الميزانية الجديدة التي أعلنت أمس حملت بشائر بالخير الوفير.. والآمال لكل السعوديين بمستقبل مزهر وأكثر إشراقا.. فالأرقام تبين أن الموازنة هذا العام هي الأضخم والأعلى في تاريخ المملكة.. وبالنظر إلى توزيعها نرى أن القطاعات الخدمية والبنية التحتية نالت نصيبا كبيرا من المصروفات، فالدولة ومن منطلق حرصها منحت الوزارات المعنية كل فيما يخصه الإمكانات والتسهيلات من أجل الرقي بالخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء بما يليق واسم المملكة العربية السعودية، ولذلك ينتظر الجميع خلال العام المقبل تطورا في كل الخدمات وإنجازا لكل المشاريع المتعثرة وغيرها. الإنفاق الهائل على التنمية أحدث نشاطا وحراكا في الاستثمارات وجميع الأعمال التجارية إلا أن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على مشروع "سعودة" الوظائف! لاسيما في القطاع الخاص (الذي دخل في مواجهة مباشرة قبل فترة وجيزة مع وزير العمل اعتراضا على زيادة رسوم تجديد رخصة العمل للوافدين). هذا القطاع الذي ما زال مصرا على الاعتماد كليا على اليد العاملة الوافدة مقابل إقصاء متعمد للراغبين في العمل من شباب الوطن! وهو القطاع الذي روج منذ زمن الطفرة وما تلاه قصة عدم كفاءة السعودي أو تحمله للمسؤولية أو رغبته الجادة في العمل.. وما زال مصرا على ترويج هذه الأكذوبة من أجل أن يستمر في الاعتماد الكلي على اليد العاملة الأقل كلفة في معظم أعماله ومشاريعه الصغيرة قبل الكبيرة لتحقيق المزيد والمزيد من الأرباح حتى ولو كان ذلك على حساب رفع معدل البطالة على شباب الوطن!. ترويج هذه الأكذوبة والعمل والقتال من أجل ترسيخها أطول مدة ممكنة هي قمة الفساد التي تنخر في الجسد، إذ لا يجد أبناء الوطن فرصة للعمل والبناء من أجل تنمية الوطن بسبب حفنة ليست قليلة من التجار الجشعين الذين عاشوا وما زالوا على التنفع من المشاريع الحكومية التي يتم الصرف عليها بسخاء من أجل المواطن. أخيرا يمكننا الاستفادة من الموازنة السخية الجديدة في قتل البطالة لو تخلى بعض الجشعين من التجار وبعض إدارات الشركات المحلية بالحياء من أنفسهم ومن وطنهم الذي منحهم فرصة تكوين الملايين وشرعوا بفتح الأبواب للشباب الباحثين عن العمل، وكذلك اشتراط عدم ترسية أي مشروع إلا على شركات اللون الأخضر في نطاقات وزارة العمل.