المعلم محور العملية التعليمية ولا قيمة لأي عملية تطوير للتعليم ما لم يوضع في الاعتبار مراعاة قائد المركبة وتذليل العقبات له لينطلق في خط سيره بارتياح ينعكس أثره على طلابه ركاب هذه المركبة وهم الهدف. لكن الواقع المؤسف أن المعلم هو آخر اهتمامات التربية والتعليم، وما استكثار راتبه عليه والسعي لتقليص إجازته ومعلمو البند إلا شهود على ذلك عدول لا يحتاجون إلى تزكية، وما ذلكم المسمى بتطوير التعليم إلا شاهد جديد يلقي ببعض حصص وأعمال المعلم المشرف على كاهل زميله ليزيد من أعبائه بدلا من توفير معلمين لهذا الغرض! مما جعل هذه العملية غير مقبولة، فالمنطق يقول إذا أردت أن ينجح مشروعك فقدم الحوافر بين يديه لا المعوقات، على أن من أهم الشواهد ذلك التوزيع الجائر والتفاوت الكبير بين أنصبة المعلمين، وإليكم مثالا من واقع نعيشه في تعليم الرس، إذ نجد مثلا في مدرسة متوسطة تضم تسعة فصول خمسة معلمين للغة العربية بينما في أخرى ذات عشرة فصول ثلاثة معلمين للغة! وفي هذا العام بلغت أنصبة بعض معلمي اللغة في بعض المتوسطات 12 حصة، بينما بلغ نصاب أحد معلمي اللغة في متوسطة قريبة منها 24 حصة، أي الضعف! خاطبت المدرسة بشأنها المعنيين فجاء الرد (التربوي) صارما يقول: ما لم يتجاوز نصابه 24 حصة فليس له حل، فهذا عمله وهذا نصابه حسب النظام، فأي منطق هذا؟ بل وأي نظام ذلك الذي يلزم معلما في مدرسة ما بكامل النصاب ويغض طرفه عن ذوي نصف النصاب، مالكم يا إدارتنا كيف تحكمون؟ وما بالكم لا تعدلون؟ أم تراه عدم الاكتراث بالمدرسة ومعاناة المعلم؟ أو الركون إلى الراحة وإيثار السلامة بعدم تحريك ذوي نصف النصاب من باب (سكن تسلم) أم هو...؟! المضحك المبكي أن هذا العام هو نهاية خدمة معلم ال24 التي تجاوزت 35 عاما، وكان المفترض أن يقل نصاب المعلم كلما زادت خدمته مراعاة وتقديرا، إلا أن هذا ليس له عند (التربية والتعليم ) أدنى اعتبار، لذا فقد عز على تعليم الرس أن يتقاعد دون أن تستنزف بقية طاقته، أو لعلها أرادت أن تسابق ذلك اليوم الذي نسمع به من بعيد والمسمى ب(اليوم العالمي لتكريم المعلم)، فبادرت إلى تكريمه بال(24) قبل حفل تكريم المتقاعدين، ومن الشواهد التي غفل التعليم عن آثارها السلبية على المعلم والمدرسة والطالب إقامة الدورات للمعلمين بشكل مكثف لم يلتفت فيها إلى مصلحة الطالب ولم تراع فيها أحوال المدارس وما يترتب على غياب معلميها من فوضى وإخلال بالعمل، فغياب ثلاثة معلمين لدى كل منهم أربع حصص يضيع 12 حصة يوميا! فأين التنسيق؟! أولا يكفي يا تعليمنا ما يعانيه كثير من المدارس من تغيب بعض المعلمين لظروف قاهرة فتبقى حصصهم شاغرة، والضحية التعليم والطالب؟! فهلا درست إدارات التعليم الوضع وقدرت الظروف وسعت لإيجاد الحلول؟ أم أنه مادام لم يبلغ (النصاب) فليس له حل؟