وسائل الاتصال ووهم التفرقة! هل أصبحت وسائل التواصل سببا لفرقتنا! وهل أضحت بكل نوافذها بيئة مزعجة للعراك؟ من يشاهد حال الناس اليوم سيجد أنها لا تعذر أحدا على غيابه! وكأنه يتحتم عليه الحضور في كل وقت وحين؟ على سبيل المثال وسائل الاتصال، تنقسم إلى أقسام منها جهاز الاتصال المنزلي وذلك قد يكون صاحبه خارج المنزل فأين العذر؟ وجهاز الجوال المرافق أيضا قد يكون صاحبه في اجتماع أو في نوم عميق أو لا يستطيع الرد لأسباب خاصة به! أما بخصوص "الواتساب" مثلا فقد تأتي رسالة مهمة ولكن تجرفها رسائل أخرى غير مهمة وتضيع وسط الزحام، وبالتالي لا يراها الشخص المعني بها فهل يعذر؟ وبالنسبة "للفيسبوك" و"تويتر" فقد يكون الشخص خارج إطارهما إما بإغلاقهما أو بانشغاله بشيء أهم قد يلتمس له العذر! وفي مجمل الأمر وبخصوص جميع وسائل الاتصال، أو حتى طرق الباب، لنا في كتاب الله أسوة حسنة, حينما قال: (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم) يا لروعة هذه الآية، هو أنقى لقلوبكم, وأريح لنفوسكم, حتى وإن جئته وطرقت الباب, فعليك طرقه ثلاثا, فإن فتح لك وإلا فامض, وذلك أفضل لك, لأن من تطرق عليه قد لا يكون مستعدا, لأي سبب ما, وقد يسبب فتحه لك الباب طامة كبرى, قد تودي بعلاقتكما إلى المجهول! وعلى الإنسان أن يلتمس العذر للآخرين كما قال جعفر بن محمد (إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا، قل لعل له عذرا لا أعرفه). حكمة المقال إن اقتحام النفوس والعقول أصعب بكثير من اقتحام المواقع والثغور.