أصبحنا نعيش في مجتمع تتراكم فيه الشحنات التشاؤمية ملتصقةً بنا جنباً إلى جنب نلازمها ونتعايش معها دون إرادتنا فنكون أحياناً مجبرين على المكوث بقربها رغماً عنا، نجد ذلك في مواقف كثيرة تصادفنا في مجتمعنا. هذه الفئة من البشر دائماً متذمرة ناقدة حاقدة تشعر بأن الهم قد عكف بداخلها وأنها الوحيدة في العالم من يعاني ويحزن ويمرض أما غيرها فلا، دائمة الإكثار من كلمات الإحباط والسلبية وخصوصاً لكلمة (أُف) وغيرها من كلمات تسقط الهمم أرضاً.. فيلاحظ ذلك على تصرفاتها وملامحها التي تنزف ألماً وحزناً وكأنها المخلوقات الأتعس في الحياة فيتفاقم هذا الإحساس وينمو معهم جيلاً بعد جيل فيتلبس الحزن أجسادهم وقلوبهم المريضة المنفطرة والباكية على ركامات الماضي العتيقة فما فائدة البكاء على اللبن المسكوب.. يقول (وينستون تشرشل): "المتشائم يرى صعوبة في كل فرصة، والمتفائل يرى فرصة في كل صعوبة". هكذا هم متقاعسون عن التقدم واقفون بلا حراك يهدرون فرصاً قيّمة في حياتهم لأن نظرتهم السوداوية والمتشائمة تصدرت عقولهم المرهقة من زخم المسارات السلبية .. يتظاهرون بالحزن وعدم السعادة لأغراض غامضة معلنين الحداد على أنفسهم في كل لحظة من خلال انجذابهم للمواقف والأغاني الحزينة، يبحثون عن الحزن ويفتشون عنه بين جماليات الحياة من حولهم.. لا يكترثون بلحظات التفاؤل العابرة بل يتجاهلونها وكأنه لا جدوى من التمسك بها مادام قطار التشاؤم هو من يصل أولاً.. يعزفون سيمفونية الألم على حظهم وحياتهم التعيسة وأنهم فقط خلقوا للشقاء والعناء معلنين في قرارة أنفسهم أن هذا نصيبهم من الدنيا دون بادرة منهم بتغييره للأفضل. "مرفأ" اصنعوا أشرعة التفاؤل في داخلكم كي تُجدفوا بسعادة بين أمواج الحياة..!