لا يكاد يمر يوم دون أن تطالعنا التكنولوجيا الذكية بتقنية عجيبة وكأنها تحولت إلى مغارة "علي بابا" لتحويل الأحلام التي طالما غازلت عقول البشر إلى حقيقة. ففي الأسبوع الماضي، تحولت أسطورة "طاقية الإخفاء" من قصة خيالية مسلية إلى واقع، حيث ابتكرت مجموعة من علماء الفيزياء في ولاية تكساس الأميركية، عباءة جديدة رقيقة للغاية مصنوعة من شبكة من النحاس الرقيق قادرة على إخفاء أسطوانة بحجم كف اليد بحيث لا تتمكن موجات الميكروويف من رصدها، مؤكدين أنه يصعب على موجات الميكروويف اختراق هذه العباءة، وأن التقنية الجديدة قد تفتح آفاقا جديدة في عمليات تأمين المقتنيات الثمينة. ويقول الباحث في جامعة تكساس أندريا ألو والذي شارك في إعداد الدراسة في ورقة بحثية نشرت في مجلة الفيزياء الجديدة التي يصدرها معهد الفيزياء والجمعية الفيزيائية الألمانية: إنه من حيث المبدأ يمكن أيضا استخدام هذه التقنية لإخفاء الضوء، فموجات الميكروويف والضوء تشغل نطاقات مختلفة من الطيف الكهرومغناطيسي ويتم التمييز بينها عن طريق طول الموجات فقط، مضيفاً أن الباحثين استخدموا هذه المرة طبقة رقيقة جدا جديدة عبارة عن شاشة يطلق عليها "ميتا سكرين" لإخفاء أشعة الموجات عند سقوطها على الجسم المخفي، وذلك على عكس المحاولات السابقة المعنية بالتخفي والتي استخدمت فيها مواد ذات تركيبة وطبيعة متغيرة لتحويل أو كسر مسار الموجات المستقبلة المحيطة بشيء ما. ويضيف أندريا أنه في العادة تتكون المجالات الكهرومغناطيسية، ومن بينها الضوء والميكروويف، من موجات، وبإمكان العين البشرية رؤية الأشياء لأن هذه الموجات ترتد من على سطحها، وعندما تتداخل المجالات المشتتة من العباءة والجسم، فإن كلا منهما يلغي تأثير الآخر ويصبح التأثير الكلي عبارة عن صورة شفافة ويختفي الشيء عند النظر إليه من جميع زوايا المشاهدة، ويشبه تصميم العباءة شبكة صيد السمك، وتتميز عن التقنيات الموجودة بكونها تأخذ شكل الشيء الذي يتدثر به وكذلك بسهولة التصنيع وتحسين عرض نطاق تردد الموجات. ولا تتوقف طموحات التكنولوجيا لإسعاد الإنسان عند حد معين وتمتد دوماً لمنحه ما هو أكثر من السعادة إلى الرفاهية والحماية والأمان، ومؤخراً أعلنت ثلاث مهندسات هنديات أنهن استطعن ابتكار جهاز يتحقق من الجرائم الجنسية، من خلال استخدام تكنولوجيا "جي بي إس"، نظام المواقع العالمي، والتي تستطيع إرسال تنبيهات لأسرة الفتاة والشرطة عند تعرضها لأي اعتداء جنسي. وذكرت قناة "برس ترست أوف انديا" الهندية، أن المهندسات استخدمن النظام العالمي لاتصالات الهواتف المحمولة، وأجهزة استشعار قادرة على إرسال موجات صادمة تصل إلى 3.800 ألف كيلوفولت، بالإضافة إلى تنبيه أسرة الفتاة والشرطة عند تعرضها للاعتداء. ونقلت القناة عن مانيشا موهان التي شاركت في الابتكار الجديد تحت عنوان "معدات تحرش المجتمع"، قولها إنها نجحت مع زميلتيها ريمبي تريباثي ونيلادري باسو بال الباحثتين بجامعة راماسوامي التذكارية في تشيناي الهندية، في تطوير هذا المنتج وأنهن يعملن الآن على وضع اللمسات النهائية له لإطلاقه تجارياً خلال الشهر الجاري. من جهته، يقول ممدوح علي، الكاتب الصحفي المتخصص في التقنية الذكية، في تصريحات إلى "الوطن"، إن "عالم التكنولوجيا الذكية لم يعد يتوقف عند حدود معينة، وهناك شركات تسعى الآن إلى الوصول إلى مرحلة تحويل المكالمات الهاتفية إلى مكالمات مجسدة، بحيث يكون بوسع مستخدم الهاتف رؤية صور من يتحدث معهم وكأنهم جالسون معه في الغرفة ذاتها، ففي الوقت الذي لا تزال فيه خدمات التواصل بالفيديو، مثل التي تقدمها كل من شركتي "آبل" و"كايب"، ما تزال في مراحلها الأولى، إلا أن الأبحاث قطعت شوطاً كبيراً في تحديث التكنولوجيا المستخدمة لتطوير مكالمات رباعية الأبعاد، يقوم مختبر "The Human Media Lab" لوسائل التواصل البشرية، والتابع لجامعة كندا كوين، بالعمل على نظام للمحادثة المجسدة باسم TeleHuman والذي يستخدم أنظمة مايكروسوفت المتمثلة في أجهزة الاستشعار المعروفة باسم كينكت والمستخدمة مع جهاز ألعاب الفيديو التابع لمايكروسوفت المعروف باسم "أكس بوكس"، كما سيستعين المختبر بجهاز لعرض الصور ثلاثية الأبعاد، بالإضافة إلى إطار أسطواني لتحديد حجم الصورة المعروضة"، مضيفاً أنه يوجد أمل كبير في الحصول على التكنولوجيا المولدة لهذه المكالمات في المستقبل القريب -على حد قوله-.