو الإضاءة الخافتة المعلقة بين أخشاب الأثل المصنوع منها سقف المسجد كألق في السماء، لينعزل المصلون بذلك عن العالم الخارجي وبهرجته الزائفة في أجواء روحانية تعبدية لا تشوبها شائبة. ويقول عبدالعزيز المزيرعي: إنه يقصد مثل هذه المساجد لروحانيتها وبُعدها عن صخب المدينة، فيما أشار علي عبدالله العمر إمام مسجد الرويبّة بالبوطة ل"الوطن"، إلى أن مسجده ينتظر دوره في الترميم مع بقاء مواد بنائه الأصلية كما هي، لكي لا يندثر تاريخه ويفقد خصوصيته التاريخية التي يقصده الناس بسببها. ودعا المزيرعي إلى سرعة تنفيذ الترميم، خصوصاً أن المسجد بات خطراً على المصلين الذين يكتظ بهم في الأوقات العادية وليالي رمضان، مطالبا في نهاية حديثه بحفظ مثل هذه الأماكن التاريخية والعناية بها. يذكر أن المساجد الطينية مكونة من مواد بناء أولية من طبيعة البيئة، وهي أخشاب شجر الأثل والطين والجص وسعف النخيل، مما يجعلها تحتفظ بأجواء البرودة التي تكتسبها من المزارع المحيطة.