في الوقت الذي كشفت فيه إحصائيات السجل الوطني للأورام في المملكة تضاعف في أعداد الإصابات بمرض السرطان بشكل مقلق مما دعا بالجهات المختصة في مجال التوعية الصحية إلى تنظيم حملات صحية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية، أجمع عدد من المختصين والاستشاريين بأمراض السرطان وعلاج الأورام في حديث مع "الوطن" أن نمط الحياة بالمملكة سبب رئيس لتزايد نسبة الإصابات بمرض السرطان بأنواعه وفي مختلف الأعمار. وأشار المختصون إلى أن طبيعة البيئة السعودية التي أصبحت تركن إلى الكسل، والغذاء غير الصحي، والسمنة المفرطة لدى الجنسين عوامل ساعدت على تزايد بعض حالات السرطان إضافة إلى أمراض أخرى أشد فتكا بالمجتمع من السرطان. الأسباب مجهولة وأمام تزايد حالات الإصابة بمرض السرطان يقف المواطن عاجزا عن تحديد الأسباب بينما يسندها البعض إلى الغذاء الذي يتناوله المواطن وخاصة المعلبات ذات المواد الحافظة إلا أن هذه الأسباب لم تجد من يثبتها أو ينفيها من الأطباء والجمعيات المعنية بمكافحة المرض. وقالت أم محمد سيدة في عقدها الخامس أصيب بمرض سرطان الثدي وتم استئصال أحد ثدييها أنها لم تجد من يكشف لها عن الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض السرطان، وقال نسمع كثيرا أن بعض الأطعمة المعلبة تسبب السرطان وكذلك الزيوت التي تستخدم في القلي بشكل مكرر، وفي كل حين يظهر لنا تحذير جديد ولكن لا نجد من الطب ما يحسم لنا كثيرا من الأمور في خطورة بعض الأطعمة المعلبة. وقال علي الكناني إنه يسمع كثيرا من أصدقائه أن وجود محطات الوقود داخل الأحياء السكنية وما تسبب من انبعاث روائح المواد البترولية من الأسباب الرئيسية لإصابة بمرض السرطان، وقال على الرغم من تداول مثل هذه المعلومات إلا أن الأطباء والمختصين في مكافحة المرض التزموا الصمت ولم يحسموا الأمر مشيرا إلى أنه كان يفترض أن يكون المواطن على بينة من الأمر وفي حالة وجود ضرر من هذه المحطات داخل الأحياء السكنية اتخاذ قرارات حاسمة لحماية المواطنين من هذه الأمراض الخطيرة التي أصبحت تهدد حياتهم وتتزايد في كل عام. حجم الإصابة بالمرض من جانبه، قال استشاري الأورام بكلية الطب جامعة الملك عبدالعزيز البروفيسور الدكتور ياسر عبدالعزيز بهادر إن حالات السرطان بالمملكة يتم إحصاؤها حسب السجل الوطني للأورام في المملكة في السنوات العشر الأخيرة، مشيرا إلى أن أي حالة للسرطان في المملكة يتم تشخيصها وتسجيلها مباشرة في السجل الوطني بحيث يتم رصد عدد الحالات المسجلة والمرحلة ونوع التشخيص ومعلومات أخرى. وبين أنه بالنظر لعدد الحالات المسجلة حسب الأعوام لوحظ أن هناك تضاعف في عدد حالات السرطان بالمملكة، حيث بلغت الحالات المسجلة في 2002 (7600) حالة سرطان، وفي 2007 12 ألف حالة، ومتوقع أن تكون في 2013، 15 ألف حالة سرطان حيث أصبحت هناك زيادة في عدد الحالات المصابة بالسرطان. وقال إنه نظرا لزيادة متوسط أعمار السكان بالمملكة نتيجة التطور والرعاية الصحية فمن المتوقع أن تزيد عدد حالات السرطان في المملكة مشيرا إلى أن السرطان يزيد بالسن بمعنى أنه يكثر فيمن تزيد أعمارهم عن 40 عاما مشيرا إلى أن ثلثي سكان المملكة يمثلهم الأطفال والشباب ومع الزيادة المتوقعة في متوسط أعمار السكان إضافة إلى زيادة عدد المدخنين بين فئة الشباب والمراهقين ترتفع نسبة الإصابة بالسرطان. وذكر أنه مع التطور في السنوات الأخيرة ومع الرعاية الصحية وجد أن هناك أمراضا خطيرة قد يعيش معها الإنسان فترة طويلة ومدة أطول كالسل والدرن وأمراض القلب والسكر بحكم زيادة الوعي الصحي، مشيرا إلى أن أورام الكبد في السابق كانت مرتفعة جدا وقلت النسبة في الإصابة بهذا المرض مع حملات التطعيم ضد فيروس الكبد الوبائي. وأكد أن طبيعة الحياة والنمط الذي يعيش عليه سكان المملكة وقلة الرياضة سببا زيادة الحالات السرطانية وتضاعفها حيث ذكر أن سرطان الثدي والذي يكون جزء منه وراثيا حيث زادت نسبته فبلغ في 2002 (600) حالة بينما وصلت في 2007 (1200) حالة وكذلك سرطان القولون الذي يكون بسبب العادات الغذائية الخاطئة وصل في 2002 (500) وتضاعف في 2008 حتى وصل (900) حالة، بينما سرطان الرئة كانت الحالات في 2002 (200) حالة وتضاعفت مع التدخين في 2008 إلى (400) حالة، وسجلت في 2002 (400) حالة سرطان في الغدد اللمفاوية وارتفعت في 2008 إلى (700) حالة. وبين أن السرطان يمر بأربع مراحل مشددا على أهمية الوعي الصحي والفحص المبكر مشيرا إلى أن هناك عددا من الحالات التي يتم تشخيصها مبكرا في مرحلتيه الأولى والثانية حيث تزيد فيها نسبة الشفاء بإذن الله وشدد على أهمية دور الإعلام والحملات الصحية والتوعوية التي مع تطورها تمكن بإذن الله من اكتشافه في مرحلة مبكرة والشفاء منه، مبينا أن وزارة الصحة أصبحت تضع الخطط لمكافحة السرطان وتعمل على زيادة مراكز الأورام في كل مكان وذلك لاستيعاب عدد الحالات والمتوقع زيادتها. سرطان الثدي يتفشى وعن أكثر الأورام السرطانية انتشارا، قال الدكتور أسامة أحمد عباس معالج أورام بمستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي بالطائف إن أكثر الأنواع السرطانية انتشارا بين السيدات سرطان الثدي ثم القولون ثم سرطان الرحم وبالنسبة للرجال سرطان الرئة ثم القولون وبالنسبة للأطفال سرطان الدم ثم أورام الدماغ. وأجمع الأطباء على أن حملات الكشف المبكر لبعض أنواع السرطان ساهمت بشكل كبير في إنقاذ بعض المرضى، خاصة المريضات بسرطان الثدي وهو المرض الذي يلقى اهتماما ملحوظا من قبل وزارة الصحة للكشف عنه بشكل دوري، من خلال تنظيم الحملات المختصة به في كل المناطق. المملكة الأقل انتشارا وذكر رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للأورام بالرياض والاستشاري الأول في علم طب الأورام الدكتور عصام مرشد أن المملكة لا تزال أقل الدول انتشارا في السرطان وذكر أن النقطة المثيرة للجدل في المملكة أن الزيادة السنوية بمعدل 11.5% بمعنى أنها ضعف الزيادة بثلاثة أضعاف المعدل العالمي 3.5% مضيفا بأن هذه الزيادة لها تفسيرات مطمئنة ولها تفسيرات مقلقة وبين أن التفسيرات المطمئنة لهذه الزيادة أن تسجيل حالات السرطان بالمملكة لم يكن موجودا في السابق حيث بدأ التسجيل لحالات السرطان بالمملكة في 1994 وطريقة التسجيل لم تكن دقيقة في السابق والآن والحمد لله هناك دقة جيدة في التسجيل وأصبح السجل الوطني للسرطان موثقا عالميا بحيث يتم تسجيل أي حالة سرطان في المملكة مباشرة ولا يتم تسجيل الحالات المكررة وبين أن هناك تعاونا في السجل الوطني السعودي لحالات السرطان والسجل الخليجي للسرطان وبين السجل الأردني للسرطان، مشيرا إلى أنه يتم تسجيل أي حالة سرطان لأي سعودي في الخليج أو الأردن مباشرة في السجل الوطني في المملكة. وبين أن العمر المتوقع في السبعينات في المملكة كان 54 سنة ثم أصبح المتوقع في ازدياد فوصل إلى 79 سنة، هذا يعني أن هناك فئة عمرية زادت وهي فوق 50 و60 زادت وهذه الفئة هي أكثر الفئات فيها السرطان ويعتبر المرض مرض الكبار في السن، فكلما زادت الشريحة العمرية للكبار في السن كلما زاد عدد حالات السرطان وأشار إلى أن النمو السكاني في المملكة أكثر من غيره وهذا الزيادة تنعكس على الزيادة في الأمراض. وأشار أن النمط المعيشي في المملكة تغير عن السابق فأصبح السعوديون أكثر كسلا وسمنة في الجنسين وقل النشاط البدني إضافة إلى الغذاء ونوعيته وطرق تناوله حيث أصبحت العادات الغذائية لدينا سيئة جدا والطرق الخاطئة للطهي ونحو ذلك مما أدى إلى الإصابة بالأمراض الكثيرة أقلها السرطان وأكثرها أمراض القلب الذي تعد أضعاف الإصابة بالسرطان. مسببات السرطان وذكر أن أكثر الأمراض بالمملكة انتشارا وتؤدي للوفاة أمراض القلب وحوادث السيارات والسرطان، مشيرا إلى أن التدخين عامل رئيس في الإصابة بسرطان الرئة وخاصة لدى السيدات المدخنات، حيث زادت نسبة الإصابة من 10 حالات إلى ما يزيد على 100 حالة بين السيدات إضافة إلى زيادة عدد المراهقين المدخنين. وقال إن معظم أنواع السرطان له علاقة بالنمط الحياتي مشيرا أن سرطان الثدي من 5 إلى 10% وراثي و90% لا علاقة له بالوراثة وليس صحيحا أن كل امرأة مرضعة تحمي نفسها من السرطان، مبينا أن وزارة الصحة تعمل الآن على تعزيز الصحة والعمل على نظام وقائي وتحسين الرعاية الصحية ومحاولة منع المرض قبل حدوثه وتغير العادات النمطية والغذائية.