قرأت ما كتبه الأستاذ عبدالرحمن آل حامد في "الوطن" عدد يوم الخميس الموافق 4 أبريل 2013 تحت عنوان: "نشوء الإماراتالعسيرية كان نتيجة لقيام الدولة السعودية"، ثم بدأه بمقدمة تاريخية تدور في فلك العنوان، ثم تحدث عن استخدامي لفزاعة "إمتاع السامر" ضده، وعن المروءة والفروسية التي أعلم أنها في الكتابة تستلزم الحديث في النور، والابتعاد عن الاستدراج إلى إثارة نزعات ضيقة لدى القراء، أو استدرار العواطف، وكلام الأستاذ الكريم قد يحمل إيحاءً بأنه يتعرض لمحاولة ابتزاز من خلال اتهامه أو استدراجه للحديث عن التاريخ السياسي لعسير، فبدأ من خلال العنوان والمقدمة وكأنه يحاول أن يذب عن نفسه شبهة أو أن يفرغ من يدي سلاحاً أحاول استخدامه، مع أن الجميع يعلم أنه لا يوجد أي مشكلة في كتابة التاريخ السياسي لإقليم عسير فيما قبل الدولة السعودية الأولى، فهنالك الكثير ممن كتبوا آراءهم في هذا الخصوص بشكل جلي ولا زالوا، وتبوؤوا أعلى المناصب، فالجهات الرسمية معنية بإيقاف العبث والتزوير والكتابة من الظلام، وهو ما أفضى إلى منع النقل عن "إمتاع السامر" بصفته كتابا مزورا لا ينتمي لمن مهر اسمه عليه، وكان ذلك بعد أن تمت دراسته من قبل المختصين، وأؤكد هنا للأستاذ عبدالرحمن بأنني لم أقصد يوماً إحراجه في هذا الخصوص وكل ما يعنيني هو رفض أي معلومة تتعلق بما طرح في إمتاع السامر من أفكار ما لم يتم إحالتها إلى سواه، كما أنني أشرت إلى أن كتباً صدرت عن جهات رسمية استندت إلى ما ورد في مجموعة إمتاع السامر من أفكار، وكان ضمن الكتب المشار إليها كتاب للكاتبة نورة آل سعود، فهل تراني كنت أحاول الابتزاز؟ فالجميع وقع في مصيدة أخبار هذه الكتب، بما فيهم أنا والأستاذ عبدالرحمن، لذا لا أرى داعيا لهذا العنوان المسرحي، والإشارات غير الملائمة في الموضوع، وسأتجاوز كل ذلك إلى ما أورد الأخ عبدالرحمن حول التطاول على الأسر والكتَّاب كما يدعي، فليس صحيحاً أنه كان هنالك تهجم على أسر ولا كتاب، وليس أكثر من أنني رفضت الأخبار التي انفردت بها مجموعة إمتاع السامر، وانتقدت تأييدها، وكون هنالك من يرى أن المكاسب المتحققة من هذه الأخبار أصبحت حقاً مشروعاً له، وأن أي نقاش حولها سيعني المساس به، وكون هنالك من تورط بالاستناد لرواياتها، فيبقى لهذه الأسر الكريمة وأولئك الكتاب حق الاحترام والتقدير دائماً، لكنني لن أحترم أبداً ما ورد من أكاذيب في إمتاع السامر، فمن غير الإنصاف أن كتباً تبزغ من الظلام تتدخل في التاريخ والانتماء والهوية والتوازنات الاجتماعية الموروثة، دون أن يتم إيقافها، وإيضاح أخطائها، لمجرد أن هنالك من يرون أنهم يحققون مكاسباً من ورائها، وحسبي في هذا الخصوص أنني اعتمدت النقل والمقاربة المنطقية واضحة المعالم متكئاً على استقراء وغربلة دقيقة للمراجع التاريخية الحقيقية قبل إبداء الرأي، وأنني لم أكتب إلا ما توصلت إلى القناعة الكاملة بصحته، ويبقى الكمال لله، ولا شك أن أي تجاوز بحق أي أسرة أو كاتب يعطيهم الحق بالتقدم للجهات المختصة ومقاضاتي وهو ما لم يحدث مما يدل على خطأ ما ذكره الأستاذ عبدالرحمن، بل إنني وجدت الكثير من التواصل الذي حمل الشكر والثناء من الكثير، بعضهم من الأسر التي تداخل ذكرها مع الأخبار التي تم التطرق إلى خطئها في الكتاب أو غيرهم، مما يدل على ارتفاع مستوى الوعي وعلى أن الكتاب قد حظي بالكثير من التأييد، ولا شك أن صدور مجموعة من الكتب المزورة في هذه المنطقة بالذات، وتأثيرها القوي الذي نلاحظه على رواية التاريخ يدل على وجود مشكلة في هذه المنطقة بالذات تحتاج إلى المعالجة، فالحقيقة لا يحتاج بيانها إلى التزوير والتزييف، مما يؤيد أن هنالك الكثير من الأخطاء التي يتم تمريرها من خلال الكثير من المزورات، خاصة وأننا لا زلنا أمام مجموعة متحمسة لا زالت ناشطة. أما بخصوص نسب عسير، فحماس الأستاذ عبدالرحمن في رفض الأدلة الواضحة بدءاً من نص الهمداني الواضح حول نسب عسير إلى نص الكلبي إلى نص الهجري ونص النمري وغيرهم، وإصراره على عدم تجاوز ما أوردت مجموعة إمتاع السامر حول نسب عسير دون أي دليل من أمهات الكتب حتى الآن يثير الدهشة، ورغم غرابة تأكيد الأستاذ عبدالرحمن على قدم انتماء بني مالك تمنية إلى شهران مخالفاً ما أورده الهمداني دون أي دليل، فالأغرب منه ترجيحه أن عامر بن ربيعة ولد بمكة ثم اتكائه على هذا الترجيح للتأكيد على أنه لا ينتمي إلى رفيدة عسير بل إلى رفيدة قحطان، وتقريع الطرف الآخر الذي لم يستوعب ذلك!، ورغم أن الأمر أصبح أوضح من أن يستمر النقاش حوله، إلا أنني سأرد على الأستاذ عبدالرحمن للمرة الأخيرة وباختصار، فقد أنكر صحة ما نقلته عن الجاسر وأعاد ذلك في رده عدة مرات واستشهد بذلك على عدم موضوعيتي وبدا وكأنه قد تمكن من إنهاء النقاش، والحق أنه ورد في القسم الثاني من كتاب التعليقات والنوادر ص550 في التعليق على ما ورد حول جرش وثابت العريجي وبني مالك في الهامش قول الجاسر: "جرش كانت من أشهر مدن السراة وقد درست الآن وموقعها معروف وآثارها باقية، وبنو مالك بطن لا يزال معروفاً من بطون قبيلة عسير المشهورة"، ونص التعليق واضح، ولكن يبدو أن الأخ الكريم لم يضع يده عليه فاستعجل في الرد، والتعليق لا علاقة له بتمنية فهو يتواءم ومقاربته بين وجود عريج في بني مالك من عنز وعريج في إواس من شهران مع ما ذكره الكلبي، من احتمال أن تكون بنو عريج في شهران لها علاقة بعريج عنز بن وائل لكون عنز تداخلت في خثعم، وهي مقاربة ممكنة لتجاور القبيلتين، لكن بني إواس لم تكن بطنا من بطون بني مالك تمنية ولا بني مالك عسير في عهد الهجري، فقد كانت معدودة من بطون شهران نصاً، واعتبار أن مالك تمنية كانت قد دخلت في شهران في زمن الهجري لا يصح لأن الهمداني الذي جاء بعده وفي نفس المرحلة تحدث عنها بإسهاب فذكر أنها من عنز بن وائل، حيث ذكر أن قرية تمنية لنبي مالك من عنز، ولم يرد أن فيها قبيلة اسمها إواس، أو أن لها علاقة بخثعم، ومن هنا فلا علاقة لما ذكره الهجري عن بني عريج من إواس من شهران ببني مالك قرية تمنية التي كانت ما تزال مالكية عنزية عندما تحدث عنها الهجري، فإشارة الهجري إلى وجود عريج مالكية عنزية وأخرى إواسية شهرانية، يدل على وجود البطنين في وقت واحد، مما يعني أنهما مختلفتان في النسب ومن ثم المسكن، كحال آل أبا جويبر في قرية الفية ببلاد عسير وآل الجويبر في بلاد بني شهر في القرن الثاني والثالث للهجرة حسب النقوش الأثرية. أما بخصوص القرى الواقعة شرق أبها فقد أوضحت منذ ردي الأول عدم علاقة ذلك بنقاشنا، لذا لم أبحث في هذا الموضوع إلا من خلال ما تحمله الذاكرة عن القصة التي أوردها الأخ عبدالرحمن، التي تشير إلى أن هنالك حربا اندلعت حول قرية قاعد التي كانت تتبع لبني مالك وانتهت بتمكن أفراد قبيلة آل قاسم من آل يزيد علكم من حرقها، وأن هذه القرية التي كانت لبني مالك أصبحت على إثر هذه الحادثة لبني مغيد، وأن سكانها حالياً معظمهم من علكم حسب ما أورد الأستاذ عبدالرحمن، ونظراً لاعتراضه بثقة على ما أوردت فقد عدت إلى نصوصه فوجدته قد أورد في هامش صفحتي 731، 732 تعليقاً على القصة يشير فيه إلى عدم صحة ما ورد في المصدر من أن الدارة كلها لبني مالك حسب المتعارف عليه فجزء منها لعلكم، وقال بأن هذا الجزء هو ما يمثل الدارة الحقيقية التي أشار لها الهمداني وفيها هضبة العروس، كما أشار إلى أن جوحان في الأصل ترجع إلى علكم وليس إلى بني مغيد فوجب التنويه إلى ذلك، رغم عدم علاقة ذلك بالموضوع. وللأستاذ عبدالرحمن كل التقدير والاحترام.