أبعاد تربوية وحياة اجتماعية كانت تعتمد في سلوكها على القوة والفتوة والشراسة لدى بعض الطلاب، إنهم صعاليك مارقون من عنفوان المراهقة. مسلسل ثانوية النسيم أثار الفضول لدى الكثيرين، بأن المدرسة نواة يستقي منها هؤلاء السلوك العدائي وإثارة الفضول لدى الضعفاء بأنهم قدوة في خيال القوة والعبث والشجاعة والتصرف المخيف، إنها حقبة من الزمن كانت انعكاسا جليا يظهر الشبح المرعب في مظاهر هؤلاء المراهقين، إنه الهروب من فجوة الألم والانكسار وضجيج الأسر لكي يدفنوه في دواخلهم التي تئن باليأس والحرمان وضياع المستقبل في هذه البيئات التعليمية. هم أناس طيبون بين أهليهم وجيرانهم ومحيطهم، فيهم الاحترام والتقدير والحياء ولديهم الطموح والفكر والذكاء، ولكن هذا كله تطمس ألوانه مع أصدقاء أو شلة أنس على موائد الشيطان، يحملون أقلام الألوان الزاهية في حياتهم ليطمسوا الأمل، لأنهم لا يجيدون فن الرسم طريق مستقبل الحياة، فيخلطون هذه الألوان الممزوجة بالطموح مع بعضها، فيظهر السواد الأعظم في لوحات تفكيرهم، فإن كل شيء قد طمست معالمه من هذه الألوان الفكرية والتخطيط الأعمى التي أظهرت عضلاتهم قبل عقولهم، وأصبح الطريق مفروشا بالتشجيع من المحيط البائس أن هذه الأفعال هي الشجاعة والقوة والرجولة، فيكون جماح المراهقة تصرفات عمياء تثير القلق في محيط المدرسة. كل منهم يدفن طموحه وأمنياته في نفسه خوفا من تهكم الآخرين عليه إنه فقدان للثقه. عندما يجتمعون مع بعضهم يكون الصفاء عتبا فتجدهم ضعفاء عندما تصفو نفوسهم، أو يتلقون الملامة من أسرهم بأنهم ضائعين لا فائدة مرجوة منهم، فتجد دموعهم منهمرة حسرة وندما في زواياهم المظلمة، فيكون المال هو القشة التي يرونها بأنها طوق النجاة، ويبدأ التفكير في التوقف عن التعليم والسير نحو العمل البسيط لكي يسد رمق الجوع في نفوسهم وأسرهم، وقد تكون حاجة الأسر هي انعكاس فعلي لهذا الطالب. لقد اختلف الآن الكثير ما بين طالب الأمس وطالب اليوم، شكلا وفكرا الذي يحاول الاعتماد على الذات مبكرا، لقد كان التعليم مغيبا عن كثير من الأسر، نظرا لانشغالهم في توفير لقمة العيش داخل الأسرة، والمدرسة هي المحيط الذي تمتزج فيه الأدوار، فالمعلم بثقافته يحاول جاهدا أن يؤدي مادته بالطريقة التي تصل إلى طلابه ويكتفي بهذا ويتعامل بقسوة مع الطلاب كردة فعل مغايره لإثبات هويته وسطوته، والمدير يقوم بالدور الريادي، ويكون إداريا بحتا في ضبط جماح المعلمين والطلبة بأسلوب فيه القوة والتوجيه الصارم والتعامل مع المشكلات بأسلوب حاد لا يقبل الحوار إلا بحضور ولي الأمر، وإذا حضر الولي يطلق قولته الشهيرة: لك اللحم ولنا العظم، إن الأسلوب العلمي والتربوي كان مغيبا تحت غطاء الهيبة والخوف من هذا المعلم، الذي لا يقبل الجدال والحوار ولا يبحث عن مشكلات الطلاب ولا يزور ولا يشارك الهموم ولا يتعرف أكثر على التفاصيل، فكره لا يتقبل هذا فيكون الانصدام أحيانا بواقع مرير له ارتباط جذري بالأسرة التي هي منطلق للحياة والحوض الحقيقي لزراعة الأبناء. ما زالت هناك زوايا مظلمة في المدارس تحتاج إلى نبراس لمثل (الأستاذ عبدالله في المسلسل)، هؤلاء المعلمون العلميون التربويون الناصحون هم من يزرع الفكر ويبني الطموح ويثير الاهتمام بالتفاصيل لنجد أبناءنا نواة الوطن ومستقبله، إنها الحياة الأسرية والتربوية والتعليمية منظومة لا تكاد تنجلي إلا بالتكامل والتعاون.