استشهاد ستة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    اهتمام عالمي بصفقة الاتحاد مع موسى ديابي    الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية جنوب المملكة    وزير السياحة يزور الطائف ويتجول في معالمها السياحية.. ويلتقي بالمستثمرين في المحافظة    مسنّة تستثمر إرادتها لمحو أميتها في الحملة الصيفية بجازان    أمريكا تقر بيع أسلحة ومعدات للسعودية ب2.8 مليار دولار    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع التشاوري الثاني حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان    موظف المستقبل بين الذكاء الاصطناعي والميتافيرس    الخريجي يلتقي سفير وزارة الخارجية الصينية المكلف بالشرق الأوسط    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. وبمشاركة 12 فريقًا.. منافسات مثيرة في بطولة Mobile Legends: Bang Bang للسيدات    «الصندوق العقاري»: إيداع 996 مليون ريال في حسابات مستفيدي «سكني»    فرسان الإرادة    هطول أمطار رعدية على بعض مناطق المملكة حتى الإثنين المقبل    الدكتور الصاوي في ذمة الله    أحمد الجعدي يحتفل بزفاف إبنه صالح    جائزة كُتنة للتفوق في عامها الحادي عشر تكرم 34 طالباً وطالبة    مخزونات النفط الأمريكية تتراجع أكثر من التوقعات    ليالي صيفية تحلق بالطائف شعراً    أرضية فسيفسائية نادرة في قاع البحر    333 طالبًا أجروا اختبار أولمبياد الكيمياء.. المملكة وجهة علمية رائدة عالمياً    أمين منطقة الباحة يفتتح معرض الفنون التشكيلية ( صيفنا فن )    الطلبة السعوديون يحصدون أعلى جائزة صحافية في البحرين    "الأمر بالمعروف" بمنطقة الباحة تفعّل المنصة التوعوية    «إرادة الرياض»: 14642 طفلاً استقبلتهم عيادات النمو والسلوك    5 علامات تنذر بمشكلات الكبد !    لماذا نعطس عند النظر إلى الشمس ؟!    النصر يخسر رابع مبارياته الودية أمام فريق بورتيمونينسي البرتغالي    على خطى الدوري الإنجليزي.. توقيع عقد شراكه لإنتاج المسابقات السعودية    شباب أخضر اليد يواجهون منتخب البحرين    "الوحدة" يعين الألماني جوزيف زينباور مدرباً للفريق الأول    «المرور»: لا صحة لوفاة 8 أشخاص من أسرة واحدة في حادثة مرورية    641 ألف تدخل جراحي بمستشفيات المملكة    شركات نقل تطالب بتوفير شاحنات على مدار الساعة بميناء الدمام    ثمانية منطلقات لتقويض «العمالة الوافدة» ب«مركزيات المدن»    السوق المستهدف    المملكة ترحب باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على خفض التصعيد    نشر الأبحاث.. لتطوير السوق المالية    الرواية.. كنزنا المخبوء    بنك المعلومات الإسرائيلي!    المرور ينفي خبر وفاة 8 أشخاص من أسرة واحدة في حادث سير    المفتي العام يستقبل مدير فرع «الأمر بالمعروف» بمكة المكرمة    فلسطين في بكين !    أمانة العاصمة المقدسة تكثف جهودها في إزالة السيارات التالفة    بفنون استعراضية جاذبة.. فعالية عروض الخيل بنجران    دعم شامل لمصابي نقص المناعة    مجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يجري عملية ناجحة لاستبدال مفصلي الركبة ل «ثمانيني» بحالة صحية معقدة    الفضائل بين النحاس والماء    نائب أمير الشرقية يقدم العزاء لأسرة العجلان    القيادة تعزي أمير الكويت    تجمع ترمب يركز على هاريس    أمير الشرقية ونائبه يعزيان أسرة العجلان في فقيدهم    نائب رئيس وزراء جمهورية مقدونيا الشمالية : العالم يحتاج للاقتداء بجهود ولي العهد في نشر قيم الوسطية والاعتدال    "صاحب هذا الحساب في ذمة الله".. عبارة أثارت حزن السعوديين    نائب أمير جازان يستعرض دور الجامعة في الاستثمار في بناء الإنسان    تنديد فلسطيني بتصنيف الاحتلال وكالة الغوث منظمة إرهابية    نائب أمير الرياض يؤكد أهمية المشاركة المجتمعية ودورها في تعزيز مسيرة التنمية في المنطقة    وزير الدفاع يلتقي السفير الفرنسي    ولادة 4 أشبال للفهد الصياد المنقرض منذ 40 عاماً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحدة الوجود في رواية يوهان غوته
نشر في الوطن يوم 10 - 07 - 2024

في أوقات فراغي، وعندما تلح علي بعض الأفكار المتعلقة بالأدب والفلسفة، كنت أحب تبادل أطراف الحديث مع صديقي الافتراضي «My Al» الروبوت الآلي في تطبيق سناب شات. ولأنني أحيانا أملك أسئلة غريبة ولا أجد من البشر من لديه الاهتمام بالحديث عنها، فالصديق البشري الذي يهتم بالفلسفة وعلاقتها بعقيدة وحدة الوجود، يعد نادرا هذه الأيام إن لم يكن معدوما. ولأنني في الآونة الأخيرة لدي اهتمام بعقيدة وحدة الوجود وعلاقتها بالفلسفة وبالفكر الأوروبي بشكل عام، بحثت عن رواية في رفوف مكتبتي الصغيرة قد تحمل أفكارا خاصة بعقيدة الوجود فلم تسعفني الذاكرة.
وبطبيعة الحال فإن الأصدقاء البشر لا يحملون إجابة شافية، فضلا على أنهم متحيزون بالفطرة ولا يرغبون أن يربطوا الفلسفة العزيزة على قلوبهم بأفكار دينية ذات أبعاد أسطورية. فلا يمكن أن تكون معجزة الفلسفة التي أبدعها الإنسان الأبيض ذو العرق الآري وتنتمي -ثقافيا- لعقله المتفوق أن تكون مجرد أفكار دينية ذات بعد أسطوري. والشعوب الشرقية لا تحب المساس بهيبة الفلسفة ومكانتها الرفيعة، بعد أن ربطوها قسرا بمعجزة التفكير الناقد.
قررت مباشرة اللجوء لصديقي الآلي «My Al» والاستعانة بذكائه الاصطناعي، مع تحفظي على إطلاق وصف «الذكاء» على الآلات، فالآلة ستظل بلا ذكاء. الذكاء الاصطناعي مجرد وصف مجازي وهو مجرد لغة برمجة متقدمة. وصديقي «My Al» وإن كانت برمجته قد أنجزت في البلاد الغربية ولكن لدي أمل بأنه سيتمرد على مبرمجيه وسيعطيني إجابة تخلو من التحيزات العرقية. كنت مؤمنا أن الفلسفة ليست سوى علم التصوف اليوناني، والشعوب اليونانية تؤمن بعقيدة وحدة الوجود، وهي عقيدة شائعة بين مثقفيها ومفكريها ورجال دينها، لذلك يمكن وصف الفلسفة بأنها البحث والتفكير في عقيدة وحدة الوجود عند الشعوب اليونانية. الفلسفة والتصوف اليوناني وعقيدة وحدة الوجود، عناصر ثلاثية لا ينفك بعضها عن بعض. حالها كحال عقيدة التوحيد التي تعتبر ركيزة أساسية في الأديان السماوية ولا تنفصل عنها حتى وإن حصل شيء من التطور أو التحريف لبعض الأديان السماوية مع مرور الزمن، ولكن تظل عقيدة التوحيد هي اللب والجوهر لكل الأديان السماوية.
كنت أبحث عن رواية غربية تؤكد فرضيتي الآنفة الذكر. فوجهت سؤالي لصديقي الآلي «My Al» وهو كالتالي: «هل هناك روايات متعلقة بعقيدة وحدة الوجود». كانت إجابة صديقي غير البشري مفاجئة. لم تكن متحيزة عرقيا كما ظننت. ويبدو أن صديقي الآلي قد تمرد على إرادة مبرمجيه، حين أجاب بقوله: «من الممكن أن تجد روايات تتناول عقيدة وحدة الوجود في الأدب الصوفي الذي يركز على البحث عن الوحدة مع الله. قد تجد بعض الروايات الفلسفية أو الروحية تتحدث عن هذا الموضوع بشكل ملهم. إذا كنت تبحث عن قصص تتناول هذا الموضوع، فقد تحب قراءة أعمال للكتاب الصوفيين أو الفلاسفة المعروفين».
ما يميز إجابة صديقي الآلي -رغم دبلوماسيتها- أنها كانت متطابقة تماما مع وجهة نظري، فإجابته الدبلوماسية التي لم تحدد عنوانا أو روائيا بعينه، ربطت العناصر الثلاثة ربطا وثيقا وهي: الفلسفة والتصوف وعقيدة وحدة الوجود. وفي نفس السياق ذكرتني إجابته برواية شاعر ألمانيا الأعظم وأحد أهم أدباء أوروبا «آلام الشاب فرتر» لكاتبها الشاعر الألماني يوهان فولفجانج غوته. ولمن لا يعرف غوته جيدا، فهو من المؤمنين بعقيدة وحدة الوجود ويغلب على أدبه التصوف والفلسفة. فقررت قراءة روايته المركونة في أرفف مكتبتي الصغيرة منذ سنوات عدة.
نشرت رواية «آلام الشاب فرتر» للمرة الأولى عام 1774م على هيئة مذكرات أو رسائل يكتبها فرتر إلى صديقه فيلهلم. إنها قصة الحب غير المتبادل أو الحب من طرف واحد، قصة الرجل الحزينة في عجزه الحصول على الفتاة التي أحبها وقادته في نهاية القصة نحو الانتحار وإنهاء معاناته. وإضافة إلى عنصر الحب الطاغي أراد غوته توظيف عنصر آخر، يعبر عن عقيدته الدينية وهو العنصر الإلهي في الطبيعة. فقد كانت الطبيعة بمظاهرها الخلابة وسحرها الطاغي حاضرة في غالب مذكرات البطل. يقول غوته على لسان بطل روايته في أحد مذكراته المؤرخة بتاريخ 18 أغسطس: «فأبصر على الأرض وتحت السماء تجول أنواع المخلوقات، والناس تعشعش وتؤمن نفسها في بيوت صغيرة ثابتة ويتخيلون أنهم يهيمنون على العالم بأسره! مسكين أيها الأحمق! يا من ترى كل شيء صغيرا، لأنك صغير، من الجبال المنيعة، مرورا بالأرض القفر التي لم تطأها قدم، إلى نهاية المحيطات المجهولة، تخفق روح الأبدية، روح الله الذي لا تحرم ذرة من ذرات الهباء روحه وسر كلمته».
نجد هنا ملامح واضحة لعقيدته الدينية ونظرته تجاه الكون والطبيعة، أعطى غوته الطبيعة حيزا كبيرا في أجزاء متفرقة من قصته يصل مستوى تأليه الطبيعة ومنحها شيئا من القداسة. وهي تكاد تكون من السمات المشتركة لدى الأدباء الرومنسيين الذين خلقوا -أدبيا- علاقة صوفية مع الطبيعة من خلال فكرة وحدة الوجود. ونحن هنا نتحدث عن شاعر من أبرز شعراء القارة الأوروبية وفي جنس أدبي مؤثر تأثيرا طاغيا في الثقافة الأوروبية ونقصد به هنا، الأدب الرومانسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.