ياااااه .. الحمد لله الذي تاب علينا، وتم القضاء على المسلسلات التاريخية، وصراحة لا أصدق أن هذا أمر كان له أن يحدث، كنت أظن أن جيلي والجيل الذي يليه، و"كمان جيلين قدام" من الممكن أن يتخلصوا من هذه الآفات البصرية التي شربتنا المر، وأذاقتنا الصبر، لا لذنب أو جناية، بل تعدٍ، واعتداء، وإفراط في استخدام القوة ضدنا، وعقابا على كوننا جئنا في لحظة تاريخية انفتح فيها الإنتاج الدرامي على مسلسلات التاريخ الدموية. "منك لله يا نجدت يا إنزور.. حار ونار كل الفلوس التي لهفتها"، فما الذي عملناه حتى ترمينا بكل طغاة العالم، وتعاقبنا بكل جزاريها، استوردت أنت وجماعتك كل القتلة، وكأننا ناقصين يعني.. "هولاكو"، و"تيمور لنك"، و"جنكيز خان"، و"كسرى"، و"هرقل"، و"حقين" الحروب الصليبية والمماليك، "أبو جهل"، و"أبو لهب"، وكل الشباب الذين لعبوا بحسبة أسلافنا في السنوات الغابرة. هؤلاء القوم الجبارون كل رمضان من كل عام يحشروننا في الزاوية، ويجلدوننا بالسياط البصرية، كما كانوا يفعلون مع عبيدهم، وجواريهم إن استنكفوا عملا، أو رفضوا أمرا. هل نحن "ناقصين" طغاة، وجزارين، ومجرمين.. نحن نشاهد كل ذلك يحدث على الهواء مباشرة في بث حي، لم نكن بحاجة إلى باحثين تاريخيين ليقولوا لنا أي نوع من الرجال "هولاكو"؟، لأننا نرى فعله كل يوم في نشرات الأخبار. لسنا بحاجة لمن يذكرنا بالدم، والجماجم، لأننا نسبح وسطها، لكن هذا العام، وفي سياق البرامج الرمضانية، ولله الحمد لا نكاد نرى عملا تاريخيا واحدا، وهذا وربي إنجاز ما بعده إنجاز، ونصر عظيم لكل النفوس الهادئة الهانئة، والنفوس البشرية العادية السوية التي ملت طعنات السيوف الافتعالية، والحشود الرقمية، والعمائم، والخوذات، ملت الجواري، والنوافير، والعروش الريشية، ملت العباءات الملونة، والخيول، والجواري، ودسائس القصور السلطانية. لا للنفوس التي لا تريد سوى أن تعيش بهدوء، وتشاهد قصة عادية.. قصة عادية إنسانية.. مسلسل عادي يا محسنين!.