"جلست في سيارتي أكثر من ساعة قبل أن تأتيني الجرأة للدخول إلى عيادة الطبيب النفسي"، بهذه العبارة بدأ أحد مراجعي مستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة – فضل عدم ذكر اسمه - حديثه ل"الوطن"، وأضاف: الخوف من نظرة المجتمع للمريض النفسي هي التي ساهمت في زيادة التوتر والقلق لديه، والتردد في الإقدام على هذه الخطوة، مؤكدا أنه يمارس حياته بشكل طبيعي كباقي أفراد المجتمع، وما يعانيه هو اضطرابات نفسية تحتاج لاستشارات نفسية لمعالجتها. في حين أشارت المواطنة أفراح الحربي، إلى أن العرف السائد لدى المجتمع والذي يقول: إن المريض النفسي شخص غير سوي ويجب الحرص أثناء التعامل معه، هو الذي ساهم في خلق فجوة بين المريض النفسي والمجتمع، وأكدت على ضرورة تفعيل دور العيادات النفسية، وتوعية المجتمع بأهميتها، ومحو النظرة السلبية التي تلازم تلك العيادات ومن يترددون عليها أو حتى يعملون بها. ومن جهتها، أكدت اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية أمل الكفراوي ل"الوطن" أن مجال الطب النفسي يعاني من قضية متأصلة في المجتمعات الشرقية عامة، وهي وصمة العار التي قد تلاحق كل إنسان يخطو خطوة واحدة نحو العيادات النفسية أو مستشفيات الطب النفسي، مشيرة إلى أن نشر الوعي الصحي يساعد على إزالة وصمة العار الملاحقة للعيادات النفسية. وأضافت الكفراوي، أن من الأفكار السائدة في المجتمع والتي أثرت على المريض النفسي أن العقاقير التي يصفها الطبيب النفسي للمرضى هي أدوية مخدرة وتسبب الإدمان، مما يجعل المريض يمتنع عن تناول العلاج، وبذلك تسوء حالته وتزداد عدد الانتكاسات التي تصاحب المريض النفسي. وشددت الكفراوي على ضرورة استغلال سلطة الإعلام في تصحيح المفاهيم الخاصة بالعيادة النفسية، وتوجيه المجتمع لما يصب في مصلحته العامة، وكشفت الكفراوي أن عدم وجود إحصاءات وأرقام مؤكدة للمواطنين الذين يحرصون على مراجعة العيادات النفسية ساهم في صعوبة إعداد أبحاث ودراسات متخصصة في هذا المجال. في حين أكدت الأخصائية الاجتماعية بجامعة طيبة أمل الجهني ل"الوطن" أن الضغوط اليومية التي تواجه الفرد ساهمت في فقده لتوازنه النفسي، مما نتج عن ذلك اضطرابات نفسية كثيرة ساهمت في صعوبة قيام بعض الأفراد بمهام أساسية في حياتهم اليومية. وأشارت الجهني إلى أن نظرة المجتمع شكلت عائقا كبيرا أمام المريض النفسي، وحرمته من التقدم لمراكز العلاج.