أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن تحقيق الأهداف التنموية للألفية والوفاء بالتزاماتها يعد أحد الموضوعات المهمة التي ستبحثها القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي ستنعقد في الرياض غدا، خصوصا ما يتعلق بتوفير موارد جديدة إضافية لدعم جهود الدول العربية الأقل نموا لتحقيق تلك الأهداف، مشيرا إلى أن هناك مقترحات محددة بخصوصها ستتناولها كلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة. وشدد الفيصل في الاجتماع التحضيري للقمة بالرياض أمس، على أن المسببات الحقيقية لأحداث العالم العربي (الربيع العربي) خلال العامين الماضيين، رغم أنها اتخذت أشكالا سياسيةً، تعود لإغفال الجوانب التنموية أو تجاهل طموحات الشعوب. وفي الوقت الذي قال فيه الفيصل إنه لا ينبغي أن يكون اجتماع الدول العربية اجتماعا تقليديا، كشف رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور جاسم المناعي على هامش الاجتماع التحضيري ل"الوطن"، أن العامين الماضيين شهدا زيادة في دعم الدول العربية التي تعرضت لتحولات سياسية، مؤكدا أن الأموال المخصصة لمساعدة الدول المحتاجة موجودة، إلا أن المشكلة تكمن في طريقة إيصالها للمحتاجين. سعود الفيصل: لا يمكن للعين أن تخطئ المسببات التنموية في المتغيرات السياسية نوه بطرح خادم الحرمين مبادرات جديدة في كلمته بالقمة التنموية شدد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل على أن ما شهده العالم العربي خلال العامين الماضيين من متغيرات وتحديات، على الرغم من أنها اتخذت أشكالا سياسيةً في ظاهرها، لا يمكن أن تخطئ العين بأي حال من الأحوال مسبباته الحقيقية. وأبان أنه لا يمكن إغفال الجوانب التنموية أو تجاهل الطموحات التي تتطلع إليها شعوبنا العربية وآمالها نحو حاضر مشرق ومستقبل مزدهر. وقال الفيصل خلال الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية ووزراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدول العربية للتحضير لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة التي تبدأ في الرياض غداً، "من هذا المنطلق فإنه لا ينبغي أن يكون اجتماعنا هذا تقليدياً لأنه يعالج أهم الموضوعات والقضايا الرئيسية التي تلامس حياة شعوبنا ما يتطلب معه الارتقاء بقراراتنا إلى مستوى تطلعات شعوبنا وقياداتنا". وأشار الفيصل إلى أن القمة الحالية تسعى إلى اعتماد الاتفاقية الموحدة المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، التي تهدف في المقام الأول إلى تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي يسهم في رسم وتنفيذ مسار مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية. وقال الفيصل إن تحقيق الأهداف التنموية للألفية والوفاء بالتزاماتها يعد أحد الموضوعات المهمة التي ستبحث اليوم خاصة ما يتعلق بتوفير موارد جديدة إضافية لدعم جهود الدول العربية الأقل نمواً لتحقيق تلك الأهداف، مشيراً إلى أن هناك مقترحات محددة بخصوصها ستتناولها كلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة. ودعا الفيصل إلى ضرورة التعامل مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي بمنظور شامل يغطي جميع جوانبها مما يحتم علينا تفعيل ومتابعة مسيرة التكامل الاقتصادي العربي والمراجعة الشاملة والدقيقة لما سبق اتخاذه من قرارات في القمتين السابقتين لتكون منطلقاً أساسيا للمضي في البناء وتحقيق الأهداف المنشودة. كما أكد على ضرورة الجدية بالعمل لاستكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إضافة إلى إتمام باقي متطلبات الاتحاد الجمركي وفق الإطار الزمني المتفق عليه لبلوغ التطبيق الكامل له في عام 2015. وأوضح أن المنطقة العربية تمتلك جميع المقومات الجغرافية والمناخية والاقتصادية المثلى لتطوير صناعة محلية مستدامة ورائدة في مجال الطاقة المتجددة، وبالتالي فإن استغلال مصادر الطاقة المتجددة المتاحة ونقل التقنيات الخاصة بتصنيع معداتها إلى الدول العربية يعد خيارا استراتيجيا للمنطقة العربية؛ لضمان تأمين وتنويع مصادر الطاقة وإرساء قواعد صناعة أنظمتها عربيا، سعيا إلى تسويقها على المستوى الإقليمي في بادئ الأمر ومن ثم على المستوى العالمي في مرحلة لاحقة. وأكد أن الإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة المطروحة للاعتماد أمام قمة الرياض التنموية الاقتصادية تضمنت آليات لمشاركة القطاع الخاص بشكل أكثر فاعلية في الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، واقتراح مصادر مناسبة للتمويل تسهم في بناء سوق عربية للطاقة المتجددة إلى جانب وضع خطة عمل تنفيذية للبرامج والأنشطة التي تتناسب مع الأولويات التي تضعها الدول العربية. من جانبه أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي خلال كلمته أن جدول أعمال القمة العربية التنموية والاقتصادية ستشهد العديد من الموضوعات المهمة المدرجة على جدول أعمالها، ومن أهمها الاستثمار في الوطن العربي المرتبط بارتفاع معدلات البطالة وضعف نتائج برامج التشغيل والعمل في معظم الدول العربية، لافتا النظر إلى أن الأرقام تشير إلى أن متوسط معدل البطالة في الدول العربية وصل إلى نحو 16 % في العام 2011م، وهو أكثر من ضعف معدل البطالة في العام، فيما يقدر عدد العاطلين عن العمل بنحو 17 مليون عاطل. وكشف الدكتور نبيل العربي النقاب عن أهم العوامل التي أسهمت في ارتفاع معدلات البطالة التي تمثلت في انخفاض قدرة الدول العربية على استقطاب الاستثمارات الأجنبية والعربية، إذ شهد الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد للدول العربية انخفاضا من 68.6 مليار دولار في 2010 إلى 43 مليار دولار في عام 2011 بمعدل تراجع بلغ 37.4%، مشيرا إلى أن الاستثمارات العربية البينية ليست أحسن حالا وإن "كنا نتوقع أن تتحسن في المستقبل". ودعا العربي إلى توجيه الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية بدلا من الخارج بهدف الحد من البطالة والفقر وزيادة رفاهية المواطن العربي. وأوضح أن برنامج العمل الصادر إلى الدول العربية والمؤسسات المعنية في هذه الدول قد أطلق بهدف التشديد على ضرورة الاستفادة من تقنيات الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية والرياح في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة، الذي ترجمه المجلس الوزاري العربي للكهرباء في قرارات مفصلة، وتم اعتماد الإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة حتى العام 2030 المعروضة على جدول أعمال الاجتماع التحضيري لإقرارها ومن ثم رفعها للقادة لاعتمادها. وأكد نبيل العربي على أهمية موضوعات خفض الفقر والبطالة والتهميش والرعاية الصحية بوصفها من المجالات الاجتماعية التنموية التي كانت من بين أسباب ما شهده عدد من الدول العربية من تحولات، حاثا الوزراء على إيلاء المزيد من الاهتمام بالموضوعات الاجتماعية والتنموية لتحتل مكانة أكثر تقدما في أولويات العمل العربي المشترك. وكان وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو سلم رئاسة الدورة الحالية لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. وأكد عمرو أن واقع هذا التعاون وما حققه من إنجازات ملموسة على الأرض لا يزال قاصراً عن تلبية طموحات شعوبنا التي تدرك تماماً أن لديها من الموارد والمقدرات ما يكفل لها حاضراً أفضل ومستقبلا أكثر إشراقاً. العساف يكشف عن 4 قرارات للقمة كشف وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف عن وجود مقترحات وقرارات على جدول أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي تبدأ أعمالها غداً على مستوى قادة الدول العربية، مبيناً أنها ستنظِّم انطلاقة مشاريع عدة، على رأسها الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية، والاستفادة من الطاقة المتجددة، وقال على هامش الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب الذي سبق انعقاد القمة إن جدول الأعمال ركز على متابعة قرارات قمتي الكويت وشرم الشيخ الاقتصادية، مبينا أن المواضيع التي ستطرح تمثل مشروع النقل البري والجوي، ومشروعات الكهرباء، والمعوقات التي تعترض مشروع منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي، بهدف تذليل الصعوبات كافة في هذا الشأن، كما كشف عن بدء الاستفادة من مخرجات الحساب العربي المشترك المؤسس للصندوق العربي الاقتصادي والاجتماعي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بفضل الدعم الكبير المقدم من المملكة والكويت على وجه الخصوص، وباقي الدول العربية بشكلٍ عام، وأشار إلى وجود 4 قرارات جديدة من بينها الاستفادة من الطاقة المتجددة كمصدر ثابت للطاقة، عطفاً على الاهتمام الكبير الذي تلقاه من جميع الدول العربية، إضافةً إلى الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول الأعضاء، مشيرًا إلى أن القرارات ستنظم انطلاقة هذه المشروعات. موضحاً أن الوزراء انتهوا خلال اجتماعهم التحضيري أمس من إعداد صياغة اتفاقية الاستثمارات التي ستعرض على قادة الدول العربية غداً. وفيما يتعلق بتحفظ بعض الدول العربية على فقرات بعض المواد، أبان أن بعض الدول كالجزائر تحفظت على بعض الفقرات في السابق، إلا أنه لم يعط تفاصيل حول التحفظ، قائلاً: إن القرارات ستكون من القادة، مشيرا إلى أن هناك مقترحات معينة من بعض الدول فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي وبعض المجالات الأخرى. وفيما يتعلق بملف قواعد المنشأ، أكد العساف أن الموضوع ما زال قيد البحث لأن هناك اختلافا في طبيعة المنهجية بين الدول، متوقِّعاً وصول حل واتفاق في هذا الصدد، مضيفاً أن هناك من يرى أن القواعد يجب أن تكون مرنة، في حين يرى آخرون أن تكون أكثر تشدُّداً، وأن أحد الإشكالات هو المكون الوطني في المنتج. المناعي: الأموال موجودة.. والمشكلة في وصولها للمحتاجين دعا الدول العربية إلى إصلاحات مالية وضريبية أكد رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور جاسم المناعي أن الأموال المخصصة لمساعدة الدول المحتاجة موجودة، إلا أن المشكلة تكمن في طريقة إيصالها للمحتاجين، داعياً الدول العربية إلى إجراء المزيد من الإصلاحات لإيصال المساعدات إلى أصحابها، مشدداً في ذات الوقت على أهمية الإسراع في تحسين التشريعات. وقال ل"الوطن"، على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب إن الصناديق العربية بشكلٍ عام وصندوق النقد العربي بشكلٍ خاص، أدركت وسط الظروف الحالية المحيطة أنه من الضروري زيادة مساعدات الدول العربية. وأضاف "منذ حدوث التحولات السياسية خلال السنتين الماضيتين، زادت الحاجة المالية للدول العربية التي تمر بهذه الظروف خصوصاً، ونتيجة لذلك زادت مساعدات الصناديق العربية، لذلك أعتقد ضرورة وجود صناديق عربية تلجأ لها بعض الدول، خصوصاً عندما تكون في ظروف تحتاج فيها إلى المزيد من المساعدات الفنية والمالية، لكن هذه الدول ما زالت تسعى إلى إحداث مزيد من الإصلاحات الاقتصادية التي نرى أنها ضرورية جداً حتى تكون المساعدات ذات جدوى". وشدَّد المناعي على أهمية إيجاد إصلاحات عديدة في النواحي المالية والضريبية، لاسيما وأن المال لا يصل إلى كل المحتاجين في العالم العربي، سواء من أفراد أو مؤسسات أو قطاعات. وطالب بتحسين التشريعات، قائلاً: إن الأموال موجودة، لكن المشكلة تتمثل في عدم وصولها، كما كشف عن وجود مبادرات فنية ضمن المعونات الفنية التي تقدم للعالم العربي، والتي يقصد من خلالها تحسين التشريعات الخاصة بهذه الجوانب، مبيناً أن دولا عدة استفادت من هذه المبادرات، في حين أن المأمول استفادة جميع الدول منها، وعن الواجب اتخاذه من قبل هذه الدول لتطبيق هذه المبادرات، قال إن كل دولة تحتاج لالتزام ببرنامج إصلاح مالي واقتصادي تقوم بتنفيذه حتى تتحقق هذه الأمور. وتابع قائلاً: إن التمويل في العالم العربي يعتمد فقط على التمويل المصرفي، في حين لم يتم تطوير التمويل غير المصرفي الذي يتمثل في الأسواق المالية العربية، والتي تعد أمراً أساسياً في تمويل المشاريع. وقال "نحن متأخرون في أدوات الدين العام، وما زلنا متخلفين في هذا الشأن مقارنة بالآخرين، ولكن نستطيع أن نتقدم لوجود نواة نبني عليها، لذلك لا بد من تطوير الأسواق المالية بحيث تمثِّل إضافة مقدَّرة للتمويل المصرفي الموجود حالياً، وتطرق المناعي إلى أهمية الانتهاء من إنجاز موضوع التجارة الحرة، قائلاً إن العمل في ذلك قطع شوطاً كبيراً في هذا الملف، إلا أن الدول تحتاج إلى مزيد من التقدم، إذ لا بد من إزالة الحواجز الجمركية من ضرائب وغيرها. واستدرك بقوله "لكن الذي تم إنجازه يبعث على الأمل والتفاؤل ويبرهن أن هناك إمكانية لإنجاز بعض الأشياء، فنحتاج إلى التقدم في هذا المسعى وإن شاء الله تكون هذه القمة دفعة قوية". واختتم بقوله "نتيجة للظروف السياسية التي تمر بها الدول العربية، تبرز أهمية الاجتماع والمزيد من التشاور والتنسيق، لتذليل هذه الظروف الصعبة، وتسهيل الحياة الكريمة لشعوب المنطقة العربية في المستقبل، من حيث توفير فرص العمل وتحسين مستوى معيشة المواطن، مشدداً على أن الظروف الحالية تستدعي مثل هذه النقاط، مبرزاً في ذات الوقت أهمية خطوة المملكة في عقد هذه القمة.