وضع الكاتب الصحفي الدكتور علي الخشيبان الخطاب الثقافي في قفص الاتهام عندما تحدث عن الهوية والوطنية في الخطاب الثقافي السعودي، مشيرا إلى أن الهوية والوطنية في الخطاب الثقافي عانت كثيرا خلال ال30 عاما الماضية. وقال الخشيبان مساء أول من أمس في الأمسية الثقافية التي نظمها نادي الطائف الأدبي عن الهوية والوطنية في الخطاب الثقافي، وأدارها خالد الحسيني "لا يوجد شك في الهوية والانتماء، ولكن صياغتها في السياق التربوي والثقافي والإعلامي لا يزال ينقصها الكثير". وأشار إلى أن ما يحدث في اليوم الوطني من هفوات في التعبير عن الفرحة يعود إلى أن الهوية الوطنية لم توضع في الخطاب الثقافي والإعلامي في مكانها الصحيح. وكشف الخشيبان عن وجود تناقض داخل المجتمع وصراع لا بد أن يحسمه الخطاب الثقافي حول الهوية، مشيرا إلى أن الأممية لعبت دورا كبيرا في إخفاء قضايا مهمة مثل قضية الوطن والمواطنة والحدود الجغرافية، وأن الخطاب الثقافي ما يزال قاصرا في مناقشة هذه الصراعات، مؤكدا أن القضايا الخلافية لا تحسم في مقالة أو محاضرة وإنما بحوث وكتب مؤصلة. وبين أن الخطاب الثقافي أصبح يخاطب المواطن بتوعية بيروقراطية تختفي بانتهاء يوم معين، وقال "نحتاج شحن همم واستعراض بطولات وامتنان لأولئك الذين صنعوا الوطن". وتحدث الخشيبان عن مصطلح الخصوصية في المجتمع السعودي متسائلا هل هويتنا هي خصوصيتنا؟ واستطرد قائلا "هذه الفكرة تغيب عن مخيلتنا عندما نناقش الهوية، فهناك تداخل بين الهوية والوطنية الهوية مرتبطة بذات الفرد والوطنية مشتركة. وبين أن الهوية ليست خصوصية، فالخصوصية نسق اجتماعي لا يعبر عن الهوية الوطنية، مشيرا إلى أن الهوية مقبولة في المجتمع عندما تكون على قائمة مرتكزات تعبر عن كل الوطن، وأكثر المجتمعات العالمية لا تستخدم كلمة خصوصية وإنما كلمة هوية، مطالبا بأن تستبدل كلمة "خصوصية المجتمع السعودي" بكلمة "هوية المجتمع السعودي". وأكد أن التميز التاريخي هو الذي ميز هذا الوطن غير المكتسبات الاقتصادية، لافتا إلى أن المملكة نشأت بفكرة جديدة تختلف عن البلدان الأخرى وهي فكرة التوحيد لا الاستقلال. وأشار إلى أن المواطنة في الخطاب الثقافي السعودي غابت خلال الثلاثين سنة الماضية، وجاء التحول من المحلية إلى الأممية، مشيرا إلى أن المؤثرات التي تعرض لها المجتمع جعلت فكرة الأممية تطغى على فكرة الوطنية، معتبرا أن الأمة الإسلامية جزء من شعورنا العقائدي ولكن الأممية مساحة شاسعة لا يمكن حصرها. وقال الخشيبان "خلال 20 سنة لم يقع في يدي كتاب وطني بالمعنى الذي كنت أجده في الكتب في مرحلة الدراسة قبل ثلاثة عقود"، مشيرا إلى أن هناك علاقة غائبة بين المواطنة والخطاب الثقافي. وأوضح أن الثقافة خلال العقود الماضية أصابها نوع من الانحسار فلم تكن مؤثرة، ويتضح ذلك في غياب الأندية الأدبية ودور الأندية الرياضية التي كانت تقدم الأمسيات والمسرحيات والشعر، مشيرا إلى أن مثقفي جيل التسعينات الهجرية هم نتاج تلك الأجواء. وأشار إلى أن المواطنة لا بد من قياسها وهي عملية ليست سهلة؛ فهناك جوانب بارزة وجوانب خفية، فالظاهرة تكمن في الاحتفالات، أما الخفية فتكمن في الأمانة والمشاركة في التنمية والإحساس بالوطن وأن الشخص جزء مهم في تحول الوطن من حالة إيجابية إلى حالة إيجابية أخرى. من جهة أخرى، أعد نادي الطائف الأدبي مساء أول من أمس برنامجا خاصا عن اليوم الوطني شمل عددا من الفعاليات. وبدأ البرنامج بتوزيع عدد من إصدارات النادي الوطنية على المواطنين في الميادين العامة والأسواق وفي إشارات المرور، وعرض النادي فيلما وثائقيا عن مسيرة المملكة وحكامها منذ عهد المؤسس، وقدم الشعراء تركي القرني وفوزي خضر وصالح الثبيتي قصائد وطنية منبرية.