الإدمان على عمليات التجميل، الإدمان على الطعام، الخوف المبالغ فيه من التقدم في العمر، الخجل من الوضع الاجتماعي، الإحساس بانخفاض الاستحقاق، توجيه السخرية والنقد للذات، الانخراط في موجات بكاء وحزن مفاجئة، الشعور الدائم بالخمول وانعدام الدافعية... تنتشر هذه الأعراض وغيرها بين النساء، وتدل بوضوح على حالة من الاضطراب النفسي. تتعرض النساء للاضطرابات النفسية بشكل أكبر من الرجال. وهذه الحقيقة لا تزال ضمن المسكوت عنه في كثير من المجتمعات. كما أن صعوبة تلقي العلاج تزداد عند النساء لأسباب عديدة من ضمنها حالة الإنكار الشائعة لدى النساء فتكون هي ذاتها غير مدركة لحاجتها للعلاج النفسي، هذا مع النزوع للماورائيات لتفسير أي اضطراب تشعر به المرأة مما قد يدفعها للجوء للدجالين والمشعوذين بدلا من السعي للتشخيص الصحيح والعلاج المناسب. كما تلعب النظرة المجتمعية السلبية للمرض النفسي دورا في صعوبة العلاج بخاصة في حال عدم استقلال المرأه وارتباط قراراتها الشخصية بأسرتها. من جهة أخرى فإن كثيرا من الأطباء يخطئون في فهم المؤشرات الجسدية للمرأة والتي قد يكون منشؤها نفسيا، مما يفوت عليها الحصول على العلاج المناسب. تنشأ الاضطرابات النفسية لدى النساء لأسباب عديدة منها ما هو مرتبط بحالتها الهرمونية، ومنها ما هو مرتبط بالمستوى العاطفي والانفعالي المصاحب لإحساسها المستمر بمسؤولياتها الاجتماعية أو المهنية. أو ذلك الناتج عن تجاربها الحياتية ومعتقداتها الشخصية. وأشير هنا إلى أن الاهتمام بالصحة النفسية للمرأة يؤدي لرفع المستوى الصحي والاقتصادي للمجتمع بأكمله، ذلك أن لمعظم الأمراض التي تعانيها النساء بما في ذلك الأورام منشؤها نفسي تماما، وكأنما المرأة تستخدم جسدها للتعبير عن آلامها النفسية. الجدير بالذكر أنه في عام 1995 أنشأت الكلية الملكية للأطباء النفسيين في المملكة المتحدة قسما خاصا بالصحة النفسية للمرأة. يعنى هذا القسم بتقديم البحوث والدراسات وإجراء الاستكشافات في كل ما يتعلق بصحة المرأه النفسية. ومنذ ذلك الحين بدأ الالتفات لخصوصية الاضطراب النفسي عند النساء وأطيافه المتعددة. ختاما.. أدعو لاعتماد مادة إرشادية تقدم ضمن البرامج التعليمية اللاصفية تستهدف المراحل العمرية المبكرة فتكون أشبه بجرعات لقاح نفسية وقائية، تركز على توجيه الوعي لدى الفتيات نحو فهم انفسهن وطبيعتهن ورفع قدراتهن على التعامل مع ذواتهن في مختلف الظروف.