خذها بالمختصر: أي إشارة أو إيحاء يتضمن إثارة للنعرات العنصرية والقبلية أو الطائفية أو المناطقية، يأثم عليها صاحبها، ويفترض أن يكون خاضعًا تحت طائلة المساءلة القانونية. وهذا ما حصل قبل أيام عندما أعلنت هيئة تنظيم الإعلام عن إيقاف ظهور أحد ضيوف برنامج حواري يتحدث عن الموروث الشعبي والذي يعرض على إحدى القنوات المحلية، وذلك بعد تصريحات مثيرة أثارت الجدل وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت الهيئة استدعاء الضيف، إلى جانب مذيع البرنامج ومالك القناة، للتحقيق في الواقعة التي وصفتها بأنها «إثارة للنعرات وتشكيك في الأنساب». أعلم جيدًا أن هناك كثيرًا من القوانين والأنظمة التي تجرم العنصرية من قبيل «المادة 6 فقرة 1» من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والتي تنص على إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي. وعقوبتها السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وكذلك الحال في «المادة 5» من نظام الإعلام المرئي والمسموع، والتي تشير لعدم التعرض إلى ما من شأنه إثارة النعرات والفرقة والكراهية بين المواطنين، والتحريض على العنف، وتهديد السلم المجتمعي، وعقوبته كما جاءت في «المادة 17» من النظام ذاته، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر؛ يعاقب كل من يخالف أحكام النظام أو اللائحة بعقوبة أو أكثر من العقوبات التالية؛ غرامة لا تزيد على 10 ملايين ريال، والإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على ستّة أشهر، وإلغاء الترخيص، وأن يكون تحصيل الغرامة مشمولًا بالنفاذ المعجل. ولكن ما يهمني هو أهمية تعزيز كل القدرات التشريعية المتاحة لدينا؛ فمثلا النظام الأساسي للحكم في المملكة نص في المادة 26 من النظام على أن «تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية». نعم على الصعيد العملي يظل تعزيز الوحدة الوطنية مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بإصدار قوانين تجرّم كل ما من شأنه التحريض على الكراهية، فنحن في أمس الحاجة إلى تفعيل الإمكانات القانونية المتوافرة لدينا. وأشير خصوصًا إلى المادة ال12 من النظام الأساسي للحكم التي تنص على أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام». ويُعد صدور النظام الأساسي للحكم بتاريخ 1412 من أبرز ملامح التطور السياسي والاجتماعي للمملكة، بل إن هذه الوثيقة الهامة قائمة في جوهرها على التطور وهو ما جاء في ديباجة النظام الأساسي للحكم: «.... بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة، ونظرًا لتطور الدولة في مختلف المجالات..»، ولذلك أقترح هنا وبناء على دراسات علم الاجتماع القانوني التي تركز على علاقة التأثير المتبادل بين المجتمع والنظام «القانون» وبعد 34 عامًا على صدور وثيقة النظام الأساسي؛ أن نسهم في إكمال هذه المسيرة التطويرية، وذلك بالتوسع في نصوص المادة ال12 وإرفاق الأدوات القانونية والضمانات اللازمة لحماية الوحدة الوطنية مثلًا: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، دون تمييز بينهم سواء بسبب الطائفة، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الجغرافي، أو أي سبب آخر».