استقر عدد من العمالة المخالفة لنظام الإقامة داخل منازل شعبية في أحياء جنوبجدة، ينشطون في تعبئة وتغليف وإعادة بيع المنتجات الغذائية ومستحضرات التجميل منتهية الصلاحية. ورصدت "الوطن" في جولة ميدانية داخل أحد المنازل الشعبية المتهالكة في حي بترومين، أعدادا كبيرة من ملصقات الحليب المكثف، ومنتجات منتهية الصلاحية من علب لمعجون الأسنان، مواد التنظيف، المكسرات، الدجاج واللحوم، وأدوات التجميل، وفي زاوية أخرى أطنان من علب فارغة جاهزة لإعادة التعبئة. ويصف الدليل المرافق في الجولة (فضل عدم ذكر اسمه) الأوضاع بحي بترومين ب"المفاجآت الغير سارة"، قائلا: "المواطنون من قاطني الحي مستاؤون مما يجري من أضرار على صحة المواطنين والمقيمين، فحتى حليب الرضع المنتهي الصلاحية تمحى أوراقه الخارجية بعد دعكها بالأسلاك والسكاكين حتى تبدو نظيفة ويعاد لصق شريط ورقي جديد بتاريخ حديث، ولم تسلم كريمات البشرة ومستحضرات التجميل من استعادة وضعها في علب جديدة لتبدو حديثة التصنيع". ويقول: "الأغرب من ذلك أن القائمين على التعبئة نساء كبيرات في العمر يعملن بالتغليف مقابل لقمة واحدة في اليوم والمبيت طوال الليل في الشغل وعند الاقتراب منهن تخوفن من الترحيل". وفي لقاء مع إحدى النساء المخالفات لنظام الإقامة، والملقبة ب"أم يونس" (75 عاما)، قالت: "جئت مع أسرتي إلى المملكة في سن 15 عاما ولا أعلم عن بلادي في الشرق الأفريقي شيئا، وتزوجت وتوفي زوجي دون أن أنجب أطفالا، ونظرا إلى عدم قدرتي على العمل بالمنازل كالسابق، فاضطررت لتعبئة المواد الغذائية"، وعند سؤالها عن ضررها قالت: "الذي يأكل منها لن يموت". وبالانتقال إلى قائد فريق العمل ناجح الفهر (25 عاما)، قال: "لا أعلم لماذا أنتم مندهشون من عملنا، فإن المحلات تتسابق على بضائعنا وتقوم بتوزيعها بين الوافدين في الأحياء العشوائية والفقيرة الذي يقبل ساكنوها على شرائها بنصف السعر". وأضاف: "من بضائعنا أدوية الصداع والسخونة، والتي تباع بسعر معقول، ونجمعها من جنوبجدة ومقر النفايات، ونعاود بيعها بالجملة مقابل 300 ريال للشاحنة الواحدة، والتي تضم مختلف البضائع والمعلبات، وترحل البضاعة فور وصولها للمنازل التي تعمل فيها نساء من الجنسيات الأفريقية بأجر يومي قدره 10 ريالات مقابل المبيت والسكن بنفس المكان". واسترسل قائلا: "النساء عنصر مهم في تعبئة المواد التي يجلبها المورد"، وعن كيفيه تخفيه عن الجوازات والشرطة، يقول الفهر: "جميع منازل الحي تحتوي على أكثر من مدخل يسمح بالهرب لجميع مخالفي نظام الإقامة والتخفي بعيدا عن أعين رجال الأمن". من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية حمد العمر ل"الوطن" أن فرقا ميدانية مكونة من الشرطة والجوازات والبلديات تجوب الأحياء العشوائية، والتي تشتهر بعض منازلها بإعادة تعبئة المواد الغذائية، ومن ثم مصادرتها وتحويل العمالة المخالفة للجهات الأمنية والعمل على ترحيلها سريعا.