حينما تدخل إلى أحد المساجد الشهيرة في وسط جدة، تصادفك "لوحة توعوية" بأحد جوانب الأبواب تتضمن سؤالا مباشرا هو: هل فكرت يوما بارتفاع برجي ماليزيا الشهيرين؟"، ثم تجيبك اللوحة ذاتها بأن "أطوالهما 452 مترا، وهو معدل ما يستهلكه المدخنون من سموم التبغ خلال عام واحد فقط". 1700 لوحة توعوية (بنر) وزعت على مساجد جدة، وهي حملة جديدة تأتي بالشراكة بين الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين والمخدرات بمنطقة مكةالمكرمة (كفى)، والمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بالعزيزية، بهدف توعية المجتمع المحلي بجدة. الجديد في الحملة دلالة التوعية من أضرار تعاطي السجائر عبر استخدام برجي بتروناس التوأم (منارا بركمبر ڤيترونس) الشهيرين في عاصمة ماليزيا كوالالمبور، اللذين يشكلان واحدة من أكبر وأعجب الأعمال الهندسية في العالم، وصنفا كأطول برجين في العالم ما بين (1998 -2004)، ويعتبر أساساتهما من أعمق أساسات الأبراج في العالم. نائب رئيس مجلس إدارة "كفى" عبدالعزيز السيف قال في حديثه إلى "الوطن" إن "استخدام أطوال البرجين لهما دلالة واقعية في توضيح حقيقة كميات السموم الهائلة التي يستهلكها المدخنون جراء تعاطيهم للتبغ"، ويضيف بعدها أن سبب تركيز لوحاتهم التوعوية على المساجد بدلا من المولات التجارية التي كانت أكثر الأماكن لتوعية الجماهير إلى "الدور الكبير للمساجد باعتبارها أكثر الوسائل تأثيرا في إيصال الرسائل التوعوية للمجتمع". يقول مسؤولو الجمعية إن اتصالات عديدة وردت إليهم بعد عرض اللوحة التوعوية، ولاحظوا ارتفاعا ملحوظا في إقبال الراغبين في الإقلاع عن السجائر، وطالبي العلاج الخيري الذي تقدمه "كفى" للمدخنين. تتكون اللوحة من جزءين، الأول يحتوي على معلومات رقمية توضح بالتفصيل الدقيق كميات تعاطي السجائر، وما يستهلكه المدخنون بطريقة مختلفة عما تناولته حملات المكافحة والتوعية الأخرى، أما الجزء الثاني من "البنر التوعوي" فقد خصص لعرض ما يمكن تسميته ب"المواد السمية الكيمائية"، التي تنتج عن احتراق السيجارة الواحدة التي تقدر بقرابة 4000 مادة كيمائية، إضافة إلى معلومة أن أكثر من 50 نوعا من تلك المواد الكيميائية، هي مواد سامة مسببة "للسرطان". أما لماذا هذين البرجين دون غيرهما من الأبراج الشهيرة العالمية؟، يرد على ذلك المدير التنفيذي ل"كفى" صلاح الزهراني بقوله إنها من أشهر وأهم المعالم السياحية الشهيرة الراسخة في ذهنية "السعوديين"، وينتقل الزهراني في حديثه إلى "الوطن" صوب مربع آخر يتعلق بضرورة تنشيط وتفعيل قرار منع التدخين للحد من هذا الدمار الصحى حسب وصفه. وحول رؤية الحملة يقول الزهراني: "حاولنا في هذه الحملة مخاطبة العقل الباطن ليس فقط لجمهور المدخنين، فاستراتيجتنا قائمة في الأصل على مخاطبة غير المدخنين في المقام الأول، فالوقاية هنا خير من العلاج". ويرى أن فكرة اللوحات التوعوية استخدمت لغة الأرقام بدلا من تقديم التوعية ب"أسلوب ترهيبي للإقلاع عن التدخين".، ويستدرك بعدها قائلا: "أحببنا أن نتحدث مع الجميع بلغة الإقناع المباشر، وليس هناك أفضل من الأرقام". فكرة اللوحات وجدت صدى في الواقع الافتراضي، وبخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إذ كتب سعد هيثم في صفحته على "فيس بوك" أن "الفكرة جديرة بالاهتمام، فجمعيات مكافحة التدخين خاطبتنا عبر أجمل برجين رأيتهما في حياتي"، في حين تواصلت رسائل الدردشة الهاتفية المجانية عبر برنامج "الواتس أب" متضمنة صورة اللوحة مع عبارة: "هل تريد أن يكون طولك مثل برجي ماليزيا التوأمين..؟، اقرأ وأنت تعرف".