بحكمة بالغة، واحتراف فني وهندسي، مازال كبار السن من أهالي فيفا يشكلون جبالهم، ويرسمون مدرجاتها الزراعية التي وفرت قوتهم وقوت أجدادهم. فالمدرجات الزراعية في جبال فيفا، والتي تزيد عن مليوني مدرج، تمثل مزارع المواطنين ولها مكانة في نفوسهم، كونها تمثل شريان الحياة حيث توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل. وها هم كبار السن الذين يمثلون آخر أجيال رسامي المدرجات، يعاودون ترتيبها بعد انهيار أجزاء منها بسبب الأمطار التي شهدتها المنطقة أخيراً. يتحدث حسن يحيى الظلمي "أحد كبار السن من أهالي فيفا" قائلا: لولا توفيق الله وحكمة آبائنا وأجدادنا لما استطعنا العيش في هذه الجبال والتغلب على وعورتها، فقد أصبحت شريان الحياة الأساسي من خلال ما تزودنا به من منتجات زراعية، ناهيك عن احتوائها مياه الأمطار ومنع انجراف التربة. ويؤكد الظلمي أن هذه المدرجات بنيت من الحجر بشكل يجعل المشاهد لها من أول وهلة يعتقد بالعبثية في بنائها وهشاشتها، مع أن الواقع العكس تماماً، فهي مبنية بحكمة وفن خاص، بدليل تحملها أعتى الظروف البيئية والمناخية لمدة تفوق القرنين من الزمن، رغم ما يصيبها أحياناً من انهيارات مع ما تحمله تربتها من أطنان الماء في المواسم الماطرة، كما حصل في هذه الأيام، ليبدأ دورنا الحقيقي من جديد للقيام بإعادة البناء بنفس الأسلوب القديم، مستخدمين الحجر، لنحافظ عليها للأجيال القادمة. وأضاف إبراهيم حسن دانعة: لولا الله سبحانه ثم كبار السن، لما بقيت مدرجات فيفا بروعتها، ولحل بها الدمار، بسبب جهل الجيل الحالي فن بناء المدرجات وكيفية صيانتها. وما نلاحظه من قبل كبار السن فن خاص لا يتم إتقانه بسهولة، والدليل أن البعض يستأجر عمالة لبناء بعض الانهيارات في المدرجات، ولكن سرعان ما تنهار مجدداً خلال أشهر، بينما تبقى تلك المدرجات التي صنعها كبار السن، لكونهم متمرسين ولهم طرقهم الخاصة التي أثبتت فعلا قوتها ومتانتها لعشرات السنين. وأضاف فرحان سلمان المغامري، أنه تعلم طريقة بناء المدرجات من خلال متابعة والده، مؤكداً صعوبة ذلك خاصة أنهم لا يبنون بأي حجر؛ بل يتم اختيار حجارة خاصة بعناية فائقة، وتوضع في أماكن محددة ومدروسة، وهذا سر تماسك تلك المدرجات وروعتها التي نتمنى أن تستمر ويتم الحفاظ عليها.