احتفل الممرضون والممرضات، أو "ملائكة الرحمة" كما يسمون، بيوم التمريض الخليجي تحت شعار "التمريض عناية مستمرة وشاملة"، إلا أن هواجس كثيرة ما زالت تسيطر على أفكارهم حول: إدارات التمريض التي غاب دورها وغياب حقوقهم، وانعدام التدريب، إضافة إلى ما يتعرضون له من اعتداءات تصل إلى حد الضرب والتحرش. اعتداءات مستمرة "الوطن" التقت ببعض العاملين والعاملات في مهنة التمريض، حيث قالت الممرضة "ندى": تعرضت للضرب المبرح من إحدى الزائرات، لمجرد طلبي منها ضرورة مغادرة المستشفى نظرا لانتهاء الزيارة، وأضافت لم يسعفني منها رجل الأمن، الذي كان يقف متفرجا وهي تلقيني على الأرض وتنزع حجابي من فوق وجهي بعد أن أشبعتني ضربا. وتضيف "أنا الآن ما زلت أطالب بحقي الخاص الذي لم أستطع الحصول عليه حتى الآن، بعد أن تخلى المستشفى عن واجباته من ناحية المطالبة لي ولمثيلاتي بحقوقنا"، متسائلة: من هو المسؤول عن حمايتنا أثناء العمل أليست هي الجهة التي نعمل فيها؟ وذكرت الممرضة أماني، وهي تعمل في قسم الباطنية منذ 6 سنوات، أنهن يعانين من ظاهرة التحرش لفظيا من بعض زوار ومراجعي المستشفى، وقالت: إن ذلك يعود لعدم وجود أنظمة صارمة من أجل حمايتهن أثناء تأدية واجبهن، كما بينت أنها ومثيلاتها من العاملات لا يستطعن الرد أثناء توجيه بعض الألفاظ "النابية" لهن، حتى لا يسمون بصفات المجتمع التي هن أكثر دراية بها. حقوق غائبة من جانب آخر، قالت الممرضة "ف.س" - وهي تعمل في قسم العمليات -: "إن حقوق التمريض غائبة تماما، ولا بد من إيجاد قسم يعنى بحقوق التمريض، خاصة نحن نعاني من غياب الأمن تماما، الأمر الذي يجعلنا عرضة للاعتداء المستمر من قبل بعض المراجعين والتحرش بالألفاظ، وتضيف: "بدل الخطر وبدل العدوى لا تصرف لنا بالرغم من احتمال تعرضنا للعدوى وللخطر باستمرار، بالإضافة لافتقادنا لوسائل السلامة التي تقينا مخاطر الأشعة في غرفة العمليات". "هنادي" ممرضة أخرى تقول: نحن لا نحتاج أكثر من التحفيز وتكثيف التدريب للممرضين والممرضات على المهارات العامة، وتسائلت: أين دور القيادة التمريضية الذي يعتبر شبه غائب عن الوعي تماما في المناطق؟، وأشارت أن هذا الغياب غير مبرر ويشعرهن بكثير من الارتباك، ونوهت أن دور القيادات التمريضية هو دور مهم للوقوف على حاجاتهن وتلمس هموم الممرض، الذي يفني جهده من أجل المريض. كوادر أجنبية أما الممرض عبدالعزيز فقال: "التمريض في المملكة يمر بمراحل تطور كبيرة وهي من المهن النبيلة، التي نفخر بممارستها ونتطلع أن نستفيد ممن سبقونا في الانخراط فيها"، وأضاف أن تهميش الكوادر السعودية في بعض المستشفيات والإبقاء على الكوادر الأجنبية على رأس إدارات التمريض أمر لا مبرر له، ولا سيما في ظل وجود الكفاءات العلمية والعملية الهائلة التي أصبحنا نشاهدها بالرغم من محاولة البعض بغض النظر عنها. أما الممرض "محمد": فقد استغرب من وجود مديرات تمريض أجنبيات يترأسن هذه المهنة في ظل توفر الكوادر الهائلة المتميزة، وأضاف "أن يترأس هذه المهنة أناس لا يدركونها جيدا، بالإضافة لبعد تخصصاتهم كل البعد عن التمريض فهذه تعد من الأمور التي افقدتنا الثقة بهم لعدم وعيهم في إبعاد مهنتنا وعدم تلمس حقوقنا". تطوير يحتاج المزيد "الوطن" التقت رئيسة التمريض بمستشفى الملك خالد بتبوك نوضة الجهني، والتي بينت أن مهنة التمريض من أعظم وأقدم المهن ولا يمكن الاستغناء عنها، حيث إنها أقدم من الطب نفسه وتتطور من حين لآخر ويتزايد عدد التمريض من سنة لأخرى مع تغير نظرة المجتمع لمهنة التمريض، وأضافت قائلة: "التمريض اليوم بالمملكة يعتبر من المهن الشاقة والصعبة لتزايد التخصصات الدقيقة". وأوضحت أن من تطورات المهنة إنشاء المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية، التي من دورها وضع المعايير لمهنة التمريض والطب والتخصصات الأخرى، لضمان جودة العناية التمريضية المقدمة للمريض، واعترفت الجهني بوجود قصور في القيادات التمريضية وبغياب الدور التدريبي، حيث قالت: "بظني أن وجود إدارة تمريض وإدارة تدريب قوية تساوي تمريضا قويا متطورا، يؤدي إلى جودة وتميز بالعناية التمريضية المقدمة للمريض"، وأكدت أن غياب دور إدارة التمريض الفاعل نتج عنه أن الممرض أو الممرضة أصبحوا لا يعرفون حقوقهم وما عليهم، وأضافت أن هناك عددا من الممرضين والممرضات يعتبرون مميزين، ولكن لا يجدون من يكرمهم أو يحفزهم مما جعل البعض منهم محبطا، الأمر الذي انعكس على أدائهم، وأضافت أن بعض الممرضين يعانون من ضياع حقوقهم في ظل عدم التعاطي معها، ولا يعرفون أيضا ما لهم وما عليهم من واجبات تجاه المرضى ومسؤوليهم. على رأس العمل وفي سؤال توجهنا به لمديرة إدارة التدريب بمنطقة تبوك الدكتورة أميرة الشامان، عن الآلية المتبعة في إطار التأهيل المستمر للكوادر التمريضية بما يتوافق مع التطورات العلمية المتسارعة، ذكرت أن إدارة التدريب والابتعاث تقوم بتنفيذ كثير من البرامج، ومنها برنامج تدريب التمريض السعودي ممن هم على رأس العمل على أن يستمر التدريب من قبل الأقسام المختصة بالمستشفيات، كما تقوم بالتعاون مع كثير من الجهات في هذا المجال، مثل جمعية القلب وجمعية العناية الحرجة والجامعات وتقوم بتنفيذ كثير من ورش العمل، التي تسهم في الارتقاء بتحسين المستوى الفني لجميع الكوادر التمريضية وما زالت الخطط التدريبية مستمرة. تأهيل رؤساء التمريض "الوطن" أجرت اتصالا مع مديرة التمريض بمنطقة تبوك زهور البلوي، والتي أكدت أن التمريض يرتقي من خلال التدريب الجيد، كما أضافت أنه قد تم الانتهاء من برنامج كفاءة، الذي سيسهم في رفع مستوى أداء التمريض السعودي وغير السعودي في جميع مستشفيات المنطقة، وأيضا الانتهاء من برنامج القيادة التمريضية، وذلك لإعادة تأهيل جميع رؤساء التمريض، الذين سيتم تكريمهم قريبا في مؤتمر المستشفيات الجاذبة تحت رعاية وزير الصحة، وأشارت إلى أن نسبة المكرمين من المتميزين في منطقة تبوك يعتبر "نصيب الأسد"، حيث إنهم بلغوا 30 ممرضا وممرضة، وأكدت البلوي على وجود ورش عمل ومحاضرات على مدار السنة لجميع التمريض على مستوى المنطقة. تهرب من الإجابة من جهة أخرى، اتصلت "الوطن" بمديرة عام التمريض بالنيابة بوزارة الصحة، الدكتورة إلهام سندي، وسؤالها عن سبب غياب التدريب الذي أسهم في تدني بعض الخدمات التمريضية، حيث طلبت إرسال الأسئلة مكتوبة، ووعدت بالرد الفوري، وعند محاولة التواصل معها لاحقا على مدى ثلاثة أيام عبر الاتصال والرسائل النصية لم نجد أية استجابة، كما تم الاتصال أيضا بالمتحدث الرسمي لوزارة الصحة، الدكتور خالد مرغلاني، الذي وعد بالتجاوب، حيث استمرت "الوطن" لثلاثة أيام في إرسال الرسائل والاتصال دون أي تجاوب.