اعتبر الروائي المصري الحائز على جائزة البوكر للرواية العربية في نسختها الأولى بهاء طاهر نجيب محفوظ حاملا في وعيه وفكره وأدبه حضارتين، هما الحضارة الإسلامية من جهة والحضارة الفرعونية من جهة أخرى، مما أثر في نتاجه وأدبه بشكل لافت. وتحدث طاهر خلال ندوة على هامش معرض الشارقة الدولي للكتاب أول من أمس بعنوان "الرواية العربية تاريخ وإبداع"، شاركه فيها الدكتور حمدي السكوت من مصر، والدكتور أحمد الزعبي من الأردن، عن أبرز ما يميز الصراع الدرامي في مصر القديمة، وكيف كان لها أثر في روايات محفوظ، لافتا إلى أن الصراع الدرامي في مصر القديمة جاء عبر ثلاثة أمور، الأول الصراع بين الكهنة والملوك، ثم الصراع الخارجي أثناء الغزو، ثم عاد الصراع بين الكهنة والملوك مرة أخرى على المشهد، مؤكدا أن محفوظ جمع في فكره بين حضارتين هي الإسلامية والفرعونية، وتأثره بالفلسفة بشكل كبير، وقال "محفوظ كان من أكثر الروائيين المصريين تسطيرا لتاريخ مصر القديمة في رواياته". وعن الفلسفة لدى محفوظ يضيف طاهر "الإنسان عند محفوظ لديه حرية في اختيار الأشياء، لكن بالمقابل هناك عدالة في نتائج هذا الاختيار"، ثم تطرق لعقدة القدر لديه. وفي بداية الندوة تحدث السكوت في ورقته عن "قضايا الوجود وحيرة المثقف"، وأخذ ثلاثا من روايات محفوظ مثالا على ذلك، وقال "قضايا الوجود تبدأ مع الإنسان منذ أن يولد، بطرح الأسئلة، والتفكير في بعض القضايا الوجودية مثل لغز الموت، وكل هذه الأمور تناولتها الأديان السماوية"، ثم عرج على مسألة حيرة المثقف وعرفها بقوله "حيرة المثقف هي التشكيك في مثل هذه القضايا خاصة حينما يكون مؤمنا بالله"، ثم تحدث عن تجربة محفوظ مع قضايا الوجود، وقال "بدأها متأخرا في حياته الأدبية مع الثلاثية"، ثم تحدث عن الأمور الدينية التي انطلق من خلالها بعض أشخاص رواياته مدللا على الحيرة التي تكتنف المثقف، وقال "لو كان محفوظ يعيش بيننا الآن ورأى الفوضى الدينية في مصر لكان هناك أمر آخر". ثم تحدث عن التصوف لدى محفوظ، مؤكدا أنه كان بديلا للعلم لديه، واصلا إلى" أن الحيرة والتشكيك والتصوف والتعلق بالدهر كلها من أشكال حيرة المثقفين". وفي ورقته تحدث الدكتور أحمد زعبي عن السؤال الذي يقول: هل يمكن أن تكون لدينا رواية عربية؟ منطلقا من التجربة الروائية للأردني سليمان الطراونة التي حملت عنوان "مقامات المحال"، وأكد أن "هناك محاولات لإنشاء رواية عربية دون استيرادها من الغرب، والطراونة جزء من ذلك، لأنه قدم نموذجا عربيا معاصرا بدون الإخلال بالتراث"، وأضاف "السيرة البشرية سيرة واحدة، وكل ما يقدمه البشر يفيدهم فيه".