في 25 أبريل الماضي، نشر تنظيم دولة العراق الإسلامية، وهو تنظيم تابع للقاعدة في العراق، بياناً على شبكة الإنترنت أكد فيه مقتل اثنين من قادته، أبو عمار البغدادي وأبو أيوب المصري، في 18 أبريل خلال عملية أمريكية عراقية مشتركة في محافظة صلاح الدين. البغدادي هو عراقي كان يشغل منصب زعيم تنظيم دولة العراق، أما أبو أيوب فهو مصري خلف أبو مصعب الزرقاوي بعد مقتله في يونيو 2006، وكان يشغل منصب القائد العسكري للتنظيم. وقد نشر موقع "ستراتفور" في أواخر أبريل تقريراً عن الوضع الحالي للحركات "الجهادية" في العراق وكيف يمكن أن تتأثر نتيجة مقتل اثنين من كبار قادتها. يقول خبراء ستراتفورإن العملية التي قُتل فيها البغدادي والمصري لم تأت من فراغ، لكنها كانت جزءاً من سلسلة من العمليات التي استهدفت تنظيم دولة العراق الإسلامية مؤخراً في محاولة لمواجهة زيادة نشاطات التنظيم، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية التي نفذها داخل بغداد في 19 أغسطس 2009، و25 أكتوبر 2009، و8 ديسمبر 2009، و25 يناير 2010. ويبدو أن العملية الأمريكية العراقية المشتركة استفادت من معلومات استخباراتية حصلت عليها من عمليات سابقة. بعد مقتل البغدادي والمصري بيومين، أي في 20 أبريل، أعلنت قوات الأمن العراقية عن مقتل أحمد العبيدي، الشهير باسم صهيب، وهو القائد العسكري لتنظيم القاعدة في العراق في نينوى وصلاح الدين وكركوك. وفي اليوم التالي، عثرت قوات الأمن العراقية على مصنع للعبوات الناسفة في الأنبار واحتجزت سيارتين مفخختين وعدة عبوات أخرى أيضاً. في 22 أبريل، أعلن الجيش الأمريكي عن اعتقال أحد خبراء العبوات الناسفة في الأنبار. وفي 23 أبريل، اعتقلت الشرطة العراقية أحد قادة تنظيم القاعدة في العراق في منطقة الأنبار، واسمه محمود سليمان، وعثرت على مجموعة من العبوات الناسفة في منزله. وفي اليوم نفسه، قتلت قوات الأمن العراقية اثنين من قادة القاعدة في الموصل. وخلال الأيام الأخيرة الماضية، تم الإعلان عن استسلام أو اعتقال عشرات من تنظيم القاعدة في العراق في مناطق ديالى والموصل وصلاح الدين والبصرة. وفي 25 أبريل، كانت هناك تقارير غير مؤكدة عن اعتقال عزت الدوري، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس العراقي في عهد صدام حسين، وهو أحد أهم قادة المقاومة. في أواخر شهر مارس، حققت قوات الأمن العراقية بعض التقدم على تنظيم القاعدة في الموصل أيضاً. تم اعتقال أو قتل عدة مشبوهين، من بينهم عناصر بارزة مثل خالد محمد الجبوري وبشار خلف الجبوري. هذا النوع من النشاطات السريعة المتتابعة ضد التنظيمات "الجهادية" ليس صدفة، بل هو نتيجة تغييرات عملياتية هامة وضعت في عام 2007 إثر زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، حيث تمكن قائد العمليات الخاصة المشتركة، الجنرال ستانلي ماكريستال، من تقليص البيروقراطية ورفع الكفاءة لدى الاستخبارات وقوات العمليات الخاصة داخل العراق لتأسيس منظمة متكاملة ومبسطة. وكانت النتيجة القُدرة على تخطيط وتنفيذ العمليات الخاصة بسرعة استناداً إلى معلومات استخباراتية عملية، وبعد ذلك إمكانية التحقيق مع المعتقلين بسرعة وتحليل أي معلومات يمكن الحصول عليها منهم للاستفادة منها في عمليات متتابعة وسريعة. العمليات الأخيرة في العراق يبدو أنها استمرار لمثل هذا النوع من النشاطات السريعة والفعالة. مثل هذه العمليات لا تؤدي فقط إلى تحقيق مكاسب سريعة في اعتقال أو قتل أهداف رئيسية، لكنها أيضاً تؤدي إلى تعطيل العدو وإرباكه. وتعتبر القيادة الناجحة أحد أهم العوامل في نجاح عمليات التنظيمات العسكرية. بدون قيادة ماهرة، تفقد التنظيمات المسلحة قدرتها على القيام بهجمات فعالة، خاصة الهجمات المعقدة. القيادة، والمهارة، والمهنية هي العوامل التي تشكل الفارق بين أن تمتلك جماعة مسلحة الرغبة في مهاجمة هدف ما وبين قدرتها على تنفيذ ذلك الهجوم بنجاح. خلاصة الحديث هي أن المتطوعين الجدد لا يستطيعون أن يحلوا محل قادة ميدانيين من ذوي الخبرة العالية كما تدعي جماعة دولة العراق، فمع أن العثور على قائد لجماعة عسكرية قد يبدو أمراً سهلاً، إلا أن العثور على قادة فاعلين أمر صعب للغاية، فالجماعات المسلحة لا تمتلك إمكانات الجيوش النظامية لتدريب وتطوير القيادات، ثم إن القادة العسكريين للجماعات المسلحة يجب أن يتمتعوا بالقسوة، والشجاعة، والكاريزما، والذكاء، وأن يستطيعوا إلهام الآخرين. والصفة الأخيرة هامة في تنظيمات تجند أشخاصاً يقومون بعمليات انتحارية، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتمتع القائد بالقدرة على تجنيد متطوعين وتدريبهم، وفرض الأمن العملياتي، وجمع التبرعات، والتخطيط للعمليات وتنفيذها، كل ذلك دون الوقوع في قبضة الجهات الأمنية. لذلك يجب مراقبة تنظيم دولة العراق الإسلامية بحذر لمعرفة من سيتولى منصب الأمير والقائد العسكري. ربما يكون لدى التنظيم سلسلة ناجحة من القياديين الذين يتم تعيينهم في حال خسارة أحد القادة في عملية ما، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الفراغ في القيادة العليا قد يؤدي إلى صراع داخلي على السلطة، أو إلى وصول قيادة غير فاعلة، لكن الخسائر الأخيرة التي أصابت تنظيم دولة العراق الإسلامية قد تؤدي إلى مرور بعض الوقت قبل أن يستطيع التنظيم استعادة توازنه. وهذا أحد أهداف العمليات المتسارعة للقوات العراقية والأمريكية ضد التنظيم. برامج مكافحة الإرهاب الفعالة تهدف إلى ضرب توازن الجماعات الإرهابية من خلال قتل أو اعتقال القيادات ومطاردة القواعد. والجماعات التي تحاول الهرب من مكان إلى آخر لا تملك الوقت الكافي للتخطيط للقيام بهجمات. والأمر نفسه ينطبق على خبراء المتفجرات ،لأن من الصعب تعويضهم حين يقتل أحدهم أو يتعرض للاعتقال. الشهور القادمة ستبيِّن فيما إذا كان "الجهاديون" في العراق سيستطيعون إعادة تنظيم صفوفهم وقدراتهم العملياتية أم لا.