نمو اقتصاد اليابان بمعدل 6ر0% خلال الربع الأخير    مساعد رئيس مجلس الشورى تستعرض أمام لجنة المرأة بالأمم المتحدة مسيرة تمكين المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها بصنع القرار    قوات الاحتلال الإسرائيلي تفجر منزلًا في الضفة الغربية    في بيان مشترك..السعودية وأوكرانيا تشيدان بمتانة الروابط الاقتصادية وترحبان بإعادة إنشاء مجلس الأعمال السعودي الأوكراني المشترك خلال 2025 م    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن غزة    مواصفات العلم السعودي عبر التاريخ    العلم السعودي.. احتفاء برمز الوحدة والفخر    رمز متوارث للدولة والوطن.. الراية السعودية خفاقة منذ ثلاثة قرون    المملكة تُرحّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية    العالم يعوّل على محادثات جدة لإحلال السلام بأوكرانيا.. السعودية منصة وساطة عالمية لإنهاء الصراعات    الاحتلال قطع الكهرباء ودمر محطات المياه ومنع إدخال المساعدات.. تحذيرات أممية من جوع وإبادة جماعية في غزة    تحت رعاية سمو ولي العهد.. مؤتمر مبادرة القدرات البشرية يناقش تسخير الإمكانات للتنمية    في إياب ثمن نهائي نخبة آسيا.. الأهلي لتأكيد التأهل أمام الريان.. والهلال لتخطي باختاكور    دك شباك استقلال طهران بثلاثية.. النصر يتأهل لربع نهائي النخبة الآسيوية    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول الأوفر حظاً للتأهل.. وليفركوزن يحتاج معجزة    التعليم.. و تطبيق تجارب الآخرين    البسامي يراجع خطط القطاعات الأمنية المشاركة بالحرمين    أكد أن الوزارة ستكون حازمة في محاسبة الشركات المقصرة.. الربيعة: القيادة حريصة على متابعة خدمات ضيوف الرحمن    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    سمو أمير المنطقة الشرقية يدشّن مبادرة "الشرقية الخضراء"    الفوزان إخوان.. وهَبات من الخير    يوم العلم والكشافة السعودية    بلدية النعيرية تطلق فعاليات رمضان يجمعنا في نسختها الثالثة بمقر بسوق الأسر المنتجة    المملكة واحة استقرار    جيسوس: لا مجال للخسارة    استضافة نخبة من الإعلاميين والمؤثرين في "إخاء عسير"    هل تنسحب أمريكا من حلف الناتو    رانج المحدودة تنظم إفطارًا رمضانيًا لشركاء النجاح بجازان    عبدالعزيز بن سعد يشيد في القفزات النوعية لأمانة حائل    أمير القصيم يبارك انطلاقة أمسية " تراحم " الرمضانية لدعم اسر السجناء والمفرج عنهم وأسرهم    الخليج وصيف الدوري السعودي الممتاز لكرة الطاولة    التاريخ الشفهي منذ التأسيس.. ذاكرة الوطن المسموعة    أمير حائل يكرّم طلاب وطالبات تعليم حائل الفائزين بجائزة "منافس"    انطلاق منافسات بطولة التنمية الرمضانية السادسة بالبكيرية    11 مارس.. وطن مرفوع الرأس    جمعية الدعوة بأجياد توزع أكثر من 4000 مصحف مترجم على ضيوف الرحمن خلال العشر الأولى من رمضان    هل تخدعنا التفاصيل؟    التستر التجاري ونقص فرص شباب الوطن    لتكن خيرًا لأهلك كما أوصى نبي الرحمة    لقد عفوت عنهم    "البصيلي": يلقي درسًا علميًا في رحاب المسجد الحرام    محافظ الطائف يُشارك أبناء شهداء الواجب حفل الإفطار    أمسية شعرية في ثلوثية الراحل محمد الحميد    مبادرة مواطن تحيي بيش البلد    النصر يدك شباك الاستقلال بثلاثية.. ويتأهل لربع نهائي النخبة الآسيوية    250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    %90 مؤشر الرضا عن أمانات المناطق    أبو سراح يطلق مجلس التسامح بظهران الجنوب    تعليم الرياض يحتفي بيوم العَلم    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    8 طرق لاستغلال شهر الصوم في تغيير النمط الغذائي    السعودية تحتفي غدًا بيوم العلم اعتزازًا بقيمه الوطنية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم حملة "صُم بصحة"    ملتقى القوى التأهيلي يتوج أبطاله    رئيس جمهورية أوكرانيا يصل إلى جدة    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة إسرائيلية للاحتلال ولا خطة لدولة فلسطينية
نشر في الوطن يوم 25 - 02 - 2024

أصبحت بداية شهر رمضان الموعد الأقرب ل«الهدنة الموقتة»، لكنه بعيد بمقياس عذابات سكان غزّة وأيام الحرمان من أبسط متطلّبات العيش، عدا القصف الإسرائيلي والموت الذي يطاردهم. فأصعب الأوقات وأخطرها في كل الحروب هي تلك التي تسبق الهدن، وقد تستغلّ إسرائيل الأسبوعين المقبلين لمواصلة التصعيد وارتكاب مزيد من المجازر أو البحث عن أهداف لم تدمّرها بعد في القطاع كما فعلت، أخيراً، بمنزل الراحل ياسر عرفات، وهو بالتأكيد ليس مقرّاً ل«حماس»، لكن نزعة الانتقام لا تعترف بأي رمزية ولو معنوية. وطالما أن الجيش الاسرائيلي أخفق في إنهاء قدرات «حماس» والفصائل، ولا يزال يتلقّى ضربات يخسر فيها قتلى وجرحى، فإنه سيستمرّ في عملياته حتى اللحظة الأخيرة التي تسبق وقف اطلاق النار، سواء لتأكيد أن الهدنة ليست نهائية بل سيكون هناك ما بعدها، أو لترسيخ خريطة بقائه في غزّة على رغم وقف القتال تسهيلاً لتبادل الرهائن والأسرى، وكذلك للحفاظ على تموضعه للهجوم لاحقاً على رفح.
أعادت واشنطن إحياء مفاوضات الهدنة، فارضة على الجميع شروط «الممكن»، متخطّية بنيامين نتنياهو وبعضاً من «لاءاته» الاستعراضية، ومستعينة بالوسيطين المصري والقطري لتليين شروط «حماس» وإقناعها بصعوبة الحصول على انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع لأنه مرفوض حتى أمريكياً، أو على إطلاق العدد الذي تتوخّاه من الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن الإسرائيليين. وعدا أن طرفي الحرب يرغبان في الهدنة، فإن الإدارة الأمريكية كطرف ثالث تريدها أيضاً، فعلى رغم استسهالها إشهار «الفيتو» في مجلس الأمن، فإن احتجاجات الرأي العام الداخلي بلغت درجة فاقت التوقعات في الجسم الانتخابي الذي يعوّل عليه جو بايدن وباتت تقلقها فعلاً، كما أنها لم تعد قادرة على تجاهل احتجاجات الرأي العام الدولي الذي اضطر حلفاءها لمطالبتها بأن تفعل شيئاً لتحريك تصلّب نتنياهو ووزرائه المتطرّفين. وفيما شكّل إقرار الكونغرس المساعدة المقرّرة لإسرائيل حافزاً مسهّلاً لإرسال مبعوث بايدن، بريت ماكغورك، الى مصر وإسرائيل لإبلاغهما وجوب إنهاء المماطلة في شأن الهدنة، فقد استُبقت هذه الخطوة أيضاً بالتلويح بأن واشنطن نفسها تفكّر في تقديم مشروع قرار الى مجلس الأمن يطلب وقفاً موقتاً لإطلاق النار.
في غضون ذلك، بدأت محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع إلى إحاطات الدول حول الاحتلال الإسرائيلي والتبعات القانونية المترتبة عليه. وعدا الولايات المتحدة والدول الغربية التي تفادت مسألة الاحتلال وقانونيته لتركّز على «أمن إسرائيل» و«المفاوضات» من أجل «حلّ الدولتين»، فإن غالبية كبيرة من الدول ظهّرت الإشارة إلى «لا قانونية الاحتلال» والمطالبة بإزالته، كذلك «وقف الاستيطان» وضرورة احترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واحترام خصوصية القدس بالنسبة إلى الفلسطينيين... فهذه وغيرها من الحقوق التي تنتهكها إسرائيل، في إطار مخالفتها للقوانين الدولية، هي من متطلبات «حل الدولتين» كتسوية عادلة. صحيح أن الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي ليس ملزماً لأي حكومة إلا أنه سيحدّد بوضوح ما هو قانوني أو غير قانوني في ما يتعلّق بالاحتلال الإسرائيلي وممارساته، وسيكون رأي المحكمة سلاحاً إضافياً للدول كافة وخصوصاً للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولن يستطيع أي طرف دولي تجاهله خلال أي بحث مقبل في القضية الفلسطينية وسلوكيات الاحتلال الإسرائيلي.
قد يكون من انعكاسات هذا الحدث في محكمة لاهاي أن يقول وزير خارجية أمريكي، للمرّة الأولى، إن الاستيطان «يتعارض مع القوانين الدولية». فهذا ما أعلنه أنطوني بلينكن تعليقاً على قرار لحكومة إسرائيل بإنشاء 3300 وحدة استيطانية جديدة، ما لفت المراقبين إلى أنه يتراجع عن قرار اتخذ في عهد إدارة دونالد ترمب وعُرف ب«مبدأ بومبيو» وكان جزءاً من سلسلة لاءات لتغيير مصطلحات أي مقاربة للملف الفلسطيني، ومنها الاعتراف بشرعية المستوطنات، وعلى رأسها تغييب مصطلح «الاحتلال» وتشريع «ضمّ الأراضي». غير أن التجربة برهنت أن كلام أي رئيس أو وزير في الإدارة لا يشكّل سياسة ثابتة ودائمة للولايات المتحدة، فهذه ليست «مبدئية» ولا مراعية للقانون الدولي بل تستند إلى المصالح السياسية. لذلك يبقى الكلام الذي كرره بلينكن مراراً موضع شك، وهذا ينطبق على «حل الدولتين» ورفض تهجير الفلسطينيين وإعادة احتلال قطاع غزّة والاقتطاع من مساحة الأراضي الفلسطينية. فكل ذلك يخضع للأمر الواقع الذي تفرضه قوات الاحتلال على الأرض.
في هذا السياق يُمكن النظر إلى «خطة اليوم التالي» التي طرحها نتنياهو وصاغها من الأفكار التي كرّرها في مؤتمراته الصحفية، متمشياً مع «العقيدة» التي يتشاركها مع بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ويعتبر نفسه زعيماً تاريخياً أوحد قادراً على تجسيدها. تستعيد «الخطة» ما كان صاحبها عرضه على منبر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وأبرز ما فيها خريطة «السيطرة الأمنية على كل المناطق غربي نهر الأردن»، أي ما يشتمل على الضفة الغربية وقطاع غزّة، وكان ذلك عشية «طوفان الأقصى» والحرب التي أعقبته وأتاحت في ما أتاحت لإسرائيل شهوراً طويلة من سفك دماء المدنيين والتدمير الجراحي لغزّة، بدعم أمريكي- غربي مطلق، ومن دون أي تفكير في وقفها عند حدّ يبقي مساحة تفاوض واقعية للحلول السياسية. وبمعزل عن إمكان تحقيق هذه «الخطة» أم لا فإن نتنياهو ليس مخطئاً بقوله إنها «تعكس إجماعاً شعبياً» في إسرائيل، إذ إن تأييد الرأي العام الداخلي للحرب ظل كبيراً على رغم قضية الرهائن والرفض السياسي العارم لوجود نتنياهو في السلطة.
لا تستبق «الخطة» فقط كل طرح جدي لخيار «الدولة الفلسطينية» وكل تسويات يمكن أن تتبلور في الخارج، وكل ما سيصدر عن محكمة لاهاي في مسألتي «لاقانونية الاحتلال» و«الإبادة الجماعية»، بل ترتكز إلى أن أهمّ الأهداف الأساسية للحرب (إعادة احتلال غزّة وإخراجها من الخريطة الفلسطينية) تحقّق بنسبة كبيرة، وتتعامل مع تهجير الغزّيين على أنه حاصل بشكل أو بآخر خصوصاً أن دولاً كثيرة تدرس منذ فترة نسب المهجرين التي يمكنها استيعابها ولا تبحث في أي خطط لإبقاء السكان في القطاع بل فقط في مساعدتهم إنسانياً على عدم السقوط ضحايا الجوع والأمراض. وبموازاة ذلك تعيد «الخطة» طرح خيار «الوطن البديل» من دون إشارة مباشرة وصريحة إليه، إذ شكلت ممارسات قوات الاحتلال والمستوطنين ما يمكن اعتباره إرهاصات الحرب التالية في الضفة الغربية عبر تهجير سكان عديد من القرى الفلسطينية... تعلمت إسرائيل من تجربة تحالفها مع الولايات المتحدة أن أي إدارة يمكن أن تتكيّف مع أي خطة إسرائيلية تفرض عليها مهما بدت خيالية أو غير قانونية، فهكذا كانت «صفقة القرن» مع ترمب، وهكذا يمكن أن تُستكمل معه إذا أعيد انتخابه، أما إذا فاز خصمه بايدن فإنه سيكون عندئذ أكثر ارتياحاً في تسهيل الأطماع الإسرائيلية.
* ينشر بالتزامن مع موقع «النهار العربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.