في الوقت الذي يدور فيه نزاع صيني ياباني حول السيادة على جزر متنازع عليها، فرض نفسه على الجمعية السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في طوكيو أمس، مع تغيب كبار المسؤولين الماليين الصينيين فيما اعتبر إهانة حقيقية لليابان، حققت الصين نصرا ثقافيا على اليابان، إذ صادر الكاتب الصيني مو يان كل الترشيحات التي كانت تنصب الروائي الياباني هاروكي موراكامي، وحاز جائزة نوبل للآداب 2012 عن أعماله التي تعتمد "الواقعية الممزوجة بالهلوسة"، والتي تتضمن أيضا القصص الفولكلورية والتاريخ والحياة المعاصرة في بلده، مؤكدا أحقيته بعد أن كان اسمه من بين الكتاب الأوفر حظا للفوز بالجائزة هذا العام طبقا لدار لادبروكس البريطانية للنشر إلى جانب الكاتب الياباني هاروكي موراكامي. ظهر أمس كان مو في منزل والده بمدينة جوامي في شمال شرق الصين، حين تمكنت الأكاديمية السويدية من الاتصال به عبر الهاتف لإبلاغه بنبأ فوزه. والصين هي الفضاء الذي تدور فيه أغلب أحداث روايات مو الذي نشأ في جوامي بإقليم شاندونغ بشمال شرق البلاد وكان والده فلاحا. وقال رئيس الأكاديمية السويدية بيتر انجلوند "لديه طريقة فريدة جدا في الكتابة. إذا قرأت نصف صفحة من أعمال مو يان تدرك على الفور أنه الكاتب. وأوضح انجلوند "كان في منزله مع والده. قال إنه يشعر بفرحة غامرة وبالخوف." وجاء في حيثيات منح الجائزة أن مو استخدم مزيجا من الخيال والواقعية والجوانب التاريخية والاجتماعية ليخلق عالما يذكر القارئ بكتابات تشارلز ديكنز ورا لبيليه وليام فوكنر وجابريل جارسيا ماركيز. إنه يصف عالما قرويا في جزء من الصين، غريب عن معظم الأجزاء الأخرى. وأضاف "مو يان ليس مجرد مثقف منحدر من هناك، لكنه جزء من (هذا العالم). وقالت الأكاديمية إنه في الوقت ذاته وجد "نقطة انطلاق في الأدب الصيني وفي الفولكلور المحكي." وأشهر أعمال مو في الغرب رواية "الذرة الحمراء" التي صورت الصعوبات التي يلاقيها الفلاحون في السنوات الأولى من الحكم الشيوعي. ومن المقرر تسليم جوائز نوبل في العاشر من ديسمبر المقبل في ذكرى وفاة مؤسس هذه الجوائز الفرد نوبل في عام 1896. وقيمة الجائزة المالية هي 8 ملايين كرون (1.2 مليون دولار). وكانت المؤسسة قد خفضت قيمة الجائزة من عشرة إلى ثمانية ملايين كورونة سويدية لكل جائزة بسبب الأزمة الاقتصادية. إلى ذلك أشاد الإعلام الرسمي بمو واعتبره "أول مواطن صيني" يفوز بالجائزة. ولم تشر التقارير إلى الكاتب المعارض المعتقل ليو شياوبو الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2010 أو الكاتب الصيني المعارض المنفى جاو شينجيان الذي فاز بجائزة نوبل للأدب عام 2000 كمواطن فرنسي. واحتلت أنباء فوز مو يان بالجائزة اليوم صدارة التقارير في "تلفزيون الصين المركزي"، فيما نقلت وسائل إعلام أخرى عن مو يان القول إنه "شعر بسعادة غامرة وخوف" عندما أبلغته الأكاديمية السويدية بفوزه بالجائزة عبر الهاتف من أستوكهولم. وقال هان هان، وهو كاتب وناقد بجامعة ووهان في وسط الصين، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الإنجاز الذي حققه مو يان يعد "شرفا للكتاب الصينيين". الوحدة والجوع مفتاحا إبداعه بكين: رويترز أجبر مو يان الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب على ترك المدرسة الابتدائية ليرعى قطيع ماشية أثناء الثورة الثقافية في الصين، وفي بعض الأحيان كان معدما لدرجة اضطرته لتناول لحاء الشجر والأعشاب حتى يبقى على قيد الحياة، لكن مو يان (57 عاما) يرجع الفضل إلى معاناته المبكرة كمصدر الإلهام في أعماله التي تناولت الفساد والتفسخ في المجتمع الصيني وسياسة تنظيم الأسرة وحياة الريف في البلاد، وقال مؤلف رواية "الذرة الحمراء" ذات مرة إن "الوحدة والجوع كانا مفتاح الإبداع" في أعماله. والمؤلف الذي يعني اسمه مو يان "لا تتحدث" ينظر إليه نقاد على أنه شديد القرب من الحزب الشيوعي رغم حظر بعض كتبه. ومن بين مؤلفاته "جمهورية النبيذ". وتأثر مو يان بجابريل جارسيا ماركيز ودي اتش لورانس وإرنست هيمنجواي وكان يستخدم الخيال والسخرية في كثير من كتبه التي وصفتها وسائل إعلام حكومية بأنها "مستفزة ووقحة". وتصور روايته (الذرة الحمراء) المصاعب التي تحملها المزارعون في السنوات الأولى من الحكم الشيوعي وحولها إلى فيلم سينمائي تشانغ يي موو المخرج الذي رشح لجائزة أوسكار. وتدفع إمكانية حظر كتاب في السوق المحلية المؤلفين الصينيين للمضي بحرص إذا كانوا يريدون كسب قوتهم، رغم أن نظام الرقابة الآن ليس مرعبا كما كان أثناء حكم ماو تسي تونج. وقال مو في كلمة ألقاها في معرض فرانكفورت للكتاب عام 2009 "يجب أن يعبر الكاتب عن النقد والسخط في الجانب المظلم من المجتمع وقبح الطبيعة البشرية، لكن يجب ألا نستخدم نمطا واحدا من التعبير." وأضاف "قد يرغب البعض في أن يصرخوا في الشارع لكن يجب أن نتسامح مع أولئك الذين يختبئون في غرفهم ويستخدمون الأدب في التعبير عن آرائهم." وقال عدد من النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان وكتاب آخرون إن مو لا يستحق الجائزة ونددوا به لاحتفائه بخطاب لماو تسي تونج. واستخدم مو وكتاب صينيون آخرون مقاطع من كلمات ماو في كتاب خاص بمناسبة الذكرى السنوية السبعين للخطاب. وقال تنغ بي ياو المحامي البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان قبل الجائزة "على الصعيد السياسي كان يغني نفس اللحن مع نظام غير ديموقراطي." وأضاف "أعتقد أن فوزه بجائزة نوبل في الأدب غير مناسب." وتابع "بصفته كاتبا مؤثرا لم يستخدم تأثيره للدفاع عن المثقفين والسجناء السياسيين - بدلا من ذلك كان يروج لمصالح الحكومة من خلال كتابة الخطاب." السيرة الذاتية للأديب الصيني مويان الأديب الصيني مويان: من مواليد عام 1955 نشأ في مقاطعة شمال شرق الصين لأبوين مزارعين. بدأ الانخراط في دراسة الأدب وكتابته عام 1976، وفي عام 1981 نُشرت له أول قصة بمجلة أدبية. ( مويان ) اسم مستعار للكاتب واسمه الحقيقي هو ( غوان مويي ) والتي تعني " لا تتكلم". نشر رواية " الضفدعة" عام 2009 والتي تعبر عن عالم من الغرائبية اختاره الكاتب ليوجّه نقده لسياسة دولته. من أعماله " الذرة الحمراء"، " جمهورية الخمر" و " الحياة والموت ينهكاني". يشغل منصب نائب رئيس رابطة الكتاب الصينيين. نأى بنفسه عن التعليق على منح جائزة نوبل للسلام في عام 2010 إلى ليو شياو بو الذي حكم عليه في عام 2009 بالسجن 11 عاما في تهمة التحريض على التخريب. انضم إلى جيش التحرير الشعبي عقب انتهاء الثورة الثقافية. درس في معهد الجيش للفنون والآداب. التحق بجامعة بكين للمعلمين وحصل على درجة الماجستير في الأدب والفنون. قال مو في مقابلة "أعتقد أن الكتاب يكتبون بوازع من ضمائرهم .. يكتبون لقرائهم الحقيقيين .. لأرواحهم". قال أيضا "لا أحد يكتب من أجل الفوز بجوائز".