أظهرت الانتخابات البلدية اللبنانية التي ما زالت جارية انتكاسة في المرحلة الأولى للمعارضة المسماة 8 آذار. إذ خسر الزعيم المسيحي المتحالف مع حزب الله ميشيل عون في الجبل. وتفرق حلفاؤه السابقون من حوله حيث تحالفت حركة أمل الشيعية وحزب الطاشناق الأرمني مع تيار المستقبل وقوى 14 آذار في انتخابات بيروت. فيما انسحب عون وتياره من هذه المنطقة. وتتالت الخسائر في انفضاض جورج سكاف الحليف الكاثوليكي في زحلة من تحالفه مع عون. فيما تعززت قوة رئيس الجمهورية وحليفه ميشال المر في المناطق المسيحية. هذه النتائج المفاجئة جاءت في أعقاب مكاسب بالانتخابات النيابية حققها عون في الجبل العام الماضي، ولكن صاحبها خسارة له وحلفائه في المناطق اللبنانية الأخرى وضعتهم في خانة الأقلية. ورغم الحصاد الهزيل حينها للمعارضة إلا أنها وتحت ضغط التطورات السياسية الإقليمية المحيطة نالت مرادها في حكومة وحدة وطنية شكلتها الأغلبية بتواضع حفاظا على ما يسميه اللبنانيون السلم الأهلي. أي تفادي الحرب الأهلية. و لم يتبين حتى الآن هل الخسائر التي لحقت بعون جاءت بسبب انسحاب حلفائه من حوله إثر التموضع السياسي الجديد لرموز الأغلبية وخاصة سعد الحريري ووليد جنبلاط. الشيء الذي أظهر الحجم الحقيقي للزعيم المسيحي المعروف بلغته الصراعية واستثماره الاستقطابات الطائفية والسياسية. أم أن الشارع المسيحي في لبنان لم يستسغ الشعارات المتناقضة التي رفعها عون وحقق بها مصالحه الذاتية، وقد يكون السببان معا. ما يحصل في لبنان ليس انقلابا في تيار 14 آذار فقط، بل في كامل الخريطة السياسية بما في ذلك المعارضة ( 8 آذار ) وليس بخاف أن للتطورات الإقليمية دورا في ذلك حيث الساحة اللبنانية مرآة لتوازنات المنطقة.