ضغوط الحياة وكثرة المشاكل اليومية وزيادة عدد ساعات العمل تؤثر على الإنسان بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص، وخاصة إذا كانت في فترة الحمل، حيث تؤثر تلك الضغوط على المرأة الحامل وجنينها، وقد تؤدي إلى تعرضها للولادة المبكرة. ويقول رئيس قسم النساء والولادة في المستشفى السعودي الألماني في عسير الاستشاري الدكتور حسن المتوكل إن الولادة المبكرة تعرف بالطفل الذي يولد قبل 37 أسبوعا من الحمل، وعادة ما تحمل خطرا قليلا على الأم، ولكن تأثيرها السلبي على صحة الطفل قد يكون كبيرا. ويتم تقسيم الولادة المبكرة إلى ثلاث فئات بحسب تقدم مدة الحمل، متوسطة وتكون بين 33 36 أسبوعا، وخطيرة وتكون بين أقل من 32 أسبوعا، وشديدة الخطورة وتكون بين أقل من 28 أسبوعا. وأكد الدكتور حسن أن ثلث حالات الولادة المبكرة تحدث دون سبب واضح رغم أن التجربة أظهرت أن هناك بعض السيدات ممن هن أكثر عرضة لهذه المخاطرة من غيرهن مثل السيدات الصغيرات جدا في السن، أو الأكبر سنا (في الأربعينيات من العمر)، أو صاحبات الحمل المتكرر، أو اللواتي يحملن بأكثر من جنين، أو اللواتي يعانين من سوء التغذية، والمدخنات. وترتبط أسباب بعض حالات الولادة المبكرة بمشاكل صحية، وهي ارتفاع مفاجئ وحاد في ضغط الدم والسكري، كما أن ضعف عنق الرحم أو عدم قدرته على البقاء مغلقا أمام ضغط وزن الجنين الذي ينمو، يمكن أن يؤدي إلى الولادة المبكرة وإلى العديد من الالتهابات المهبلية، وقلة نسبة الماء حول الجنين أو زيادتها خطر يؤدي إلى الولادة المبكرة أيضاً، كما أن الأحداث الضاغطة مثل الطيران لمسافات طويلة، أو موت أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الانتقال إلى منزل جديد، وغيرها من الأحداث إذا ما وقعت في نهاية الحمل يمكن أن تدفع السيدة الحامل إلى ولادة مبكرة. وأضاف أن الأعراض التي تظهر على السيدة الحامل هي التي يتم على أثرها التشخيص للولادة المبكرة، وهي التهابات الرحم وتكمن في شكل ارتفاع درجة حرارة الجسم وزيادة عدد كرات الدم البيضاء مع زيادة في ضربات قلب الجنين، بالإضافة إلى شعور الأم الحامل بالألم في البطن مع الإصابة المستمرة بالإسهال أو الإمساك، مع تغير وضع المشيمة وعدم ثباتها، مع الإكثار من الإفرازات المهبلية وظهور تشنجات في الجزء السفلي من البطن، أكثر من 8 مرات بالساعة. وهذه التشنجات تسبب الشعور بتمدد البطن وتذكر بآلام الدورة الشهرية، وألم خافت في أسفل الظهر والشعور بزيادة الضغط في منطقة الحوض والنزيف المهبلي وخروج سائل من المهبل. وفي حال التشكك بوجود أحد هذه الدلائل، خاصة إذا ظهر نزيف دموي، يجب التوجه فورا إلى المستشفى. وشدد الدكتور المتوكل على أن هناك الكثير من التقنيات والعلاجات التي تحاول الحد من هذه المشكلة والتي تعمل على إيقاف انقباضات الرحم ولتلك الأدوية الأثر الجيد على تأجيل الولادة وهي أدوية مضادات الالتهابات ومضادات هرمون أوكسيتوسين وأدوية تستخدم لأمراض القلب والضغط وتتمثل في كبسولات ولاصقات، مما يسمح للجنين بالنمو أو إعطاء الوقت الكافي للأم لتكملة حملها لأكبر قدر ممكن، ولذلك يصبح من المهم الحفاظ على الحمل لأطول فترة ممكنة لإعطاء الوليد أفضل فرصة متاحة للحياة داخل الرحم. ويوصى أحيانا بالراحة في الفراش بشكل مستمر، ويمكن في هذه المرحلة إعطاء الحامل حقن كورتيزون بجرعات محددة لتسريع نضج رئة الجنين، وفي حالات عديدة تكون رئة الجنين قد نضجت بعد الأسبوع ال 34 من الحمل ولا توجد حاجة لإعطاء الحقن. ولكن في الحالات التي تكون فيها الولادة قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، واستمرت التشنجات الرحمية يجب التوجه إلى المستشفى، وهناك وبمساعدة جهاز التخطيط على بطن الأم الحامل يمكن تقدير ما إذا كانت حالة مخاض أم لا. ومن هنا يمكن تقييم حالة عنق الرحم بواسطة التصوير بجهاز الموجات فوق الصوتية. وفي حالات حدوث تلوث أو مضاعفات أخرى تهدد حياة الأم أو الجنين فإن الولادة المبكرة تكون حتمية. وبين الدكتور حسن المتوكل أن المخاطر المحتملة للجنين الذي يولد قبل انتهاء فترة الحمل، أبرزها أن يكون أصغر حجماً وأقل نموا، وهو معرض لمخاطر حقيقية منها الوفاة أو مجموعة أخرى من التعقيدات التي تزيد كلما كان المولود أصغر حجما وأقل عمراً، كما أن درجة الولادة المبكرة ذات صلة بتطور مشكلات الطفل على المدى الطويل. فقد يعاني هؤلاء الأطفال من صعوبات التعلم، والعدوى والإصابات الميكروبية بسبب نقصان المناعة والشلل المخي والسكتة المخية ومشكلات بالقلب ومشكلات بالأمعاء وضعف في الحواس أو مشاكل في التنفس أكثر من غيرهم. وأكد الدكتور المتوكل أن المتابعة للحمل باستمرار لدى الحامل أمر هام جدا لتفادي أي مشكلة تظهر أثناء فترة الحمل، ومن خلال ذلك يمكن أن نقول الوقاية خير من العلاج، وتتضمن: الحفاظ على التغذية السليمة وتناول حامض الفوليك والحديد والكالسيوم كي يتم استكمال كل نواقص التغذية. ويجب المحافظة على وضع مستقر ومتوازن للأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، قبل الحمل لأن هذه الأمراض تزيد من مخاطر الولادة المبكرة. وينصح بتقليل ساعات العمل، والوقت الذي تمضيه الحامل واقفة على قدميها، ويوصى بممارسة أي نشاط بدني بشكل معتدل. وتجنب التدخين أثناء فترة الحمل، أو احتساء الكحول. وينصح باستشارة الطبيب المعالج بشأن العلاقة الجنسية لدى الزوجين إذا ظهر نزيف مهبلي أو مشاكل في عنق الرحم والمشيمة. والمحافظة على نظافة الفم وتنظيف الأسنان، واستخدام خيط الأسنان وزيارة دورية لطبيب الأسنان لأنه قد تكون هناك صلة بين تدني صحة الفم وبين الولادة المبكرة.