نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي افتتح أمس وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ونظيره الفرنسي بيرنار كوشنير معرض "روائع آثار المملكة" في متحف اللوفر. وقام الأمير سعود الفيصل وكوشنير بجولة في المعرض الذي ينظمه متحف اللوفر بباريس ويستمر لمدة شهرين، واستمعا خلال الجولة إلى شرح من نائب الرئيس للآثار والمتاحف للهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور علي بن إبراهيم الغبان عن القطع الأثرية التي تمثل الأطوار التاريخية المتتالية على أرض المملكة. بعد ذلك ألقى الأمير سعود الفيصل كلمة عبر فيها عن سروره بتدشين المعرض السعودي في متحف اللوفر مع وزير خارجية فرنسا كوشنير. وأوضح سموه أن المعرض يجسد البعد الثقافي في التعاون المشترك بين البلدين الصديقين ويتجاوز المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها من المجالات الحيوية، وذلك في إطار السعي نحو تعزيز العلاقات القائمة وتطويرها والبحث دائماً عن آفاق جديدة للتعاون المشترك بما يخدم الشعبين والبلدين. وقال: إن هذا المعرض يشكل صور حضارية إنسانية تمتد لفترة طويلة تاريخية في الجزيرة العربية بدءاً من العصر الحجري القديم وحتى النهضة السعودية، في رحلة زمنية تستعرض فترة الممالك العربية المبكرة والوسيطة والمتأخرة، وفترة العهد النبوي، ثم الفترة الأموية والعباسية، ثم العصر العثماني، وأخيراً وليس آخراً فترة توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز وما تلاها من نهضة شملت كافة جوانب الحياة في بلد شرفه الله ليكون مهدا لرسالة الإسلام وموطناً لحضارات شتى. وأزجى سموه شكره وتقديره لجمهورية فرنسا حكومة وشعباً على دعوتهم لإقامة هذا المعرض في متحف اللوفر - أكبر متحف في العالم - وذلك بمبادرة كريمة من الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك واهتمام ومتابعة الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، وحرص القائمين على المتحف لإظهاره بصورة مشرفة تليق بالحقبة الزمنية المهمة التي يستعرضها. وأشاد الأمير سعود الفيصل بالتعاون المثمر والبناء بين الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمملكة والعلماء والمختصين من الجانب الفرنسي من خلال البعثة السعودية الفرنسية المشتركة في مجال المسح في مختلف المواقع التاريخية في مناطق المملكة مترامية الأطرف والغنية بالتراث الإنساني. واختتم سموه كلمته معرباً عن شكره وتقديره لوزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير، ولوزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتران، وللهيئة السعودية العامة للسياحة والآثار التي تمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من إنشائها من تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس. بعد ذلك ألقى وزير الخارجية الفرنسي كلمة أوضح فيها أن المعرض يجسد التعاون الوثيق بين المملكة السعودية وفرنسا في كافة المجالات لا سيما الجانب الثقافي، وقال: يسرني أن أكون في هذا المعرض الذي يحوي الآثار الجميلة ويجسد التعاون الوثيق بين المملكة العربية السعودية وفرنسا. معرباً عن شكره وتقديره للأمير سعود الفيصل. وأضاف: لقد قرأت في تاريخ المملكة ولم أفهم عمقه كما فهمته من خلال جولتي في هذا المعرض. عقب ذلك تم توزيع الدروع التذكارية على الشركات والمؤسسات الراعية للمعرض. يذكر أن المعرض الذي يستضيفه اللوفر في أهم قاعاته وفي أكثر أوقات السنة ازدحاماً ويتحمل المتحف كامل تكاليفه يضم نحو 320 قطعة أثرية تعرض للمرة الأولى خارج المملكة وتغطي قطع الفترة التاريخية التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر النهضة السعودي، وتمر هذه الفترة الطويلة جداً بالعصور الحجرية ثم بفترة العبيد (الألف السابع قبل الميلاد) ففترة الممالك العربية المبكرة (الألف الخامس قبل الميلاد)، ثم الممالك العربية المتأخرة (الألف الثاني قبل الميلاد)، ثم الممالك العربية المتأخرة (الألف الأول قبل الميلاد) ففترة العهد النبوي ثم فترة الدولة الأموية والعباسية ثم العصر العثماني، وأخيراً فترة توحيد المملكة العربية السعودية، وما تلاها من تطور مزدهر يتضح في كافة مجالات الحياة خاصة في خدمتها للحرمين الشريفين. ويقام على هامش المعرض محاضرات علمية عن آثار المملكة يلقيها مختصون من الجانب السعودي والفرنسي، ومعرض لصور الرحالة الفرنسيين الذين زاروا الجزيرة العربية تنظمه دارة الملك عبدالعزيز بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، كما سيتم عرض عدد من الأفلام والصور وتوزيع عدد كبير من المطبوعات والكتيبات التي تبرز أهم المواقع الأثرية في المملكة، إلى جانب تقديم عروض للفنون الشعبية تنفذها وزارة الثقافة والإعلام. وقد تم إعداد كتاب للمعرض يتكون من 600 صفحة باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، يتضمن معلومات شاملة عن المعرض وأبحاث ومقالات وأوراق كتبت من خلال مختصين من المملكة ومن خارجها عن العمق التاريخي والدور الحضاري المميز للمملكة عبر العصور. حضر حفل الافتتاح الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز، ورئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، وأمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، ووزيرة الثقافة في مملكة البحرين الشيخة مي الخليفة، والمديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) إيرينا بوكوفا، ووزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتران، ومدير عام متحف اللوفر هنري لواريت، وسفير خادم الحرمين الشريفين في فرنسا الدكتور محمد بن إسماعيل آل الشيخ، ومندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد بن عبدالله الدريس، وعدد من المسؤولين السعوديين والفرنسيين وعدد من المهتمين بدراسة التاريخ العربي والإسلامي. وفي حديث خاص ب"الوطن"، قال الأمير مشعل بن عبدالعزيز: "إن المعرض يمثل جانبا حضارياً للملكة العربية السعودية، وفي نفس الوقت يبيّن ما تملكه السعودية من ثقافات وآثار يجب أن يطلع عليها العالم. فالمعرض يبلور الصورة التي نسعى لاعطائها للعالم". وسألت "الوطن" الأمير تركي الفيصل عن رأيه في المعرض فقال "إن ما رأيته من ترتيبات سيكون إن شاء الله شيئا هاما ليس فقط بالنسبة إلى الشعب والمسؤولين الفرنسيين بل وبالنسة إلى العالم كله". اما وزيرة الثقافة البحرينية الشيخية مي الخليفة فقالت ل"الوطن": لقد حضرت خصيصا وليوم واحد فقط لحضور هذا الافتتاح التاريخي. وأضافت: إن مآثرنا وتاريخنا وحضارتنا وما يحمله المعرض من إرث إنساني عالميى هو فرصة رائعة لكل من يحمل حب هذا البلد العزيز، وهذا الوطني العربي الكبير الذي يفخر بمنجزاته على مر العصور.