كانت عملية فصل "توزيع المنح السكنية" من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وإسنادها لوزارة الإسكان لتطوير بناها التحتية ومنحها للمواطنين المستحقين، آخر محطة وقف فيها دعم خادم الحرمين الشريفين للقضية الأهم في الشارع السعودي حالياً، بعد دعم متواصل واكب "الإسكان" منذ أن كان جهازه "هيئة" أمر بإنشائها أيضاً الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثم حولها ل"وزارة" في مارس 2011، ودعمها بالمال والإجراءات التي تمنحها الاستقلالية الكاملة. وخطوة بخطوة، كان للملك عبدالله بن عبدالعزيز ارتباط دائم، بأي تحرك تقوم به الوزارة، وإشراف ومتابعة دائمان، منذ أن أمر في 18 مارس 2011، بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية، ورفع القرض العقاري من 300 إلى 500 ألف ريال، وما صاحب ذلك من تخصيص 250 مليار ريال من فائض ميزانية 2011 لتمويل الإسكان، أمر يجسد اهتمام وحرص القيادة على تسريع عملية تملك المواطنين للمساكن، وهو ما تممه إسناد مهمة توزيع أراضي المنح الحكومية إلى وزارة الإسكان، وأن لا يتم توزيعها إلا بعد تطويرها وإدخال الخدمات إليها كافة. وإلى جانب الإستراتيجية الوطنية للإسكان التي تقوم عليها الوزارة، وتغطي من خلالها مشاكل وعوائق تملك المساكن وكيفية حلولها، أكد وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي، أن وزارته تعمل على تجهيز أكبر قدر من الأراضي المكتملة الخدمات، بحيث تسلم في أسرع وقت ممكن عبر برنامج دقيق وعادل لوصول الدعم لمستحقيه. أما فيما يتعلق بأمر أمر خادم الحرمين الشريفين الأخير القاضي باعتماد وقف وزارة الشؤون البلدية والقروية فوراً عن توزيع المنح البلدية وتسليم جميع الأراضي الحكومية المُعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق، أوضح الضويحي في حديث سابق أن الأمر يتضمن أيضاً أن تقوم وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لأراضي الإسكان، وأن تقوم وزارة الإسكان بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق، بالإضافة إلى إعطاء وزارة الإسكان الصلاحية الكاملة لاعتماد المخططات لمشاريعها الإسكانية وفق الضوابط والاشتراطات العامة، وأن تقوم بإحاطة وزارة الشؤون البلدية والقروية بذلك. وبين الضويحي أن توجيه خادم الحرمين الشريفين، صدر للوزارات والجهات المختصة بتزويد وزارة الإسكان بالبيانات اللازمة لتنفيذ مشروع تحديد آلية استحقاق وأولوية طلبات السكن المشار إليها بالأمر الملكي، مضيفا: "صدر قرار الملك إلى كثير من الجهات الحكومية التي تمتلك معلومات تمكننا من أن نبني قاعدة توزيع الوحدات السكنية بشكل أدق لأنه كل ما كانت المعلومات دقيقة، كل ما وصل الدعم لمستحقيه بشكل أدق". وبالتوازي مع ذلك، كشف الضويحي طرح 6 مواقع في المملكة للبدء في عملية تنفيذ بنيتها التحتية، تمهيداً لتوزيعها على مواطنين، مشيراً إلى أن الوزارة تعكف حالياً على وضع عقود إطارية جاهزة لإنجاز البنى التحتية بوقت قصير وسريع، مبينا أن ذلك سيسهم في تسريع وصول الدعم إلى مستحقيه. وأكد الضويحي أن قرار خادم الحرمين الشريفين الذي بدأت الوزارة بتنفيذه من صدوره سيعطي الوزارة مجالا أوسع للتخطيط وتجهيز البنية التحتية، مبيناً أن هذا الأمر يدعم رغبة المواطنين بالتميز في المساكن والتصاميم، لافتا إلى أن الهدف من هذا القرار هو رفع نسبة تملك المواطنين من الوحدات السكنية، مؤكداً على أن الوزارة تعمل على تجهيز أكبر قدر من الأراضي المكتملة الخدمات، بحيث تسلم في أسرع وقت ممكن عبر برنامج دقيق وعادل لوصول الدعم لمستحقيه. أمام ذلك، قال الخبير الاقتصادي فادي عجاجي ل"الوطن"، إن تطوير الأراضي الخام وتحويلها إلى قطع أراض سكنية يكلف القطاع الخاص في المتوسط ما بين 50 إلى 100 ريال للمتر المربع، مشيراً إلى أن التكلفة على وزارة الإسكان قد تتزايد تبعاً لارتفاع مواصفات البنية التحتية. وقال العجاجي إن عملية التطوير قد تستغرق سنة على الأقل بسبب تعدد الجهات المعنية بالتطوير من اتصالات وكهرباء ومياه ونحوه، إلا أن وزارة الإسكان قد تتمكن من اختزال نصف المدة إذا تم إنشاء إدارة معنية بالتنسيق بين الجهات الحكومية والمؤسسات العامة كافة ذات العلاقة بعملية التطوير. ورجع العجاجي بذاكرته إلى الوراء عندما قال إن أمر خادم الحرمين الشريفين في 18 مارس 2011، بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية ورفع القرض العقاري من 300 إلى 500 ألف ريال، يؤكد على حرص القيادة على تسريع عملية تملك المواطنين للمساكن، وهو الأمر الذي تممه خادم الحرمين بإسناد مهمة توزيع أراضي المنح الحكومية إلى وزارة الإسكان، وألا يتم توزيعها إلا بعد تطويرها وإدخال الخدمات كافة إليها وسينهي أزمة أراضي المنح غير المطورة. أما رئيس اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف حمد الشويعر فقال في حديثه ل"الوطن"، المساحات المناسبة المتوقع توزيعها على السكان، بين 250 إلى 400 متر مربع، معتبراً أن ذلك يعتمد على الأماكن التي يتم توزيعها سواء في القرى أو المدن لأن ذلك يختلف من خلال المساحات. وعن المدة الزمنية التي ستستغرقها وزارة الإسكان في إعداد البنى التحتية للمخططات الأراضي ومن ثم توزيع المنح على السكان، بين الشويعر أن أي مخطط يتم تطويره يحتاج فترة تتراوح بين سنة وسنتين، مشيراً إلى أن البنى التحتية تعتمد على الإضافات التي ستوضع به. وقال: "إن كانت الخدمات شاملة من كهرباء ومياه وصرف صحي وما إلى ذلك، فلا تقل الفترة الزمنية عن سنة وست أشهر على أقل تقدير"، لافتا إلى أن الفترة الزمنية أيضا تتوقف مدتها على عدد المخططات التي ستنشأ خلال الفترة المقبلة. وعن مدى استفادة شركات التطوير العقارية من هذا الأمر، أوضح أن الذي سينشئ البنى التحتية هو تلك الشركات، وسيتيح ذلك فرصة للشركات الوطنية للاستفادة من باب التكامل بين القطاع الخاص والعام، ومن الضروري أن يأخذ مشاريع القطاع العام القطاع الخاص. وأضاف الشويعر أن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن العقار مازال قويا حيث يعتبر ثاني قطاع في الدولة، فيما أصبح صناعة وتطويرا ومهنة عقارية، مشيراً إلى أن جميع شرائح المجتمع تعمل به وأنه لا يوجد توقع بخصوص انخفاض العقار خلال الفترة المقبلة. ولفت الشويعر إلى أن الأنظمة والقرارات الجديدة التي صدرت ستحدث توازنا في السوق بعملية ممنهجة، وقال: "إن كان هناك ارتفاع فسيكون منطقيا"، مبينا أن القطاع العقاري يعتبر ثاني أقوى قطاع بعد البترول، في حين أن العقار يقود أكثر من 120 نشاطا، وفي حال حدوث خلل فإن ذلك سيؤثر على باقي القطاعات. يذكر أن الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي أعدتها الوزارة وحصلت "الوطن" على نسخة منها، أوضحت أن أغلب سكان المملكة يعيشون في 3 مناطق رئيسة، هي (الرياض 25%، مكةالمكرمة 25%، المنطقة الشرقية 15%)، فيما سجلت الحدود الشمالية أدنى نسبة للسكان ب1%، بينما تساوت كل من حائل ونجران والباحة والجوف بنسبة 2%. وحددت الاستراتيجية الوطنية للإسكان 4 أهداف رئيسة، كما وضعت كذلك 4 برامج مع عدد من الآليات لمواجهة تلك التحديات والتغلب عليها. ومن أهم البرامج التي اعتمدتها استراتيجية الإسكان (برنامج اللوائح التنظيمية للإسكان)، الذي يتضمن الآليات الملائمة لتنفيذ اللوائح التنظيمية لقطاع الإسكان (النظام الوطني للإسكان، النظام الوطني للملكية)، بالإضافة إلى إعداد الأنظمة الفنية (كالتخطيط العمراني والرهن العقاري واللوائح التنظيمية لشقق التمليك) إلى جانب إنشاء محاكم متخصصة بالإسكان وتأهيل كوادر لتلك المحاكم وتطوير آليات للإنفاذ والتطبيق. ويتعلق البرامج الثاني ب(كفاءة سوق الإسكان)، ويتضمن آليات لرصد ومراقبة السوق (إنشاء مركز وطني لبحوث وبيانات الإسكان بالإضافة إلى التدريب وبناء القدرات)، وخدمات دعم الإسكان (قوائم أسعار الإسكان وخدمات التسجيل وخدمات التأمين وخدمات تصنيف الائتمان والمثمنين والمفتشين العقاريين)، فضلا عن معايير الإسكان ومراجعة مواصفات الإسكان ومؤشرات قطاع الإسكان. ويتصل البرنامج الثالث بما أسمته الاستراتيجية (دعم الإسكان)، الذي يشمل آليات الدعم الحكومي (تنويع الدور الذي يقوم به صندوق التنمية العقارية، وإنشاء صناديق خاصة وزيادة واستهداف الدعم الحكومي، وتيسير إجراءات تطوير الإسكان) فضلا عن إشراك القطاع الخاص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق أنظمة الرهن والتمويل العقاري، وتوريق مشتقات الرهن العقاري وتمكين المجتمع المدني من إنشاء صناديق إسكان للجمعيات الخيرية والتعاونية. أما البرنامج الرابع فيتعلق ب(نظم توفير المساكن)، ويشكل آليات إدارة الأراضي ك(تطوير نظام منح الأراضي، وبرنامج تطوير الإسكان على المدى الطويل والمتوسط والقصير)، بالإضافة إلى التخطيط العمراني شاملا (السجلات العقارية والصيانة وإعادة تأهيل وتحسين إنتاج وتوفير الأراضي وتوزيعها)، إلى جانب الشراكة بين القطاعين العام والخاص وخفض تكاليف تطوير الأراضي والبناء. وبالعودة للوزير الضويحي، فقد أوضح قبل أيام أن وزارته قد تسلمت حتى الآن مشروعين مكتملين من الوحدات السكنية، مضيفا: "الوزارة ستستمر في البناء عندما تدعو الحاجة لكن قرار الملك بإسناد توزيع المنح السكنية للوزارة، سيحدث توازنا في سوق الإسكان بالمملكة وأيضا توحيد جهات الدعم الإسكاني"، مشيدا بالجهود المبذولة من وزارتي المالية والبلدية والقروية لإيصال الدعم لمستحقيه. وأشار الضويحي إلى أن الوزارة مقبلة على إجراء ورش عمل تهدف لتبصير المواطنين وتثقيفهم في عملية البناء، إضافة إلى ما تعرضه من آليات عبر الموقع الالكتروني لوزارة الإسكان.