التنمر، هو سلوك عدواني وغير مرغوب فيه يتضمن استخدام القوة أو الإكراه أو التهديد أو الترهيب أو الإساءة اللفظية أو الجسدية ضد شخص آخر. والهدف من التنمر هو إلحاق الأذى أو السيطرة على الشخص المستهدف أو جعله يشعر بالخوف وعدم الارتياح. ويتخذ أشكالًا متعددة، ليس محصورًا في المدارس أو الأماكن العامة فقط، بل يمتد ليشمل بيئات العمل أيضًا ويسمى التنمر الوظيفي، الذي قد يكون واضحًا وصريحًا، كالتنمر اللفظي أو الجسدي، وقد يكون ناعمًا وخفيًا، مما يجعله أكثر صعوبة في التعرف عليه ومواجهته. والتنمر الوظيفي الناعم لا يتضمن الإهانات الصريحة أو الاعتداءات الجسدية، بل يتجلى في سلوكيات خفية تؤثر على الضحية بشكل نفسي وعاطفي. يمكن أن يتضمن هذا النوع من التنمر تجاهل الأفكار والمساهمات، والتلاعب بالمعلومات، أو حتى التمييز في توزيع المهام والفرص. في بيئات العمل المختلفة، قد نجد قصصًا عن موظفين يتم تجاهلهم في الاجتماعات، أو يتم تحميلهم مسؤوليات زائدة دون تقدير، أو يتم تهميشهم بشكل مستمر. وقد يكون على شكل مدح يراد به تخدير الموظف ليظل في دائرة مفرغة يراوح حولها دون تحقيق إنجاز أو نيل مرتبة. والأضرار الناتجة عن التنمر الوظيفي الناعم يمكن أن تكون جسيمة. فقد يشعر الموظف بالقلق، الاكتئاب، وفقدان الثقة بالنفس، مما يؤثر على أدائه وإنتاجيته. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التنمر إلى زيادة معدلات الغياب عن العمل، وتفاقم المشاكل الصحية، وحتى ترك العمل في بعض الحالات. ناهيك عن خسارة منظمة العمل طاقات وجهود نافعة وتسرب الكفاءات إلى جهات أخرى. إن الأمم لا تنهض وتزدهر إلا من خلال سواعد أبنائها، وتحقيق الأهداف يتطلب بيئة عمل صحية وخالية من التنمر و "الشللية" والفساد. يجب على الجميع العمل معًا لمكافحة التنمر الوظيفي الناعم، من خلال تعزيز ثقافة الاحترام والتقدير المتبادل، وتوفير الدعم اللازم للموظفين الذين يعانون من هذا النوع من التنمر. فقط من خلال التعاون والتضامن يمكننا بناء بيئات عمل مزدهرة ومستدامة. فالمسؤول الكفء هو ذلك الذي يحيط نفسه بكوكبة من الموظفين الذين يملكون مهارات وخبرات ومعرفة قد لا يملكها من أجل توظيفهم لنجاحه ونجاحهم ونجاح العمل وتقدم المنظومة.