تصاعدت في الأوساط الثقافية أمس حدة الانتقادات لنادي القصيم الأدبي على خلفية نيته بحث التحولات الفكرية لشخصيتي عبدالله القصيمي وعبدالرحمن منيف المثيرتين للجدل. وانتقد نائب أمير المنطقة الأمير فيصل بن مشعل خطوة النادي ومحاولته التبرير، وقال ل"الوطن": "كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يعيدوا الذاكرة للقصيمي "الملحد" ومنيف "البعثي". وضرب الارتباك والحيرة مسؤولي نادي القصيم الأدبي، في الوقت الذي التزم رئيس مجلس إدارته الدكتور حمد السويلم الصمت، فيما كانت أحاديث مسؤوليه تدور حول إعداد بيان توضيحي يشرح الموقف مما جرى، وهو ما لم يحدث. وشن عدد من الأدباء هجوما لاذعا على النادي، ووصف محمد الهويمل في تصريحات ل"الوطن" إقدام النادي على مثل هذا الأمر ب"المجازفة". وقال "كيف يجرؤ النادي على استحضار شخصية وصلت- بشهادة المتابعين- إلى مرحلة الخوض في الغيبيات"، في حين اعتبر أحمد عقيلي توجه النادي خروجا على الثوابت، وقال الشاعر أحمد البهكلي" أؤيد موقف الأمير فيصل بن مشعل في رأيه الذي أعلنه بوضوح وشفافية بصفته مفكرا ومثقفا". بلغ الجدل الثقافي في القصيم أوجه أمس بعد الهجوم الذي شنه نائب أمير المنطقة الأمير فيصل بن مشعل على ناديه الأدبي، ووصفه بأنه "عاق للدين والدولة" مضيفا في تصريح إلى "الوطن": كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يعيدوا الذاكرة للقصيمي "الملحد" ومنيف "البعثي". ولم تقف حالة الجدل عند حدود منطقة القصيم بل امتدت لعدد من مدن المملكة التي تفاعل مثقفوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول تداعيات أزمة النادي الأدبي التي أدخل نفسه بها بإدراجه بحث التحولات الفكرية لشخصيتين مثيرتين للجدل كعبد الله القصيمي وعبد الرحمن منيف. وشن محمد الهويمل هجوما لاذعا على نادي القصيم الأدبي نظير طرحه لشخصيتين حساستين للمداولة الفكرية. ووصف في تصريحات ل"الوطن" إقدامهم على هذا الأمر ب"المجازفة". وقال في حديثه عن القصيمي "كيف يجرؤ النادي على استحضار شخصية وصل بشهادة المتابعين إلى مرحلة الخوض في الغيبيات". وكان مقررا قبل الإلغاء أن يقدم كل من الباحث محمد القشعمي والإعلامي هاشم الجحدلي ورقتي عمل حول شخصيتي منيف والقصيمي، وفيما أوضح القشعمي موقفه بالقول إنه لم يكن ينوي تقديم منيف بأي صيغة امتداح أو تبجيل لمواقفه، قال الهويمل إنه لا يظن في إمكانية أن يقدم الجحدلي القصيمي ك "ظاهرة سلبية" رغم أنه وبشهادة المتابعين وصل إلى مرحلة الغيبيبات في بعض طرحه. وطالب الهويمل عموم الأندية الأدبية في المملكة بالتنسيق مع الجهات الثقافية المختصة في اختيار الموضوعات المطروحة في الملتقيات العامة. من جانبه قال الأديب أحمد عقيلي: يبدو أن هناك مزاجا شبه عام في أغلب أنديتنا الأدبية للخروج على الثوابت والضوابط الاجتماعية، بل من حيث يشعرون أو لا يشعرون على ما هو أشد خطرا من ذلك، ويبدو أن الإخوة هناك ربما قرؤوا الإرث الثقافي للرجلين بطريقة مختلفة تنطلق من ثقافة التمرد على الثوابت كما صنع عبدالله القصيمي وعبدالرحمن منيف. وقال الشاعر أحمد البهكلي: كنت أتمنى من أدبي القصيم لو تم استكتاب أقلام تمثل مختلف ألوان الطيف الفكري في الساحة الثقافية؛ وذلك ليتم طرح الموضوع بتوازن وموضوعية دون تجاوز على ثوابتنا الدينية، مضيفا "أما موقف الأمير فيصل بن مشعل فإنني أتفق معه في إبدائه رأيه بوضوح وشفافية بصفته مفكرا ومثقفا، وهذا حق أصيل له ويشكر عليه". وقال الدكتور زيد الفضيل: أصبح لدينا قدر كبير من الوعي الوطني الذي تستطيع من خلاله أن تميز بين المفيد والضار وبالتالي لايمكن إقحام الثوابت الدينية أو الوطنية أو التجاوز عليها. وبينما شهدت شبكة الإنترنت بمواقع التواصل الاجتماعي فيها والمنتديات والمدونات اهتماما مكثفا بالحدث، ألقت تداعيات التقرير الذي نشرته "الوطن" أمس حول تصريح نائب أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، ورفضه لما تضمنته أوراق الملتقى، وتحديدا عن عبد الله القصيمي وعبد الرحمن منيف، بظلالها على أجواء الملتقى، وسرت أحاديث في جنباته حول اعتزام المشاركين في الملتقى استصدار بيان توضيحي يشرحون من خلاله آلية تقديم وجهات النظر، وتطارح الأفكار الثقافية البحتة، التي تتعلق بحالات التحول والتبدل لدى العديد من الشخصيات الثقافية، وأثر تلك التنقلات الفكرية على الحركة الثقافية الوطنية، وانسحاباتها في الدراسات التقييمية والتقويمية، التي اعتمدت مناهج البحث والتأصيل العلمي، إلا أن البيان لم يتم استصداره، حتى وقت متأخر أمس. وكان نادي القصيم الأدبي قد دشن ملتقاه السابع مساء أول أمس، في فندق موفنبيك القصيم بمدينة بريدة. وبدأ حفل الافتتاح بآيات من الذكر الحكيم، ثم شكر الدكتور محمد مريسي الحارثي في كلمة المشاركين ومنظمي الملتقى، مشيداً بعنوانه الذي يمثل نقلة نوعية في موضوعات الملتقيات. وتمنى رئيس مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم في كلمة النادي أن يحقق الملتقى رغبات الباحثين، وينحو بطريق الرصد والدراسة والبحث مجالات أوسع، وأفق أرحب. وفي خطوة تقديرية منح أدبي القصيم العضوية الشرفية لعدد من رجالات الفكر والأدب على مستوى المملكة، تقديراً لهم على جهودهم ومساهماتهم في دعم المشهد الثقافي. ثم ألقى الشاعر وعضو مجلس الإدارة أحمد اللهيب قصيدة استدعى فيها مفاخر الوطن، وأبرز مناقب القادة، وما تمتعوا به من جهود بارزة سعت لتطوير الحركة الثقافية والفكرية في البلاد. وكان الملتقى الذي اختتم فعالياته أمس، قد واصل جلساته التي تناولت الأجناس الأدبية والتحولات الثقافية.