"فهمنا.. يكفي زن.. كم مرة طلبت مني هذا الطلب.." نموذج لعبارات لطالما ذكرها أشخاص، تتنوع وتتشابه، ولكنها جميعها تدور في قالب واحد بحسب رأي "أم حمدان"، حيث تقول: "تلك العبارات لا أتردد في ذكرها، خاصة عندما تطلب ابنتي حميدة طلبا ما، فهي كالنحلة تظل تدور فوق رأسي ولا تكف عن الطنين لحين تنفيذ طلبها". وتابعت أم حمدان قائلة: "لا يمكنني أن أرفض لها طلبا فهي لحوحة جدا، على عكس جميع إخوتها، وبالرغم من تلك الصفة السيئة لدى ابنتي، أجدني أنفذ لها طلباتها قبل الجميع، ليس بدافع أنني أميزها عن بقية إخوتها، فجميعهم عندي سواء، ولكن كمحاولة مني للخلاص من كثرة إلحاحها، الذي يسبب لي الإزعاج والتفكير الطويل"، مشيرة إلى أنها حاولت أن ترفض بعض الأمور، إلا أن كثرة "الزن" أدّت إلى تجاوبها مع إلحاح ابنتها. في حين ترفض "سلطانة الفلاح" التي تعمل معلمة الاستجابة إلى ابنها "سعد" البالغ من العمر خمسة عشر عاما، وهو الذي عرف في محيط الأسرة بكثرة إلحاحه في الطلب، إلى حين تنفيذه. تقول سلطانة "قد يفهم من تنفيذ طلبات الشخص اللحوح بأن لديه قوة خارقة تجعل الآخرين ينفذون أوامره، أو طلباته بسرعة، فيشب على هذه الصفة إن كان طفلا، ولربما أثر ذلك على حياته المستقبلية، فليس جميع من يتعامل معهم يكونون بقدر صبر أهله عليه، مما يعرضه للكثير من المشاكل والمعوقات الحياتية". وأنهت حديثها قائلة: "تعلق الشخص بمبدأ الإلحاح يرجع إلى تربية الوالدين، فهما المسبب الرئيسي لمثل هذا التصرف غيراللائق، فعندما تلبي طلبات الطفل منذ صغره بسرعة قد تتجاوز سرعة البرق، وبالتحديد عند بكائه، يتولد عنده هذا السلوك شيئا فشيئا، حتى يصبح تدريجيا من مكونات شخصيته". وترى أم سامر، أن "الشخص اللحوح أناني وذاتي في المقام الأول، ولا يهمه سوى تنفيذ رغباته، حتى ولو كانت على حساب راحة الآخرين، بينما لا يتقبل آراء الآخرين، وإن كانت صحيحة، مؤكدة أن ابنها الصغير سعد كان لحوحا، إلا أن الصرامة التي استخدمتها معه في عدم تلبية كافة الأمور له عدّلت من سلوكه، وأبعدته عن هذه الصفة السيئة. ولم يكن سلوك اللحوح يقتصر على الأطفال فقط، فها هو "أبو أنور" الذي يعمل موظفا في قطاع خاص يشكو من زوجته اللحوح، حيث يقول: "قبل أن تطلب الطلب مني أقوم وعلى الفور بتنفيذه حتى أتجنب ويلات "الزن على الأذان، التي يكون مفعولها كالسحر"، فتصيبني حالة التوتر بمجرد تكرارها للطلب" وأضاف "لا يمكنني أن أتردد في تنفيذ أي طلب لها حتى أتجنب ذلك الطنين المزعج". هذا وقد أكدت أخصائية علم النفس الجازي ندر الشراري أن "الشخص الذي يبالغ في الإلحاح يجلب على نفسه ردة فعل سلبية من الأشخاص المحيطين به، لأن الإلحاح صفة غير محببة ومنفرة جدا. وتابعت الشراري قائلة: إن "الأهل هم السبب الرئيس لجعل أي شخص يتصف بصفة الإلحاح، فيكون تشجيعهم لهذا السلوك بشكل غير إرادي، ويبدأ ذلك منذ مرحلة الطفولة، وتكون مدى الاستجابة لهذا السلوك مؤشرا يعطي الطفل دلالة على النتيجة، فإن وجد استجابة سريعة من الأهل، تمادى في إلحاحه، وإن وجد جدية، ورفضا توقف عن ذلك". وتابعت: "ومن هنا ينضج الطفل، وقد زُرع فيه حب الحصول على كل ما يريد من خلال اتباع هذا السلوك السلبي". وأضافت أن "العديد ممن يتصفون بهذا السلوك يعتقدون أن كثرة الإلحاح هي الطريقة المثلى لنيل المطالب، وأن حصولهم على ما يريدون هو انتصار عظيم وطريقة مثالية لإثبات الشخصية". وعن كيفية التغلب على هذا السلوك السلبي، أوضحت الشراري: أن الإلحاح يتم التغلب عليه بالإصرار على عدم الاستجابة للشخص الملح؛ حتى يفقد الأمل فى تحقيق الاستجابة.