ترى الشاعرة المغربية عائشة البصري أن القصيدة في وقتنا الراهن لم تعد تتحمل العزلة.. لذا فهي تسعى إلى قصيدة "خارج الزمان والمكان". وقالت الشاعرة التي صدر لها أخيرا عن دار النشر الفرنسية لارماتان مجموعة "حدس الذئبة" إن العزلة "لم تعد تليق اليوم بقصيدة العصر. لهذا أسعى دائما إلى قصيدة كونية خارج الزمان والمكان، حتى أكون نقطة صغيرة مضيئة في قصيدة إنسانية طويلة". وفي لقاء مع رويترز قالت عائشة البصري، التي ترجم عدد من أعمالها إلى عدة لغات، "أظن أن القصيدة المستقبلية ستكون بلا خرائط... حاليا لم يعد هناك إقليمية في الشعر. يجب أن نسعى إلى الترجمة من لغاتنا. "وترجمت أعمال الشاعرة عائشة البصري (52 عاما) إلى عدد من اللغات، منها الإسبانية والإيطالية والإنجليزية والألمانية والسويدية والتركية. وتعتمد عائشة في شعرها على الفكرة البسيطة المفهومة "بدلا من التلاعب بالكلمات والقافية" وتقول إنها تريد أن يستمتع القارىء باللغة، ولكن في نفس الوقت تبقى في ذهنه فكرة. وتضيف "أنا أريد شعرا جميلا، ولكن أريد أيضا أن تبقى في ذهني فكرة من هذا الشعر"، مشيرة إلى أن هذا أحد أسباب ترجمة أعمالها، لأن "هناك شعرا -بالرغم من أنه قوي لغويا- لما ينتقل إلى لغة أخرى يفقد الكثير من حمولته". وقدم مجموعة أشعارها "حدس الذئبة" الناقد الفرنسي دانييل لوفيرس، وترجم نصوصها الشاعر والكاتب المغربي عبداللطيف اللعبي، الحائز على جائزة الكونكورد الفرنسية في العام 2009. ويعلق لوفيرس في مقدمة الكتاب قائلا "منهكة من الحياة، على الأقل، تستطيع عائشة أن تحلق عاليا في الفضاء مثل فراشة لوركا أو الخطاف الذي يعرف كيف يهرب من الوهم، ولكن في الأخير نعتقد أن الكاتب وإنتاجه يشكلان ذاتا واحدة". وتعتبر عائشة أن "حدس الذئبة" سيرة ذاتية في صورة مجموعة من الدواوين. في "أنوثة" تقول الشاعرة "ارتديت أحلام كل النساء.. وأسقطت أحلامي. هكذا.. أكون قد أوفيت واجب المرأة.. وخنت أنوثتي". وفي "حدس امرأة" تكتب "كلما نضجت عناقيد الحب.. وجرحتني -في عبوري- النظرات.. بمكر أنثى.. أخفي الحلاوة في عنب الكلمات.. أعتقها.. بانتظار صبور لوعد لا يخلفه إلا الموت". وعائشة البصري هي زوجة الشاعر والكاتب المغربي حسن نجمي. ووصف الناقد لوفيرس هذا الأمر بأنه "مساكنة شعرية". لكن عائشة ترى أن الشاعرات يتحملن عبئا إضافيا، وتقول "الشعر هو الفن الأكثر حميمية والأكثر التصاقا بالذات والمشاعر. كثيرا ما تلجأ الشاعرة إلى الغموض لتداري عراء القصيدة، تحاشيا لاستفزاز مشاعر الرجل. هذا الغموض يضر بجمالية القصيدة ويحد من حريتها، إذ تضطر الشاعرة لممارسة رقابة ذاتية على كل ما تكتب". وتضيف أن الرجل "مهما كانت أريحيته وانتماؤه الأدبي هو ابن هذا المجتمع ويجر وراءه قرونا من التمييز الجنسي". وتقول عائشة البصري، التي اتهمها البعض في بداياتها الأدبية بمساعدة زوجها لها "ارتباطي بشاعر لم يكن إعاقة ولم يكن امتيازا. هناك اتفاق غير معلن بيننا، أن يظل كل واحد منا بعيدا عن كتابات الآخر. لا أقرأ له إلا نادرا ولا يقرأ لي بتاتا".